ارشيف من :صحافة عربية وعالمية

باختصار: ماذا يملك نصرالله؟

باختصار: ماذا يملك نصرالله؟

زهير ماجد - صحيفة الوطن العُمانية

رغم أن فرانز فانون اتهم “ثوار” العالم الثالث بأنهم يكثرون من السفر، وأنهم الأكثر بذخا، إلا أن بعض الوقائع تؤكد العكس، فمثلا عندما استلم الرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلله الحكم في بلاده ظل في بيته المتواضع، وعندما سألته الصحافة عن هذا الوضع أجاب “لكي لا يقال بأني خنت مبادئي وشعبي”.. وذات حوار مع الشاعر المصري عبدالرحمن الأبنودي قال فيه “إنهم” لو وضعوا يدهم ولو على عشرة جنيهات في جيب جمال عبدالناصر لأقاموا الدنيا عليه بأنه أكل مال الشعب، فيما تأكد أن الرجل مات أفقر من أي فقير بل كان للبنك المركزي المصري دين عليه من جراء شرائه شقة لابنته .. وعديدة هي المقاربات أيضا.

في الموضوع الفلسطيني مثلا، كان ياسر عرفات لا يهدأ، يتنقل بطائرات خاصة .. لكن أكثر ثورة في العالم تعرض فيها قياديوها للاغتيال، هي المقاومة الفلسطينية، بحيث اغتيل معظمهم تقريبا حتى الأخير فيهم عرفات ذاته كما يؤكد عارفون.

لعل هذا الكلام مدخل إلى ما تم فرضه على قياديين في حزب الله من قبل أميركا، وبالذات على أمينه العام حسن نصرالله. وهو أمر فيه الكثير من الخفة في فهم شخصية هذا القائد العربي، وفي طريقة عيشه، وفي تنقلاته، وفي تصرفاته اليومية، وفي إطلالاته المحسوبة أمنيا بدقة، بل في راتبه الشهري الذي لا يتجاوز الألف وثلاثمئة دولار، كما قال في إحدى المقابلات.

نصرالله فقد ابنه البكر شهيدا، وما تبقى من أبنائه لم يقل حتى الآن عن تصرفات وعن أوضاع لهم فاقعة .. ثم هو لا يملك من حطام الدنيا لا طائرة ولا سيارة وربما لا منزلا خاصا ولا يختا، ولم يثبت الأميركي أو أي مصرف عربي أو أجنبي أن لديه رصيدا خاصا، ولقد فتشوا وبحثوا ولم يتركوا مكانا مشكوكا بأن يكون له مال خاص فيه إلا وفعلوا ما فعلوه بحثا، لكنهم لم يصلوا إلى أية نتيجة.

ثم إنه لا يسافر وقليل الحراك إلى حد الندرة، وأكد مرارا أنه عاش في لبنان وسيموت فيه، وإذا ما سلطنا الضوء على الاستهدافات الإسرائيلية في الضاحية وغيرها لبيوت وأبنية خلال حرب 2006، فقد كان دائما هنالك ظن بأنه موجود فيها .. بحثت عنه الطائرت الإسرايلية طويلا في تلك المطاردة الطويلة، كان المطلوب الرئيسي وما زال.. فهو ليس فقط مؤثرا في شعبيته اللبنانية والعربية وتحديدا لدى الفلسطينيين، بل في داخل إسرائيل، ويشكل لدى مستوطنيها الأكثر صدقا من كل المسؤولين الإسرائيليين لأنه الأصدق وإن وعد وفى كما يقولون، لهذا يخافون كلامه، ويتابعونه بدقة، ويبنون على ما يقوله الكثير من القلق المتراكم.

يقول محللون إن نصرالله حالة ثورية خاصة، إذ لم يصدر حتى الآن عنه أية معلومات لها خصوصية به .. هنالك تكهنات لا يؤخذ بها، ولا يعول عليها أن تكون مادة متكاملة، وحتى تاريخه الشخصي، أي قبل أن يصبح أمينا عاما وحتى في مرحلة شبابه، ليس هنالك ما يعيبه، وإلا لكان قيل الكثير فيه، سوى أنه كان معروفا عنه ثقافته الواسعة .. وقد أخبرني أحد الكتاب اللبنانيين أنه منذ سنوات طويلة وقبل أن ينشأ حزب الله، قصد العلامة محمد حسين فضل الله ليسأله عن مرجع ديني شاب يتمتع بثقافة واسعة، فقام بدله فورا على حسن نصرالله وأخبره أنه الأميز بين جيله الشاب الصغير في ثقافته الواسعة، وعندما أجرى هذا الكاتب لقاء مع نصرالله آنذاك اكتشف اطلاعه ومتابعته وثقافته وما يتمتع به من حضور.

2018-05-19