ارشيف من :أخبار لبنانية

الجولان السوري يشتعل..والتسوية اللبنانية بهيكلية جديدة بعد 20 أيار

الجولان السوري يشتعل..والتسوية اللبنانية بهيكلية جديدة بعد 20 أيار

ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة من بيروت صبيحة اليوم على عدد من المواضيع التي كان أبرزها عاصفة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران وتداعياته الإقتصادية على لبنان، وعلى الضربة الصاروخية التي طالت مواقع الجيش الصهيونية في الجولان السوري المحتل.

كما تناولت الصحف مسألة استحقاقات ما بعد الانتخابات النيابية اللبنانية، سواء لجهة التصويت في انتخابات رئاسة مجلس النواب، ونائب رئيس المجلس، وتسمية رئيس الحكومة، والصراع على وزارة المال.

بداية مع صحيفة "النهار" التي رأت أنه قبل أن تنحسر نسبياً عاصفة الحسابات السياسية وإعادة التدقيق في موازين الربح والخسارة الناشئة عن الانتخابات النيابية، بدت عاصفة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران كأنها مسّت بلبنان بتداعياتها التقديرية الاستباقية ضمن البلدان الأكثر "أهلية" لتلقي انعكاسات هذا التطور. حتى أن التداعيات "السبّاقة" للإجراء الأميركي برزت من خلال تطور مالي يعني لبنان تمثل في تراجع السندات اللبنانية المقوّمة بالدولار بما يصل إلى 2,745 سنت لتسجل أدنى مستوياتها في أشهر عدّة أمس، بعدما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي الإيراني وتعيد فرض العقوبات على ايران.

وأفادت وكالة "رويترز" أن سندات بقيمة مليار دولار تستحق في 2022 تكبّدت أشد الخسائر إذ هوت إلى 90,66 سنت وهو أدنى مستوى لها منذ تشرين الثاني 2017 وفقًا لبيانات "طومسون رويترز"، علماً أن الأسواق اللبنانية تحت ضغط بالفعل بعدما أبرزت نتيجة الانتخابات التي أجريت الأحد تنامي نفوذ طهران في المنطقة. لكن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سارع مساءً الى تبديد القلق الذي أثاره هذا التطور المالي، اذ أكد أن تراجع السندات اللبنانية هو تراجع موقّت ومحدود ولا يؤثر على الوضع الائتماني اللبناني.

وأضافت الصحيفة أنه "وقد استرعى الانتباه أن تداعيات الخطوة الاميركية ظلّت بعيدة من أولويات الخطاب السياسي الداخلي الذي لا يزال تحت وطأة نتائج الانتخابات، فيما برزت ملامح قلق فرنسي على لبنان. ونقل مراسل "النهار" في باريس سمير تويني عن مصادر رئاسية فرنسية قلقها من الوضع الاقليمي بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني. واعتبرت أن الوضع داخل لبنان كان قبل ذلك يدعو الى القلق، وأن إعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب زاد قلق باريس التي تدعو الى تعزيز المؤسسات والدولة اللبنانية، والتقيد بسياسة النأي بالنفس لحماية الاستقرار الداخلي الهشّ من الأزمات الاقليمية. كما أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي سعى الى تعزيز الاستقرار في لبنان منذ استقالة الرئيس سعد الحريري وعودته عنها، يجري اتصالات مع اللاعبين الدوليين والاقليميين، ومنهم نظيره الايراني الرئيس حسن روحاني، للدعوة الى صون الاستقرار الداخلي في لبنان.

وبحسب الصحيفة، دعت المصادر اللاعبين الداخليين الى عدم اللعب بالنار وحماية الاستقرار الداخلي، وعدم تحميل لبنان تبعات أي تصعيد إقليمي جراء انسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق، في حين بدا أن الدول الاوروبية تخشى تحويل لبنان ورقة مقايضة في يد ايران لتعزيز موقعها الاقليمي. والحوادث الاخيرة التي حصلت في بيروت، تنبئ بدخول طابور خامس على الخط، وهذا مقلق للغاية. كما أن الحوادث الاخيرة على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية، والقصف الاسرائيلي المتجدد لمواقع ايرانية داخل سوريا، تنذر بتصعيد بينهما لن يبقى لبنان بعيداً منه، خصوصاً بعد اعلان السيد حسن نصرالله غداة الانتخابات النيابية، أن نتائجها أمّنت له الشرعية والحصانة لسلاحه، وعزّزت ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة.

وسط هذا التقويم، بدأت الأجواء السياسية الداخلية تعكس استعدادات أولية لرسم الخطوط العريضة لآفاق المرحلة الجديدة التي ستلي الانتخابات بدءاً باستحقاقي انتخاب رئيس مجلس النواب وتشكيل الحكومة الجديدة. وقالت أوساط سياسية بارزة عاملة على خطوط الرئاسات الثلاث لـ"النهار" أمس إن الاتجاه الثابت بعد 20 أيار، أي انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي وبداية ولاية المجلس المنتخب، يتمثل باختصار في تجديد الدم في عروق التسوية السياسية التي بدأت مع انتخاب الرئيس العماد ميشال عون ولكن مع إلباس هذه التسوية هيكلية جديدة. وأوضحت أن المقصود بذلك أن لا تغيير في أركان التسوية ولا في واقع الرئاسات بطبيعة الحال لأن إعادة انتخاب الرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس محسومة ومبتوتة، كما أن أعادة تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة ستكون محسومة أيضاً لأنه سيحظى بغالبية النواب في استشارات التكليف. لكن الامر الذي سيشكل الاختبار الشاق المحتمل بعد ذلك هو تشكيل الحكومة الأولى بعد الانتخابات والتي يرجح أن تكون بمثابة مخاض شاق نظراً الى خريطة الحصص النيابية الجديدة وتوزعها من جهة وتطورات أخرى تتصل بحسابات الداخل والخارج للمرحلة المقبلة من جهة أخرى.

وتابعت الصحيفة أنه لوحظ في هذا السياق ان الرئيس بري لم يتوان أمس، على رغم انهماكه باستقبال حشود المهنئين في دارته بالمصيلح عن الاعلان أنه سيسمي الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة. وأبلغ بري محطة "ام تي في " أن تشكيل الحكومة قد يتأخر نظراً الى التعقيدات، لكنه أفاد أن مرشحه لرئاستها هو الرئيس سعد الحريري بغضّ النظر عن موقف الحريري من وزارة المال. وشدّد على تمسكه بوزارة المال للطائفة الشيعية وللوزير علي حسن خليل تحديداً، لافتاً الى أن الفصل بين النيابة والوزارة يحتاج الى تعديل دستوري. وقال إنه لم يحدد بعد موعداً لجلسة انتخاب رئيس مجلس النواب الجديد قائلاً إن للجميع الحق في الترشح.

بدورها صحيفة "الأخبار" رأت أن هناك «عدوان إيراني خطير» على "إسرائيل" حدث فجر أمس. هذا التوصيف أطلقه العدو على عشرات الصواريخ التي استهدفت مواقعه العسكرية في الجولان المحتل، ليبدأ بعدها باستهداف عدد كبير من المواقع العسكرية السورية، بذريعة انها قواعد إيرانية في سوريا. بعد ثلاث ساعات على اشتعال جبهة الجولان في ساعات فجر اليوم الاولى، بدت المنطقة امام احتمال تدحرج المواجهة في سوريا إلى حرب كبرى.

وأضافت الصحيفة أنه للمرة الاولى منذ العام 1974، تشتعل جبهة الجولان بهذه الحدّة. العدو لا يريد لسوريا، ومن خلفها محور المقاومة، تثمير انتصاره على مشروع إسقاط الدولة السورية والسيطرة على دمشق. ولتحقيق ذلك، بدأت "اسرئيل"، منذ التاسع من نيسان الماضي، بتصعيد هجماتها على القوات الإيرانية في سوريا، بهدف منع «القوات الإيرانية من التمركز على الحدود الشمالية» لفلسطين المحتلة. يومذاك، استهدف العدو قاعدة «تي فور» في ريف حمص، ما أدى إلى استشهاد عدد من جنود الحرس الثوري الإيراني وضباطه. وفي الأسابيع الأخيرة تنوّعت السيناريوات المفترضة للردّ الإيراني. إسرائيلياً وعند دوائر القرار في محور المقاومة، كان هناك إجماع على «الرد المحسوم». الاشتباك الإيراني ــــ الإسرائيلي المنتظر توقّف على مدى «صخبه» وطبيعته، وهو لا يتعلق بهذين الطرفين فقط بل بكل القوى على الساحة السورية.

وتابعت أنه في الأيام الأخيرة، بدت تل أبيب متوثبّة لإفشال / ردع أي محاولة لاستهداف قواتها. تعاملت باستنفار عسكري شديد معطوف على هستيريا اعلامية وشعبية. ويوم 29 نيسان، قررت إسرائيل الضرب مجدداً، فاستهدفت مخازن أسلحة في ريفي حماه وحلب قيل إنها عائدة للقوات الإيرانية. ويوم أول من أمس، وصل التصعيد إلى ذروته. اعتداء اسرائيلي على مواقع سورية في منطقة الكسوة جنوبي دمشق. أرادت "إسرائيل"، من جهة، القول إنها لا تخشى تدهور الامور باتجاه الحرب، في مسعى منها لمنع إيران من الرد على اعتداء الـ«تي فور». ومن جهة أخرى، وجّهت رسالة بإمتلاكها معلومات عن التحضير لهجوم إيراني. هذا التصاعد في الاعتداءات الإسرائيلية تكرّر الليلة الماضية باستهداف مدفعي لمواقع سورية في مدينة البعث في محافظة القنيطرة، وأخرى على بلدة حَضَر ومواقع أخرى.

ويبدو أن ما انتظره العدو في الأسابيع الأخيرة ظهر فجر اليوم، حيث تحوّلت جبهة الجولان المحتل إلى ساحة حرب فعلية. بعد أيام من التوتّر الإسرائيلي واستدعاء الاحتياط وفتح الملاجئ، سقطت على الأراضي المحتلة عشرات الصواريخ مستهدفة مواقع عسكرية عدّة للعدو. وبُثّت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تُظهر الصواريخ الآتية من سوريا في سماء الجولان، إضافة إلى صواريخ «القبة الحديدية» الإسرائيلية التي حاولت اعتراض تلك الآتية من الداخل السوري.

تل أبيب، اتهمت على لسان المتحدث باسم جيشها «قوات إيرانية على الجانب السوري من مرتفعات الجولان باطلاق نحو 20 قذيفة أو صاروخاً على أهداف إسرائيلية»..بعد ساعتين من منتصف الليل، عمدت تل أبيب إلى بثّ رسالة شبه مباشرة إلى الطرف الآخر عبر طلبها من المستوطنين الخروج من الملاجئ والبقاء قريبين منها، ما يعني أنّها غير معنية بالتصعيد، وذلك بعدما دوّت صافرات الانذار لساعتين في المستوطنات. وبحسب راديو «الجيش الإسرائيلي» تلقى سكان تلك الأماكن حينها «تعليمات بالبقاء على مقربة من المناطق المحمية». لكن هذه الرسالة بدت أقرب إلى التضليل.

أما صحيفة "البناء" اعتبرت أن المشهد السياسي اللبناني توزّع بين ثلاثة محاور، يشكل أوّلها القلق اللبناني من تداعيات التوتر المحيط بالمنطقة في ضوء التصعيد على جبهتي الملف النووي الإيراني، واحتمالات الذهاب لمواجهة بين أطراف محور المقاومة و»إسرائيل»، ومخاطر أن يطال لبنانَ بعضٌ من تداعيات هذا التصعيد المزدوج، والحاجة للتنبّه لمخاطر تعرّض الأمن اللبناني للاهتزاز. ويتلازم مع هذا القلق المشهد الناتج عن الأحداث المتفرعة عن الانتخابات النيابية ونتائجها، على مستوى الشارع واستمرار عناوين للتوتر، سواء عبر ما تشهده العاصمة بيروت أو تداعيات حادث الشويفات، لتلتقي دعوات القيادات السياسية للعودة إلى خطاب هادئ يبتعد عن لغة التشنّج والتراشق الكلامي التي رافقت الانتخابات. أما العنوان الثالث، فيرتبط باستحقاقات ما بعد الانتخابات النيابية، سواء لجهة التصويت في انتخابات رئاسة مجلس النواب، ونائب رئيس المجلس، وتسمية رئيس الحكومة، وتوزّع الحقائب، حيث سجل رئيس المجلس النيابي نبيه بري جملة مواقف كان أبرزها تأكيده إعادة تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة، وتمسكه بإسناد حقيبة المالية للوزير علي حسن خليل في هذه الحكومة، بينما طالب رئيس حزب القوات اللبنانية بضعف عدد الحقائب التي تشغلها القوات في الحكومة الحالية انطلاقاً من كونها قد ضاعفت تمثيلها النيابي، متمهّلاً في تأكيد التصويت للرئيس بري في رئاسة مجلس النواب، وفي تسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، بينما قدّم مقاربة لقراءة النتائج في الانتخابات، تقوم على اعتبار حاصل ما نالته القوات موازياً لما ناله التيار الوطني الحر في التصويت المسيحي، وتقارب عدد المقاعد التي نالها كلّ من الفريقين، للدعوة لتغيير قواعد التعامل مع الوضع المسيحي، حيث هناك ثنائية تتقاسم النسبة الرئيسية من هذا التمثيل هي القوات والتيار بالتساوي.

وأضاف أنه بينما ظّل الاستحقاق الانتخابي بتداعياته السياسية والأمنية يخيم على المشهد الداخلي، خطف قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الأضواء وسط ترقّب تأثيراته السلبية على العالم والمنطقة برمّتها، بما فيها لبنان، مع توقعات بأن تتصاعد الضغوط الأميركية السياسية والعقوبات المالية على حزب الله ربما تصل الى منعه من المشاركة في الحكومة المقبلة. غير أن مصادر مطلعة في فريق المقاومة أشارت لـ «البناء» الى أنه «بعد نتائج الانتخابات التي كرّست ثنائي أمل وحزب الله الممثل الشرعي للطائفة الشيعية في لبنان بحصدهما جميع المقاعد النيابية الشيعية وارتفاع حجم تمثيلهما الوطني إلى 75 نائباً من خلال التحالفات والتفاهمات مع قوى أخرى، لم يعُد بإمكان الولايات المتحدة ولا أي قوة في العالم منع حزب الله من المشاركة في الحكومة». وأوضحت المصادر أن «حزب الله وأمل والقوى الحليفة حصنوا المقاومة وسلاحها من خلال المجلس النيابي الجديد في المواجهة المفتوحة مع أميركا وإسرائيل ودول الخليج. وبالتالي سلاح المقاومة أُبعد أكثر عن دائرة الخطر الداخلي والخارجي أيضاً»، وأكدت بأن «حزب الله سيكون شريكاً أساسياً وفاعلاً في اختيار رئيس الحكومة والتركيبة الحكومية الجديدة والبيان الوزاري ولجهة فعالية مشاركته في الملفات الداخلية بحجم مشاركته في القضايا الخارجية والوطنية الكبرى»، ولفتت المصادر الى أن «الموقف الأوروبي من القرار الأميركي هو الذي سيحسم تأثير الانسحاب الأميركي السلبي على المنطقة، وبالتالي في ظل الموقف الأوروبي المعارض لقرار أميركا، فإن مفاعيل هذا القرار ستكون محدودة».

وأضافت المصادر بأن حزب الله لم يحسم خياره بمسألة استحقاق رئاسة الحكومة حتى الآن. وهو سيربط عودة الحريري أو غيره الى السرايا الحكومي بشروط تتعلق بمدى استجابة هذا الرئيس المكلف بالعمل وفق المصلحة الوطنية وليس للدول الخارجية والخليجية تحديداً، وبمدى التزامه بالأولويات الداخلية كملف النازحين السوريين والعلاقة مع الدولة السورية والسياسات المالية والاقتصادية. وتساءلت المصادر هل يستطيع الرئيس سعد الحريري الانفكاك عن التحالف الأميركي الخليجي لصالح تحالف داخلي لحل مشاكل البلد المتفاقمة؟ وهل سيبقى ممثل السعودية في لبنان والمعترض على سياسة العهد في ملفات عدة لا سيما النازحين السوريين والانفتاح على سورية؟ وأشارت المصادر إلى أن «حزب الله ليس ملزماً بتسمية الحريري والأمور مرهونة بمواقيتها».

2018-05-10