ارشيف من :نقاط على الحروف
جهاد الصمد.. العنيد
التقيته غير مرة، وفي كل مرة يزداد تواضعه، يكفيك أنه المؤمن الذي يصلي الفجر حاضراً. بابه مفتوح لكل الناس، خلية النحل في منزل العائلة تعمل في خدمة عيال الله، لأنها مقتنعة بأن أحب الناس إلى الله أقربهم إلى الفقراء.
كريم النفس، إلا بالكرامة والمقاومة. لم يتاجر، لم يساوم. "أنا حليف للمقاومة ضد "اسرائيل" علناً وكلنا من الواجب ان نكون ضد "اسرائيل" فالعداوة معها شربناها مع الحليب ونحن ضد "اسرائيل" التي هي عدوة كل الاديان".
سيعود لترنّ كلماته بين جنبات المجلس النيابي، حاملة آهات أهله في الضنية التي تعاني الأمرين، حتى تكاد تظن أنك في عالم آخر.
مفتاح العودة كان القانون النسبي، الذي يسمح لمن هم كجهاد الصمد بتمثيل المستحقين، رغم أنه لم يترك واجباته تجاه أهله حتى بعد الخروج من الندوة البرلمانية. وهو "العنيد" بالدفاع عن حقوق الناس في الضنية. لا يترك عمله الا بعد أن ينجزه كاملاً، ولو كانت معاملة لمحتاج قد يمضي نهاره متنقلاً بين الدوائر ليؤمنها له.
في مقالة كتبها عنه قبل أيام الزميل خضر طالب في "الرقيب" سأل في نهايتها: "هل يكفي جهاد الصمد الرهان على وفاء الناس؟".
يبدو أن الناس لم تتأخر لترد الجواب.
ويروي طالب قصة حصلت مع الصمد يوم أعلن ترشحه لاستعادة المقعد النيابي الذي أخذ منه بحلف "الدم والحقد"، يقول:
"قبل أيام، جاءه رجل مسنّ من أعالي جرود الضنية وأصرّ على الاختلاء بجهاد الصمد، وقال له "لمّا كنت بحاجة لمساعدة ما لقيت غيرك جنبي.. بقيت حامل جميلك فوق راسي 10 سنين. اليوم أنا جاية ردّلك الجميل وأوقف معك. معي 10 ملايين ليرة تحويشة المواسم، بتمنى عليك انك تقبلهم مني. اعتبرني والدك. انت هلأ بحاجة للمال بالانتخابات. أنا بعرف شو وضعك، بس غيرك معه كتير". دمعت عينا "أبو مرشد"، وقبّل رأس الرجل وشكره وقال له "يا عمّ، أنا بخوض معاركي الانتخابية بمحبتك ومحبة الناس يلي متلك، مش بالمصاري، خليهم معك، وأنا اليوم أغنى رجل بالضنية بمحبتك ووفاءك. أنت رمز الوفا والضنية فيها كتير كتير أوفيا".
جهاد الصمد البخعوني المولود في العام 1961، درس المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في مدرسة الجديدة - طرابلس، ثم انتقل إلى ثانوية الملعب، واستكمل درس البكالوريا - القسم الثاني (فرع الرياضيات) في مدرسة مار الياس.
تخرج من جامعات باريس سنة 1985 مهندساً، وانتخب نائبا عن دائرة الشمال الاولى قضاء عكار ـ بشري في انتخابات العام 2000، ليعود اليوم نائباً عن الفقراء، وهو نائب الأمة. شعاره "الغنى بالأخلاق وكل انسان حر لا يمكن لأحد ان يدفع حقه".