ارشيف من :نقاط على الحروف
ماذا يعني الرئيس الروسي بانسحاب القوات الأجنبية من سوريا؟
لا شك أن تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخير حول ضرورة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا، يحمل الكثير من الأبعاد والاحتمالات. وفيما رآه البعض موجهاً نحو ايران وحزب الله بدرجة أولى، ونحو الآخرين بدرجة ثانية، رآه البعض الآخر على العكس من ذلك. وحيث اختلفت طبعا كل من الجهتين في تحديد المقصود من هذا التصريح، فمن هي القوات الأجنبية الموجودة في سوريا، ما الدور الذي لعبته؟ وماذا يحمل تصريح الرئيس الروسي من الناحية العملية؟
- الوحدات العسكرية الروسية: تتوزع بين مستشارين عسكريين، وحدات خاصة، قوات جوية وبحرية، وهي وحدات تملك الشرعية القانونية حسب القانون الدولي بالتواجد في سوريا، إذ يرعى هذا الوجود اتفاق رسمي مع الدولة السورية، وحيث كان تواجدها بالاساس لمحاربة الارهاب ومساعدة الدولة السورية على مواجهة الحرب الكونية التي شنت ضدها، وقد نجحت في هدفها هذا مبدئيًّا، هي اليوم ترعى وتواكب الحل السياسي الداخلي في سوريا، وستبقي على تواجدها في القواعد الجوية والبحرية، والتي أصبحت تشكل نواة للقواعد الروسية الاستراتيجية في الشرق الأوسط وعلى المياه الدافئة.
- وحدات محور المقاومة: تتوزع بين عناصر حزب الله اللبناني بالاساس، ومستشارين عسكريين ايرانيين، وعناصر عسكرية غير رسمية من العراق وايران، تنتشر في مواقع سورية مختلفة ضمن مجموعات دعم ومساندة للجيش العربي السوري. يعتبر وجودها شرعياً حسب القانون الدولي، وذلك استنادا لموافقة الدولة السورية على هذا التواجد، وقد لعبت هذه الوحدات دوراً مهما وحيويا في دعم الجيش العربي السوري على صدّ هجمات جحافل الارهابيين، والتي كانت قد استهدفت المناطق والمدن السورية خلال كامل فترة الحرب.
- الوحدات العسكرية الأميركية: تتوزع بين مستشارين ووحدات خاصة وقوات جوية، وتنتشر ميدانيا في شرق وشمال شرق سوريا، ضمن قواعد جوية خفيفة وضمن منشآت لوجستية وغرف عمليات ومراقبة وتنسيق، وجودها غير شرعي من ناحية القانون الدولي وتعتبر وحدات محتلة بامتياز، تدعم مجموعات مسلحة محلية وأجنبية، وحيث تدعي انها تقود تحالفا دوليا لمحاربة "داعش" والارهاب، لم تبرهن أنها صادقة في ذلك، بل أظهرت كافة المعطيات والوقائع التي رافقت نشاطها العسكري والأمني في سوريا، أنها تستوعب الارهابيين والمسلحين الآخرين لاستغلالهم في تنفيذ أجندتها الخاصة، والعمل على إضعاف الجيش العربي السوري بهدف تقسيم وتفتيت سوريا.
- الوحدات العسكرية التركية: تنتشر بطريقة غير شرعية وعلى شكل احتلال واضح في الشمال السوري، ما بين جرابلس وعفرين والباب وادلب، وذلك بشكل مباشر من خلال وحداتها العسكرية المختلفة في مراكز ثابتة وفي نقاط مراقبة، وبشكل غير مباشر من خلال خليط واسع من الإرهابييين والمسلحين، ترعاهم وتسلحهم وتوجههم من جهة، وتشرف على القتال المتبادل وعلى والتصفيات الدموية بين بعضهم البعض من جهة أخرى.
- الارهابيون الأجانب: بعد تمدد سيطرة الدولة السورية حاليا وتحريرها لأغلب المناطق، انحصر تواجد هؤلاء الإرهابيين الأجانب، فقط في اماكن تواجد الاميركيين والاتراك، وهم ينتمون لجنسيات مختلفة تتبع لأغلب الدول الاقليمية والاجنبية يقاتلون بشكل مأجور فقط للقتال وللارهاب، دون أي هدف سياسي واضح أو محدد، وتتحمل مسؤولية جرائمهم ومخالفتهم للقوانين الدولية بشكل عام، الدول التي مولتهم وجهزتهم بالأسلحة وأمنت وصولهم الى سوريا، ويمكن القول أن تواجدهم في سوريا يرتبط بشكل مباشر بالتواجد الاميركي والتركي.
انطلاقا من كل ما سبق، لناحية تحديد القوات الاجنبية المتواجدة في سوريا، وتحديد اهدافها ودورها في الحرب السورية، وعلاقتها بالدولة السورية، ومشروعية أو عدم مشروعية تواجدها استناداً للقانون الدولي، لا يمكن أن يكون ما قصده الرئيس الروسي في تصريحه الاّ التالي:
- القوات الأجنبية التي عليها الانسحاب من سوريا هي القوات المحتلة، والتي يعتبر تواجدها غير شرعي ولا يحظى بموافقة الدولة السورية، وهي بالتحديد الأميركية والتركية، بالاضافة لملحقاتها من المجموعات الارهابية التي تجمعت من أقاصي الارض لتشكيل منظومة الحرب على سوريا برعاية اجنبية (اميركية وتركية وخليجية) .
- القوات الاجنبية الأخرى، الروسية أو التابعة لمحور المقاومة، يعود قرار إنسحابها للدولة السورية، والتي لن تتأخر عن طلب ذلك بعد عودة التوازن الميداني والعسكري الى الداخل السوري، أي بعد انسحاب الغزاة غير الشرعيين، من أميركيين وأتراك وتوابعهم، وبسط الدولة السورية سلطتها على كامل الجغرافيا السورية.
وأخيراً، حيث تحدد المعاهدة الدولية بين موسكو ودمشق، ظروف وحيثيات وتفاصيل التواجد العسكري الروسي في سوريا بكل وضوح و سهولة، لن تكون آلية وترتيب إنسحاب قوات محور المقاومة من سوريا أقل وضوحاً وسهولة وسلاسة، وذلك بالتنسيق التام مع الدولة السورية والتي هي اليوم تستكمل وبثبات تحرير كامل التراب السوري بشكل متسارع ولافت.