ارشيف من :آراء وتحليلات
أمريكا هي من قتلت الشهيد الرئيس صالح الصماد
أثار الإعلان المفاجئ للمجلس السياسي الأعلى عن نبأ استشهاد الرئيس صالح الصماد بعد أربعة أيام من اغتياله بغارات لطيران العدوان في الحديدة أسئلة وتكهنات تتعلق بأهداف هذا العدو والجهات التي تحددها وقدرته على معرفة نتائج ضرباته، إذ لو كان النظام السعودي يدرك حقيقة استهدافه للرئيس الصماد أو موكبا قياديا في الحديدة لكان المبادر للإعلان عن ذلك أولا كما هو ديدنه بمناسبة وبدون مناسبة وهذا أمر يشير إلى أن ثمة تورطاً أمريكياً تجاوز حدود رسم الهدف ورفع الإحداثيات لأدواته الوظيفية إلى التدخل المباشر في هذه الجريمة.
معلوم ومشهود أن من عادة تحالف العدوان الإسراف في تسويق مزاعم استهدافه وقتله لكبار القيادات العسكرية والأمنية والسياسية في اليمن ودائما ما يبرر قصفه الأسواق والمنازل والأماكن العامة وسيارات المواطنين باستهداف مسؤول هنا وقتل مسؤول هناك. لكن ذلك لم نسمعه، ولم يحدث حين اغتيل الرئيس صالح الصماد في يوم الخميس التاسع عشر من شهر أبريل في الحديدة اذ بدا إعلامه بحالة من التخبط والإرباك مكتفيا بادئ الأمر بدور الناقل من المسيرة والإعلام الرسمي اليمني قبل أن يجد نفسه تائها وضائعا بين جملة من المحددات والتوجهات أولها محاولاته المكشوفة لاستثمار الواقعة لإحداث شرخ في الجبهة الداخلية بحديث مبتذل عن وجود خلافات بين اللجنة الثورية والمجلس السياسي الأعلى.
تلك الحجة كانت ضعيفة والمنطق سخيفاً سيلغي على السعودية انجازاً توهموه وعجزوا عن تحقيقه لأكثر من ثلاث سنوات بالرغم من تحركات الرئيس الصماد المكشوفة متنقلا بين صنعاء وصعدة ومختلف المحافظات والجبهات فكان لا بد من رفع منسوب التشفي والتباهي بجريمة سياسية مخالفة لكل القوانين والأعراف ولا يشرف أي نظام تبنيها.
ما هي إلا لحظات من إعلان استشهاد الرئيس الصماد حتى بث اعلام العدوان مشاهد عملية الاغتيال كان اللافت فيها دقتها العالية فيما يبدو أنها لطائرة درون كانت محلقة على علو منخفض وظلت في الأجواء ترصد كل التفاصيل قبل وبعد العملية حتى أنهت كامل مهمتها كون الاستهداف تم على مرحلتين وبذلك يكون المنفذ الأمريكي قد أراد إخراجها على نحو يعفيه من المسؤولية.
والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا لم يعرض الإعلام السعودي تلك المشاهد لحظة الاستهداف ولم يدل بأي إشارة حول استهدافه للموكب أيا كان من يستقله إن كان يجهل طبيعة أهدافه ولماذا تكتم عن قتله للرئيس الصماد وهو الرجل الثاني في بنك أهدافه ما دام الأمر يشكل إنجازا أمنيا له.
الأمر ليس كذلك بالطبع فلا السعودية ولا الإمارات تمتلكان القدرة والإمكانية لتنفيذ عمليات اغتيال بهذا المستوى فطائرة أمريكية من نوع أم كيو أشيع ذلك اليوم المشؤوم اسقاطها هي من نفذت الجريمة على الأرجح وهذا ما أكده قائد القوات الجوية اللواء الركن إبراهيم الشامي لاحقا.
بطبيعة الحال الأمر لا يقف عند حد التحليلات والاستنتاجات، فتدخل واشنطن في العدوان على اليمن ليس سرا والتصريحات الأمريكية واضحة بهذا الشأن. فإلى جانب دعمها اللوجيستي للرياض المتمثل برفع الإحداثيات وتزويد الطائرات بالوقود في الجو، ثمة غرف عمليات مشتركة يديرها خبراء عسكريون أمريكيون عدا عن طائرات تجسسية لا تغادر سماء اليمن من ضمنها طائرات أم كيو9 أسقطت إحداها من أجواء العاصمة صنعاء بنيران الدفاعات الجوية مطلع أكتوبر من العام الماضي.
وبسبب وبدون سبب لا تجد الولايات المتحدة حرجا في إعلان وقوفها إلى جانب النظام السعودي ودعمها المطلق له نظرا لما يدر عليها من اموال طائلة ومن ذلك تصريحات لمندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي قبيل استشهاد الرئيس الصماد بيوم واحد قالت فيها إن أمريكا تعمل على تقديم الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين وهذا أيضا ما أشار إليه البنتاغون في معرض تعليقه على جريمة استهداف حفل زفاف في بني قيس بحجة.
وأمام ذلك، ليس مستغربا أن يحمل قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قوى العدوان وعلى رأسها أمريكا والنظام السعودي المسؤولية القانونية في اغتيال الرئيس الصماد، وكل التبعات والآثار المترتبة عليها، وهي بلا شك جريمة كما قال فظيعة لن تمر بدون محاسبة لا هي ولا سائر الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني على المدى القريب والبعيد.