ارشيف من :تحقيقات
فرحان الشعلان.. توأم القنطار في الشهادة
لم ينس فرحان الشعلان يوما أنه ابن الجولان السوري المحتل وأن جبروت غاصب فرض على عائلته الإقامة القهرية في جرمانا بريف دمشق، فما كاد نجم الشاب يسطع في العمل الوطني والإغاثي بجرمانا خلال اندلاع الأزمة في سوريا حتى قبل بلهفة وفخر دعوة الشهيد سمير القنطار إلى تأسيس خلايا لمقاومة عربية يكون قوامها الشباب المقتدي برمزية القنطار وسيرته التي تحاكي الأسطورة، لكن غارة اسرائيلية شنت على مكان اجتماع الرجلين في جرمانا، أصابت الفكرة، دون أن تتمكن من اجتثاثها من عقول المريدين.
في منزل العائلة
أدرك عصام الشعلان بحس الأبوة لديه أن ولده فرحان يخفي أمراً جللاً. فالشاب المضطلع بالشأن المقاوم في جرمانا تغير به الحال كثيرا منذ أن شاعت علاقته بسمير القنطار الذي راح يتردد بشكل دوري على تلك المنطقة من ريف دمشق. الشعلان كان يثق بالمثل القائل : "قل لي من تصاحب أقول لك من أنت"، وكفى بالقنطار صاحبا وخليلاً يقول عصام الشعلان والد الشهيد لموقع "العهد" الإخباري. ويضيف " لم يكن فرحان يعطيني أكثر من رؤوس أقلام حول ما يجري معه ومع القنطار، كان يتغيب كثيراً عن البيت وبعد استشهاده علمنا أنه بغيابه المتعمد عن بيته كان يحاول أن يجنبنا مصيراً مشابها لشهادته، كان يستشعر الخطر المحدق به لكننا لم نلحظ أي ارتباك في سلوكه، لقد أقبل على الشهادة بشجاعة".
القهوة الأخيرة
كلام عصام الشعلان أكده لموقع "العهد" بقية أفراد الأسرة. صفوان روى لنا الصفحة الأخيرة من حياة شقيقه فرحان "اتصل به سمير القنطار ودعاه إلى فنجان قهوة عنده في المنزل، بعد نصف ساعة أصابت الصواريخ الإسرائيلية المكان وشاع خبر استشهاد سمير وفرحان الذي قاد عائلتنا إلى مجد جديد يتصل بموروث العائلة المناهض للفرنسيين والعثمانيين والصهاينة. علا وصالحة سيفخران بما أقدم عليه أخوهما من تجهيز لقتال الصهاينة الذين "شردونا من أرضنا في الجولان ومارسوا عنصريتهم القذرة تجاه شعبنا لقد رد لنا فرحان الكرامة".
العارفون بالقنطار والشعلان يعلمون جيداً أن الرجلين نجحا خلال وقت قصير في تكوين نواة تنظيمية لفكر مقاوم وبذرة صالحة زرعت في أرض خصبة وسيطلع زرعها مهما طال الزمن أم قصر. حاضنة هذه النواة رجال كرام انحدر أغلبيتهم من جبل العرب الاشم، وجعلوا قدوتهم مقاومة تحاكي النموذج الأرقى في لبنان والتي اعتقد العدو جاهلا أنه أجهضها في الغارة التي شنها على جرمانا. يتوجه عصام الشعلان بنبض القلوب بالحديث لقائد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله "نحن لا نقول لسماحة السيد أننا نريد كذا وكذا نحن نقول له أنت ماذا تريد يا سماحة السيد ونحن طوع بنانك ورهن اشارتك".
يستحضر عصام الشعلان سيرة عائلته المنحدرة من الجولان السوري المحتل مع الغاصب الصهيوني "لا يمكن أن ننسى ثأرنا مع الصهاينة الذين شردونا من أرضنا واستولوا على أملاكنا ومنعوا أخي من حضور دفن ابنته التي حرم من رؤيتها لسنوات طوال بعد أن تزوجت هنا في جرمانا خارج الجولان المحتل. ويضيف ""اسرائيل" هي الأساس في كل ما يصيب سورية من إرهاب ولهذا نحن نقف جميعا خلف قيادة الرئيس بشار الأسد الذي لم يساوم يوما على المبادئ ولو فعل لما كانوا مضطرين إلى جلب كل إرهابيي العالم إلى سوريا".
نال فرحان الشعلان نصيبه من المجد، فالرجل الذي عمل في الظل لسنوات سرعان ما دفعته الشهادة إلى دائرة الضوء ودائرة الخلود، فبعد مئات السنين من هذا المشهد سيقال بأنه خرج من بيت متواضع في جرمانا مجاهداً أسس برفقة القنطار لفكرة مقاومة ولدت من بوح أسرارهما ولن تنتهي باستشهادهما.