ارشيف من :آراء وتحليلات
القدس في قمة الظهران السعودية.. للبيع أم للتحرير؟
في مدينة الظهران شرقي السعودية، عقدت القمة العربية العادية التاسعة والعشرون، في ظل تحديات بارزة تشهدها المنطقة، من فلسطين إلى اليمن وسوريا، وخلال 71 عامًا منذ تأسيس الجامعة العربية عام 1945، مرت القمم العربية بـ45 محطة، خرجت أغلبها بقرارات لم تلق أي حظ من التنفيذ على أرض الواقع.
من أول قمة عربية في أنشاص المصرية كانت القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام العربي. حيث عقدت أول قمة عربية في 28 أيار/مايو1946 ، بدعوة من ملك مصر فاروق الأول وحضرها رؤساء حكومات الدول السبع المؤسِسة للجامعة العربية اليمن ومصر والأردن وسوريا والعراق ولبنان والسعودية، وأكدت القمة على عروبة فلسطين وأن مصيرها هو مصير كل دول الجامعة. مروراً بقمة الخرطوم التي جاءت بعد الهزيمة العربية أمام العدو الاسرائيلي في حرب يونيو/حزيران 1967 ورفعت ثلاثة "لاءات" شهيرة في تاريخ الصراع مع العدو الاسرائيلي: "لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف" بـ"إسرائيل".. قبل أن ينحدر سقف المطالب العربية تدريجيًا إلى "تطبيع مشروط" بمبادرة سعودية قدمت في بيروت 2002 وشهدت هذه القمة أول حديث عربي عن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المأمولة بدلا من القدس كلها.
واليوم يحضر قادة الدول العربية في الظهران فيما تغيب حقيقة قضية فلسطين، الا من اسم القدس الذي وضع عنوانا تضليليا لحقيقة ما يعمل عليه كثير من المجمتعين في هذه القمة مع واشنطن و"تل ابيب" تحت عنوان ما بات يعرف بصفقة القرن.
قمة الظهران سبقت بحملة إعلامية سعودية دشنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتصريحات للصحافة الأميركية أثناء زيارته للولايات المتحدة عن حق الشعب (اليهودي) بالعيش بأمان في أرض أجداده، وتلاها تصريحات تلفزيونية لمتحدثين سعوديين ومقالات في الصحف السعودية كلها تنادي بالتطبيع مع العدو الاسرائيلي (العاقل حسب تعبير بعض تلك الأبواق، والمسالم حسب تعبير البعض الآخر)، وانطوت تلك الكتابات على التهديد والوعيد عشية قمة الظهران بأن من يرفض التصالح مع العدو الاسرائيلي فهو يعمل لصالح ايران.
ولا يخفى أنه وإلى الآن لا تزال المبادرة العربية للسلام التي صدرت عن قمة بيروت في العام 2002 محل رفض من قبل العدو الاسرائيلي. ورغم ذلك، فإن زعماء بعض الأنظمة العربية المجتمعين في الظهران السعودية ذاهبون الى مزيد من التنازلات في إطار ما يسمى بـ"السلام مع "اسرائيل"".
وفيما حاول الملك السعودي ان يظهر اهتمامه بالقدس في القمة التي ترأسها باعلانه التبرع بـ150 مليون دولار دعماً للقدس، الا أن حديثه تركز على ايران وتحذيره من "خطورة السلوك الإيراني في المنطقة ومجافاته لحسن الجوار"، حسب تعبيره، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ "إجراءات حازمة" في هذا الإطار، ما يؤكد أن هوية هذه القمة لم تعد عربية ولا تبحث قضايا العروبة بقدر ما أصبحت عبرية وتهتم بمخاوف الكيان العبري الغاصب.
على أن كلمات بعض القادة المؤتمرين في الظهران حملت إشارات ان هذه القمة مخصصة حصريا للتضامن مع الرياض في وجه الشعب اليمني المحاصر والمدافع عن أرضه وعرضه وكرامته، واستكثار الرد اليمني على العدوان الوحشي السعودي.