ارشيف من :أخبار لبنانية

مؤتمر ’سيدر’ بين النمو الإقتصادي والوصاية الدولية.. والتهويل بالحرب على مسافة صاروخ

مؤتمر ’سيدر’ بين النمو الإقتصادي والوصاية الدولية.. والتهويل بالحرب على مسافة صاروخ

ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة من بيروت فجر اليوم على أعمال مؤتمر «سيدر» ونتائجه، حيث اعتبره شريحة كبرى من اللبنانيين وعلى رأسهم حزب الله أنه شكل من أشكال الوصاية الاقتصادية الدولية على لبنان، في حين رفض رئيس الحكومة سعد الحريري هذا الكلام مدافعًا عن الإيجابياته الإقتصادية للمؤتمر واصفًا إياه بـ«شراكة لحماية النموذج اللبناني»!!.

وكان الموضوع الأبرز الذي تناولته صحف اليوم، الضربة الأميركية المحتملة لسوريا، والتخوف من الانعكاسات الخطيرة التي قد تنجم عنها، ما يؤدي الى تدحرج الأمور نحو حرب إقليمية شاملة مدمرة.

 "الأخبار":

بداية مع صحيفة الأخبار التي سلطت الضوء على  مؤتمر «سيدر»، حيث رأت أن هناك «شراكة لحماية النموذج اللبناني». تلخص هذه العبارة التي قالها، أمس، رئيس الحكومة سعد الحريري أثناء عرض نتائج مؤتمر «سيدر»، كل ما يمكن أن يقال عن المؤتمر. فهذا النموذج الغارق بالفساد والزبائنية السياسية، سقط مراراً وانتُشل في مؤتمرات الدعم التي عقدت في باريس، ورابعها «سيدر».

وأضافت الصحيفة أنه «لمصلحة المواطن اللبناني وجيبته أخضعنا أنفسنا». «نقوم بما أنتم تريدونه». «نقوم بما يُخرج البلد من هذه الحالة، ونحن نعترف بأن هناك فساداً». بهذا الكلام ردّ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على منتقدي مؤتمر «باريس 4» أو «سيدر» الذين يشتبهون في كونه يشكّل وصاية اقتصادية دولية على لبنان. ردّه جاء في مؤتمر صحافي عقده، أمس، في السرايا الحكومية لعرض نتائج «سيدر»، إلا أنه بدلاً من نفي الشبهات، كرّسها موحياً بأن الوصاية هي رغبة اللبنانيين، وأن بيع الأصول العامة في بازار المجتمع الدولي هو وصفة ناجعة لمكافحة الفساد!

في الواقع، ورد في كلمة الحريري قبل بدء الأسئلة والأجوبة ردّ على هذه الشبهات أكثر إقناعاً، إذ قال: «CEDRE هو شراكة ما بين لبنان والمجتمع الدولي: شراكة لاستقرار لبنان، شراكة لتحقيق نمو مستدام، شراكة لإيجاد فرص عمل للشباب وشراكة لحماية النموذج اللبناني».

إذاً، الهدف يكمن في حماية النموذج اللبناني القائم منذ انتهاء الحرب الأهلية. هذا النموذج بشقّه الاقتصادي، سقط أربع مرّات حتى الآن، ما استدعى إنقاذه بأربع عمليات تسوّل دولية، عُقدت كلّها في باريس، وسُميّت باسم العاصمة الفرنسية ما عدا آخرها الذي سُمي، استدراكاً، «سيدر».

وتابعت "الأخبار"، والمؤتمر الباريسي الأخير، قوامه الشراكة مع المجتمع الدولي والشراكة مع القطاع الخاص. برأي الحريري، يشكّل هذا المؤتمر خشبة خلاص. فهو من جهة «بداية لعملية تحديث اقتصادنا، بداية لإعادة تأهيل بنيتنا التحتية، بداية لإطلاق إمكانات القطاع الخاص وبداية لتحقيق النمو المستدام»، ومن جهة ثانية، يتضمن رؤية شاملة قائمة على أربع ركائز متكاملة: «برنامج إنفاق استثماري بالبنى التحتية، إصلاح مالي بمعدل 1% سنوياً (معدل خفض العجز نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي)، إصلاحات هيكلية لتحديث الإدارة ومكافحة الفساد وتحديث التشريعات لعمل القطاع الخاص وإصلاحات قطاعية لتحقيق الفائدة القصوى من الاستثمارات بالقطاعات، استراتيجية لتطوير القطاعات الإنتاجية وزيادة حجم الصادرات».

يدافع الحريري عما يرتّبه هذا المؤتمر من زيادة مديونية على الخزينة بالقول إن القروض التي حصل عليها من سيدر «هي ميسرة جداً وبفائدة لا تتعدى 1.5% مع فترات سماح تراوح بين 7 و10 سنين، وآجال تتعدى الـ 25 سنة». وهذه القروض «لن تستعمل إلا لتنفيذ مشاريع بنى تحتية، لبنان بأمسّ الحاجة إليها، ومن دونها سيكون لبنان مضطراً إلى الاستدانة بفائدة تتعدى 7% من الأسواق».

كان لافتاً للانتباه أسلوب تعاطي الرئيس سعد الحريري مع الانتقادات التي وجّهها حزب الله إلى مؤتمرات الدعم ومناقشة كل مشروع على حدة. فقد قال رئيس الحكومة: «الحزب لم يعارض المؤتمر، بل تحفظ وقال إنه يريد مناقشة المشاريع، وهذا حقه، لم لا؟»، لكنه قال أيضاً: «إذا ارادوا مناقشة كل مشروع على حدة، فلا مانع لدي إذا كانت هذه المناقشة ستكون علمية وتصبّ في مصلحة المواطن اللبناني ومنع الفساد. ولكن إذا كنا سنناقش هذه المواضيع من منطلق سياسي، فعندها سأمانع». كذلك عمل الحريري على تبسيط انتقادات حزب الله بالقول: «إذا كانت لدى أيٍّ كان حلول أخرى في هذا الموضوع، فليطرحها. أنا لم أضع مشروعاً من تلقاء ذاتي، بل شاركت فيه الجميع، وكل الكتل السياسية شاركت في وضعه. الخلافات حول مؤتمر سيدر تتمحور حول أولوية المشاريع».


النهار

بدورها صحيفة "النهار" تناولت الحدث الإقليمي البارز حول توجيه ضربة للدولة السورية بسبب مزاعم الكيميائي، ورأت أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب حذر من أن الغارات الجوية الأميركية على النظام السوري والهادفة الى معاقبته على استخدام الاسلحة الكيميائية ضد المدنيين في مدينة دوما بالغوطة الشرقية قرب دمشق السبت حتمية، وذلك بعد تعهد مسؤولين روس اعتراض الصواريخ وإسقاطها وحتى استهداف المواقع التي تنطلق منها، وقت تواصل الولايات المتحدة تعزيز أسطولها في المتوسط وإرسال سفن حربية إضافية قرب السواحل السورية.  

وكتب ترامب في تغريدة صباحية مفاجئة بعض الشيء لأنها كانت موجّهة مباشرة الى روسيا: "روسيا تعهّدت إسقاط أي أو كل الصواريخ التي تطلق على سوريا. استعدي يا روسيا لأنها (الصواريخ) سوف تأتي بشكل جيد وجديد وذكي"، في إشارة الى الصواريخ والقنابل "الذكية" التي تصيب أهدافها بدقّة عالية.

لكن الرئيس الأميركي ألحق ذلك بتغريدة أقل تصلبا جاء فيها: "علاقاتنا مع روسيا أسوأ الآن من أي وقت مضى حتى خلال الحرب الباردة. ولا سبب لذلك. روسيا تحتاج إلينا لمساعدتها اقتصادياً، وهو أمر من السهل تحقيقه، ونحن في حاجة الى جميع الدول للعمل معاً، لوقف سباق التسلح".

ولكن في مقابل تهديدات ترامب، صدر موقف أكثر اعتدالاً من وزير الدفاع جيمس ماتيس الذي صرّخ للصحافيين: "لا نزال نقوّم المعلومات الإستخبارية، نحن وحلفاءنا، ولا نزال نواصل عملنا في هذا الشأن". وكرّر موقفه القائل بأن القوات الاميركية مستعدة لتوفير الخيارات العسكرية المناسبة للرئيس ترامب في حال الضرورة.
مواضيع ذات صلة

ولفتت الصحيفة الى أن المراقبين والمسؤولين السابقين يتخوفون من أن استخدام القوة العسكرية، حتى بمستويات أعلى من الضربة المحدودة التي وجّهها ترامب لسوريا بعد الهجوم الكيميائي على خان شيخون، اذا لم يكن في سياق تصور سياسي واضح أو استراتيجية متماسكة، "سيكون تطوراً خطيراً قد يؤدي الى حرب أوسع غير مقصودة" كما قال لـ"النهار" مساعد وزير الخارجية سابقاً ادوارد دجيرجيان الذي عمل سفيراً لبلاده في سوريا واسرائيل.

ولاحظ بعض المراقبين باستغراب أن ترامب ربما "حشر" نفسه في زاوية نتيجة تغريداته المتصلبة، وكشف أوراقه فور الهجوم الكيميائي بإنه سيلجأ الى الخيار العسكري، قبل أن يناقش هذا الخيار بدقة مع العسكريين الأميركيين ومع الحلفاء. واللافت هو أن ترامب كان دائما ينتقد الرئيس السابق باراك أوباما لانه كان يعلن سلفاً مواعيد انتهاء العمليات العسكرية كما فعل في شأن انسحاب القوات الأميركية من العراق وافغانستان. لكن ما فعله في الأيام الاخيرة هو توجيه رسائل واضحة عما يعتزم القيام بها عسكريا، الامر الذي سهل على النظام السوري وحلفائه اتخاذ الاحتياطات العسكرية مثل نقل الطائرات السورية أو بعضها الى قاعدة حميميم التي تسيطر عليها روسيا وحيث تتجمع الطائرات الحربية الروسية.

وفي موسكو، أفاد الجيش الروسي أنه يراقب عن كثب الوضع حول سوريا وأنه على دراية بتحركات قوة بحرية أميركية متجهة إلى الخليج.

وكانت البحرية الأميركية أعلنت الثلثاء أن المجموعة القتالية التي تتقدمها حاملة الطائرات "يو اس اس هاري ترومان" ستبحر إلى الشرق الأوسط وأوروبا الأربعاء (أمس).

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: "نرقب عن كثب الوضع حول سوريا وفي المنطقة بأسرها".

ورداً على تصريحات ترامب عن عمل عسكري وشيك، قالت الوزارة: "من الأفضل للولايات المتحدة عوض الحديث عن استعداد التحالف لإطلاق صواريخ على سوريا أن تعيد بناء المدينة المدمرة (الرقة) وتقدم مساعدة واسعة لسكانها الذين يئنون تحت وطأة المعاناة".

وأكدت الوزارة مجدداً أن هجوم الأسلحة الكيميائية الذي يتردّد أنه حصل في مدينة دوما السورية اختلقته جماعة "الخوذ البيض" ورفضت المزاعم الغربية عن مسؤولية قوات الحكومة السورية عنه.

وكشفت أن الشرطة العسكرية الروسية ستدخل دوما اليوم.

ورأت وزارة الخارجية الروسية أن "الصواريخ الذكية يجب أن توجه الى الإرهابيين وليس الى الحكومة الشرعية".

وبعد أيام من الغارة الاسرائيلية على مطار التيفور في محافظة حمص مما أسفر عن مقتل سبعة عسكريين إيرانيين، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الى "الإحجام عن أي عمل يؤدي الى مزيد من زعزعة الإستقرار".

وأصدر مكتب نتنياهو بياناً جاء فيه أن "رئيس الوزراء تحدث هاتفياً هذا المساء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين" و"كرّر أن اسرائيل لن تسمح لإيران بأن يكون لها وجود عسكري في سوريا".

وفي وقت سابق، حذّر بوتين في كلمة أمام مجموعة من السفراء الأجانب، من أن الوضع في العالم مثير للقلق، وأنه يأمل في أن يسود المنطق السليم.

وشدّد على أن روسيا ستحترم جميع التزاماتها بموجب القانون الدولي وستقيم علاقات بنّاءة مع الشركاء الأجانب.


الجمهورية:

من ناحيتها ركّزت صحيفة "الجمهورية" على التطوّرات الجارية بشأن الملف السوري والحراك العسكري الإقليمي والدولي. وفي هذه الأجواء تابَع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من خلال عددٍ من التقارير الدبلوماسية والعسكرية التي تُحاكي الإجراءات الأميركية والغربية وردّات الفعل المتعددة، وأجرى اتصالات مكثّفة مع المعنيين من المراجع الدبلوماسية والعسكرية داعياً الجميع الى رصدِ التطوّرات.

ولم تشَأ الدوائر المحيطة بالرئيس الإشارة إلى أيّ موقف خارج إطار الثوابت اللبنانية ممّا يجري على الساحتين السورية والدولية بانتظار جديد التطوّرات مؤكّدةً بأنّه سيكون لرئيس الجمهورية موقفٌ من أيّ جديد بالحجم الذي يَحفظ المصلحة اللبنانية ويبقيها خارج دائرة التوتر ويحمي الثوابت اللبنانية من كلّ ما يجري.

بدوره، حذّر رئيس مجلس النواب نبيه بري من الانعكاسات الخطيرة التي قد تنجم عن ايّ عمل عسكري يستهدف سوريا. وأبدى خشيته «من أن يكون اوّل ضحاياه استقرار المنطقة ووحدتها، ناهيك عن ما سيترتّب عنه مِن سفكٍ للدماء والتدمير والتهجير للشعب السوري الشقيق».

وقال بري: «هي حربٌ إنْ وقعت، لا قدَّر الله، ستكون مموّلة من جيوب العرب وثرواتهم، وحتماً نتائجها ستكون سلبية ومدمّرة لمستقبلهم واستقرار اوطانهم. وإزاء مشهدٍ يرقص فيه الجميع على حافة هاوية الحرب، يبقى الرهان ان تنتصر إرادة الخير على إرادة الشر المستطير».

ورأى بري «انّ القانون الحالي، اذا ما بَقي في صيغته المعمول بها اليوم، هو قانون خطير جداً على لبنان»، مشدداً على «أهمية وجود وزارة للتخطيط في المرحلة المقبلة، لأنّ عملها يشكل مدخلاً حقيقياً لتحقيق الاصلاح ومكافحة الفساد».

أما داخلياً، فأشارت الصحيفة الى أنه على الرغم من وقوع لبنان تحت تأثير الحدث الإقليمي الضاغط، يبدو أنه مرشّح للوقوع اليوم، تحت تأثير الضغط الكهربائي من جديد، من خلال إعادة طرحِ الملف الكهربائي على مائدة مجلس الوزراء، في ظلّ الاشتباك السياسي حول هذا الملف، ولا سيّما ما يتصل ببواخر الكهرباء التي يتجاذبها فريق يصِرّ على تمريرها، وفريق يصرّ على الاعتراض عليها ومنعِ تمريرها، نظراً لِما يَعتري هذا الملف من التباسات وشبهات.

يتزامن ذلك، مع استمرار البلد بالدوَران في الدوّامة الانتخابية، وسط تزايدِ شكاوى الناس من المخالفات المتمادية للقانون الانتخابي،. والتي تتمّ على مسمع ومرأى السلطة الحاكمة، ومن دون أن تُحرّك ساكناً حيال الارتكابات الفاضحة والمتمادية على غير صعيد، ويشارك فيها نافذون في هذه السلطة، يُمعنون في تسخير أجهزةِ الدولة السياسية والامنية، للضغط على المواطنين.

وقد تلقّت «الجمهورية» سيلاً كبيراً من شكاوى المواطنين، في أكثر من منطقة، تفيد بأنّ بعض النافذين في السلطة الحاكمة، سخّروا ماكيناتهم الانتخابية في الايام الاخيرة لترويع المواطنين وإثارة الحزازات والحساسيات في ما بينهم، محاوِلةً التخويف والتضييق على رؤساء البلديات والمختارين وابتزاز الموظفين في بعض الوزارات والإدارات، بدعمٍ مباشر من مراكز احد الأجهزة الأمنية، وبإشراف مباشر من قائد الجهاز المذكور، الذي يتولّى شخصياً وعلناً حملة ترهيبِ الناس والضغط عليهم، على نحوٍ بدأ الناس يترحّمون فيه على أيام الشعبة الثانية وما جرى في انتخابات الخمسينات.

2018-04-12