ارشيف من :آراء وتحليلات
هل اقتربت الحرب الواسعة مع العدو الاسرائيلي؟
هل يمكن القول أن ما حدث فجر العاشر من أيار الحالي من اشتباك صاروخي متبادل بين الأراضي السورية والجولان المحتل، يُعتبر المستوى الأخير من المواجهة المباشرة التي تسبق الحرب الواسعة بين الطرفين، وذلك تِبعاً لما تمثّله الأهداف والأهداف المقابلة التي إستُهدِفت في هذا الاشتباك، أم أن هذه الحرب الواسعة ما زالت بعيدة ولم تكتمل عناصرها حتى الآن، رغم أن جميع معطياتها العسكرية والديبلوماسية أصبحت متوفرة؟
مؤشرات الحرب
- في إعتدائها الأخير، حاول الكيان الاسرائيلي إستهداف منظومات الدفاع الجوي الأساسية للجيش العربي السوري وحلفائه في محور المقاومة، وذلك في المثلث الأكثر فعالية، ما بين منطقة الكسوة ومطاري الضمير والمزة العسكري، (الأكثر فعالية) إستنادا لأنواع المنظومات المتطورة المنتشرة ضمنه، وهذا يعتبر من الناحية العسكرية مؤشراً رئيساً لمحاولة إبعاد السلاح الأمثل المضاد لقدراتها الصاروخية والجوية، والتي ستكون عماد المعركة في أي حرب مقبلة، وحيث انها دأبت دائما في السنوات الأخيرة على هذا النوع من الاعتداءات، على خلفية إستهداف التواجد الايراني وتواجد حزب الله في الميدان السوري، أو على خلفية دعم الارهابيين في قتالهم ضد الدولة السورية، يبقى المستوى المرتفع من تركيزها الأخير على تلك المنظومات، إشارة قوية نحو جنوحها المرتقب باتجاه المواجهة الواسعة.
- اللافت كان في الرد الصاروخي الذي إنطلق من الداخل السوري، بأنه إستهدف ولأول مرة منذ فترة بعيدة، مواقع ونقاطاً عسكرية تابعة للعدو الاسرائيلي في الجولان السوري المحتل، وحيث ان طبيعة هذه المواقع العدوة هي دفاعية، وتتعلق بأغلبها بمنظومة القيادة والسيطرة والحرب الالكترونية لدى العدو، من مراكز اتصالات ورصد وتنصت وتشويش، بالاضافة لمقر القيادة العسكرية الاقليمية للواء 810، و مقر قطاع كتائب عسكرية في حرمون، فقد جاء إختيار هذه الأهداف الحساسة، والتي تم اكتشافها بالرغم من انها مواقع يُفترَض ان تكون سرية، يعتبر في إطار الاستطلاع الذي يسبق التحضير لعملية هجومية، وبالتالي يؤشر لنوايا عملية قتالية لوحدات محور المقاومة، ربما تكون على شكل إختراق تلك الجبهة والعمل على تحريرها في أية مواجهة مقبلة.
- هذه المؤشرات العسكرية المذكورة ليست معزولة أبداً عن المؤشرات الاستراتيجية التي تؤسس لامكانية الحرب الواسعة في المنطقة، والتي تتمحور حول الجو العام المشحون بين كيان العدو ومحور المقاومة، من جهة على خلفية انسحاب الاميركيين من الاتفاق النووي مع ايران مؤخراً، ومن جهة أخرى على خلفية التصويب الاميركي - الاسرائيلي الواسع، على النفوذ الايراني في المنطقة بشكل عام، وفي سوريا بشكل خاص.
المؤشرات التي تستبعد الحرب
- في الاشتباك الأخير، نجحت الدفاعات الجوية السورية والحليفة في إعتراض نسبة كبيرة من الصورايخ المعادية، والتي حاولت استهداف النقاط والمواقع السورية الحساسة، وكانت قد نجحت أيضاً وبنسب متفاوتة، في اعتراض الوسائط الجوية والصاروخية العدوة، وذلك قبل واأثناء وبعد العدوان الغربي الثلاثي على سوريا في بداية الشهر المنصرم.
- أيضا في الاشتباك الاأخير، نجحت القوة الصاروخية التابعة للجيش العربي السوري وحلفائه في محور المقاوم ، في استهداف المواقع العدوة في الجولان المحتل، من خلال تجاوزها القبة الحديدية ومنظومات الدفاع الجوي العدوة، حيث إعترف العدو باسقاط اربعة صواريخ منها فقط من أصل عشرين، مع العلم أن معطيات محور المقاومة تشير الى نجاح عدد أكبر من ذلك في اصابة أهدافها.
من هنا، وانطلاقا من تطور فعالية منظومة الدفاع الجوي التي يملكها الجيش العربي السوري وحلفاؤه "دفاعياً" في حماية الاجواء، و" هجومياً" في تجاوز المنظومة الدفاعية العدوة، يمكن اعتبار ذلك عاملا رادعا لدى العدو، يجعله يعيد حساباته قبل إتخاذ أي قرار بشن حرب واسعة، خصوصاً أنه يعتمد في معركته بشكل أساسي ورئيسي وشبه كامل على الصواريخ والقاذفات الاستراتيجية، وليس بتاتا على الوحدات البرية من مشاة أو مدرعات.
- من ناحية اخرى، لم يتغير شيء حتى الآن فيما يكتنف العدو من غموض حول ما يملك محور المقاومة من أسلحة كاسرة للتوازن، والتي كان دائماً يصوب عليها ويخشاها دون أن يتمكن من تحديدها، كل ذلك خلق لديه هاجساً لم يستطع حتى الآن تجاوزه، من امكانية فشله في أية مواجهة غير محسوبة مع محور المقاومة، ومن الامكانية الكبرى لتكبده خسائر ضخمة، وخاصة بين ضباطه وجنوده، الأمر الذي يخشاه ويخافه ويبتعد عنه دائما.
- وتبقى هشاشة جبهته الداخلية والتي حتى الآن لم تكتمل إجراءات حمايتها، في الانفاق والملاجىء وفي جهوزية حرس المستوطنات القادرين على صد الاختراقات الأكيدة لعناصر محور المقاومة.
من هنا، وانطلاقا من كل ما تقدم من مؤشرات، يمكن إستبعاد إتخاذ العدو القرار بشن حرب واسعة، وهو حتماص سوف يحاول الابقاء على مستوى النزاع كمعركة بين الحروب، عبر الاعتداءات الحساسة والمؤذية دون الجنوح الى حرب واسعة، وهذه الاعتداءات سوف تبقى كما الآن، مترافقة مع ضغط ديبلوماسي متواصل على محور المقاومة، تقوده أغلب الدول الغربية تقريباً، وقسماً كبيراً من الدول " الشقيقة" في المنطقة.
ولكن، يبقى السؤال الذي يفرض نفسه، وهو كيف سيتعامل محور المقاومة مع استكمال العدو مناورته الخبيثة والقاضية بالاستهداف المتدرج والممنهج لقدرات المحور والعمل على تدميرها تباعا، في ظل الخشية التي يبديها العدو حتى الآن، من الحرب الواسعة؟