ارشيف من :آراء وتحليلات

احتمالات الرد الايراني على الاعتداء الاسرائيلي في مطار التيفور

احتمالات الرد الايراني على الاعتداء الاسرائيلي في مطار التيفور

بعد الاعتداء الجوي الذي نفذته قاذفات تابعة للعدو الاسرائيلي فجر التاسع من نيسان / ابريل الجاري، والذي استهدف مطار التيفور العسكري السوري في محافظة حمص، ونتج عنه استشهاد عدد من العسكريين السوريين ومن المستشارين الايرانيين، وما رافقه وما تلاه من توتر وتهديدات متبادلة بين كل من ايران والكيان الصهيوني، ينتظر الجميع  في الكيان الاسرائيلي وخارجه، الرد الايراني الذي يعتبر واقعاً لا محال، استناداً لجدية التهديدات التي صدرت عن أعلى المراجع الايرانية، واستناداً كذلك للجو العام الذي أرساه هذا العدوان الصريح والمباشر، والذي عبر عنه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله، من أن الاعتداء هو بمثابة خطأ استراتيجي وقع به الكيان الاسرائيلي، لا بل هو خطيئة سوف يندمون عليها.

إذا انطلقنا من مقارنة الرد الايراني المرتقب مع الرد الذي نفذه حزب الله في مزارع شبعا بتاريخ 28 يناير كانون الثاني عام 2015، والذي جاء ردا على العدوان الجوي الاسرائيلي في القنيطرة وارتقى بنتيجته ستة شهداء من قادة وكوادر الحزب، يمكن تحديد المعطيات التالية:

المبدأ نفسه، فالعدو المعتدي هو الكيان الاسرائيلي، وسقط  نتيجة الاعتداء شهداء يقومون بمهمة دعم للجيش العربي السوري في معركته لتحرير أرضه من الارهابيين، وعلى أرض سورية في التيفور أو في القنيطرة، ولم يكن هناك اشتباك مباشر مع العدو الاسرائيلي، بالرغم من أن محاربة الارهاب في سوريا هي في مفهومها البعيد تدخل ضمن المواجهة ضد العدو الاسرائيلي انطلاقا من رعايته ودعمه لهذا الارهاب.

تبرير العدو للاعتداء ايضا هو نفسه، مواجهة "النفوذ الايراني" ونفوذ حزب الله في سوريا "حمايةً لاسرائيل"،  والعمل على منع قيام قواعد ايرانية في سوريا سيكون هدفها الاستراتيجي مهاجمة الكيان الاسرائيلي، كما يدّعون دائماً، ولكن في الحقيقة، دائماً تكون اعتداءاتهم  داخل سوريا لدعم أو مساندة الارهابيين.

جاء رد حزب الله على اعتداء القنيطرة حينها، والذي كان قد أكد حتميته مسبقاً أمينه العام، في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، متجاوزاً بذلك كافة ثغرات الالتزام بالقرار 1701، كما أن تفاصيل تنفيذ عمليته جاءت لافتة بمشابهتها للاعتداء الاسرائيلي، سيارتين مقابل سيارتين، بصواريخ مقابل الاعتداء بصواريخ، ولناحية سقوط ستة شهداء قابلها سقوط عدد قريب من عناصر العدو، كان المقصود أن يكون مماثلاً من خلال اختيار دورية بنفس العدد تقريباً.
 
إذن، يمكن استنتاج حتمية الرد الايراني، من تحذير الأمين العام لحزب الله، ومن تهديدات إيران الجدية بالرد ايضا. يبقى أن الأخيرة سوف تدرس أبعاد وحيثيات ومعطيات الرد الذي لا يمكن التكهن باحتمالاته، على أن يحمل الرسائل التالية:

-  رسالة عسكرية ميدانية كما ذكرنا اعلاه لها علاقة بالرد على سقوط شهداء ايرانيين في مطار التيفور .
- رسالة ديبلوماسية استراتيجية، تتعلق بعدم تغيير قواعد الاشتباك واحترامها، وبفصل الوجود الايراني في سوريا والمحددة مهمته بدعم الدولة السورية بمواجهة الارهاب عن الصراع التاريخي بين ايران وكيان العدو الاسرائيلي، والذي ليس بالضرورة ان تكون ساحته في سوريا، لأن ميدانه الحقيقي أوسع وأبعد من ذلك بكثير.  
- رسالة عسكرية فنية أيضاً تتعلق بالحرب الباردة وبسباق التسلح وتوازن الرعب بين الكيان الاسرائيلي وايران، وتتعلق بالسباق الجاري بينهما حول تطوير وسائط الدفاع الجوي والطائرات المسيرة.

وأخيراً، من الطبيعي أن تكون عناصر هذا الرد الايراني الذي يتم دراسته حاليا، متضمنة للأبعاد الاستراتيجية المتعلقة بالوجود الروسي حالياً في سوريا والمنطقة، بالعلاقة الايرانية الروسية وبالعلاقة الروسية الاسرائيلية، وحيث سيأخذ حتما هذا الرد بعين الاعتبار لكل تلك المعطيات الاستراتيجية، ومن ضمنها الاستياء الروسي من الاعتداء الاسرائيلي على مطار التيفور والذي عبّرت عنه القيادة الروسية،  سيأخذ ايضا بعين الاعتبار ردة الفعل الاسرائيلية المحتملة والتي ايضا ستكون، كما كانت رداً على عملية حزب الله في مزارع شبعا، واقعية ومنطقية وحذرة.
 

2018-04-23