ارشيف من :أخبار لبنانية
استحقاق تأليف الحكومة اللبنانية ينطلق والجمهورية الإسلامية تعلن استراتيجية تعاملها مع تهديدات الولايات المتحدة
ركّزت الصّحف اللبنانية الصّادرة فجر اليوم من بيروت على موضعين تصدّرا الواجهة المحلية والدولية، الأول إنتخاب بري لرئاسة مجلس النواب وفرزلي نائبًا له، ومسيرة تشكيل الحكومة التي ستبدأ من اليوم، والمهلة المتفق عليها بين الرؤساء عون وبري والحريري لا تتعدّى منتصف الشهر المقبل، والتّطلع إلى أن تكون مع الأسبوع الأول من حزيران مع جهوزية الرئيسين عون وبري بمساعدة الحريري في فكفكة العقد بعد تكليفه رسمياً اليوم.
أما دوليًا، فقد حدّدت إيران، أمس، على لسان آية الله العظمى الإمام السيد علي خامنئي، استراتيجية مقابلة للتعامل مع تهديدات الولايات المتحدة، من جهة، ومع أوروبا، كطرف يواصل التفاوض للحفاظ على الاتفاق النووي، من جهة ثانية، مرسيًا خريطة طريق تولّف بين الدبلوماسية وعدم المرونة مع الأميركيين، من شأنها أن تشكّل برنامج عمل للحكومة في المرحلة المقبلة.
بداية مع صحيفة "النهار" التي رأت أنه "إذا كانت السرعة التي اتسمت بها مسارعة رئاسة الجمهورية الى تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الوزراء اليوم غداة انتخاب مجلس النواب رئيسه ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس تعكس دلالة سياسية معينة، فهي أن ثمة توافقاً عريضاً على استعجال كل الاجراءات الدستورية لاستكمال المرحلة الانتقالية بعد الانتخابات وصولاً الى تأليف سريع للحكومة الجديدة. وعلى أي حال، هذا ما تسرّب من الاتصالات واللقاءات والمشاورات الرئاسية والنيابية والسياسية التي أجريت بكثافة أمس متزامنة مع الجلسة الأولى التي عقدها مجلس النواب وجدّد خلالها انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً له للمرة السادسة وانتخب النائب إيلي الفرزلي نائباً للرئيس وأعضاء هيئة مكتب المجلس اذ حدّدت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية على الفور مواعيد الاستشارات للكتل النيابية والنواب المستقلين ابتداءً من العاشرة قبل ظهر اليوم وحتى الخامسة عصراً لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة. ولم يشكّل حجم التصويت الذي ناله الرئيس بري في إعادة انتخابه والذي بلغت حصيلته 98 نائباً مجمل الأوساط النيابية والسياسية، بينما ستتجه الأنظار اليوم الى حجم التصويت الذي سيصب حتماً لمصلحة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الثانية في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، علماً أنها ستكون المرة الثالثة يتولى الحريري هذه المهمة . وعلم أن الحريري حدد يوم السبت المقبل موعداً للاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة وليوم واحد".
وأضافت الصحيفة أنه "وفي أي حال، لن يحجب تركيز الاهتمامات من اليوم على الاستحقاق الحكومي الدلالات السياسية البارزة التي تصاعدت من الجلسة الأولى لمجلس النواب المنتخب والتي يمكن اعتبارها بمثابة مؤشرات سلبية في جوانب عدّة منها لجهة رسم ملامح اختلال في التوزانات كانت "النهار" أشارت اليها أمس وجاءت وقائع عدّة في الجلسة وخلفياتها ورمزياتها لتؤكد هذا الاختلال. وبدا من خلال استبعاد "القوات اللبنانية" بفعل مدروس مسبق أن طلائع مشهدية مختلفة ارتسمت فعلاً في أفق الواقع النيابي الجديد. ثم أن انتخاب نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي لم يمر من دون إثارة الدلالات المتصلة بوصول عدد من النواب المعروفين بعلاقاتهم الوثيقة مع النظام السوري سابقاً وحالياً. وفجّر هذا البعد خصوصاً وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي انسحب من الجلسة بعد تصويته للرئيس بري معلناً رفضه "انتخاب غازي كنعان" مجدداً في هذا الموقع، في اشارة الى المرجعية السياسية التي انتمى اليها الفرزلي قبل انسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005. وهو الأمر الذي انسجم مع موقف نسب الى مصدر في "القوات اللبنانية" في الاتجاه نفسه وصف ما حصل أمس في مجلس النواب بأنه مهزلة كبيرة ودق لناقوس الخطر بفعل ارتباط الأكثرية كما قال بـ"حزب الله" والنظام السوري. كما أن النائب "القواتي" فادي سعد أعلن أنه فضل الانسحاب من الترشح لهيئة مكتب المجلس "عندما لاحظنا أن ثمة تسوية ركبت عشية الجلسة واستبعدتنا".
ورأت مصادر "تكتل لبنان القوي" أن "التوفيق كان واضحاً من أعضاء التكتل بين الميثاقية والمبدئية لناحية انتخاب رئيس مجلس النواب كما تمّ الاتفاق عليه في اجتماع التكتل، اذ أننا أمّنا الميثاقية واحترام اختيار طائفة كريمة ممثلها وبالتالي أكملنا ارساء معادلة الأقوياء في طوائفهم التي بدأناها مع انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. أما المبدئية فهي بالمعاملة بالمثل أحياناً"، حسب الصحيفة.
ومن جهة أخرى ، أكدت المصادر نفسها "اننا سنرى ورشة نيابية وتشريعية ينتظرها اللبنانيون، وخصوصاً مع انتخاب ثلاثة من أعضاء التكتل في هيئة مكتب المجلس بعد غياب ١٣ سنة، مما يساهم اكثر في الإنتاجية وفِي تحقيق الشراكة الفعلية. بالاضافة الى سعي التكتل لترؤس أربع لجان نيابية أساسية أبرزها رئاسة لجنة المال والموازنة التي تعتبرها المصادر محسومة للتيار الوطني الحر. وبالتالي أن ما رأيناه اليوم في انتخابات المجلس يشكّل انعكاساً لنتائج الانتخابات النيابية"، حسب "النهار".
وتابعت الصحيفة أنه "ومساء أمس جمع الافطار الرئاسي في بعبدا كل وجوه الدولة وعكس التوافق الحاصل حول جلسة الانتخاب في مجلس النواب وتكليف الحريري اليوم. وعقدت خلوة بين الرؤساء عون وبري والحريري قبل الافطار وكان لافتاً ان الحريري اصطحب الى القصر السيد نادر الحريري وتوجّها الى مكتب الرئيس عون ثم غادر نادر المكتب قبيل خلوة الرؤساء. وتناول الرئيس عون في كلمة ألقاها خلال الافطار الاستحقاق الحكومي فشدّد على أن "الخطوة التالية هي تشكيل حكومة وحدة وطنية تقدر على مواجهة التحديات، ويمكنها التعامل مع الوضع الإقليمي والدولي مع المحافظة على الاستقرار الداخلي، حكومة تمضي بالإصلاحات وتضع نصب عينها مكافحة الفساد وتحديث إدارات الدولة، وتسير بخطة اقتصادية تستكمل مسيرة النمو في الوطن ونهضته". ودعا الجميع الى "تسهيل تأليف الحكومة العتيدة في أسرع وقت، فالوضع الضاغط لا يسمح بإضاعة الوقت، ومعايير التأليف معروفة وليس علينا إلا التزامها وتطبيقها".
بدورها، صحيفة "البناء"، رأت أنه يبدأ اليوم مع تسمية رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة الجديدة، الاستحقاق الأشدّ صعوبة في ترتيب التوازنات اللبنانية التي كرّستها الانتخابات النيابية، بعدما شهد مجلس النواب أمس، حلقة من حلقات رسم هذه التوازنات، حيث كانت العلامة الأولى نحو مستقبل إيجابي للعلاقة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل في التصويت الذي حصده رئيس المجلس النيابي المُعاد انتخابه لولاية سادسة نبيه بري، ما يعني أن الحلف الحامي للمقاومة والمستند إلى معادلة حلف إقليمي يحقق الانتصارات، يستعيد عافيته التي أصابتها بعض الصدوع في مرحلة الانتخابات الرئاسية وما تلاها وتصاعدت حرارتها في مرحلة الانتخابات النيابية، لتبدو ذاهبة في ترسيخ التهدئة ولغة التعاون والحوار. بينما كانت الإشارة الثانية بانتخاب النائب إيلي فرزلي لمنصب نائب رئيس المجلس، بتعاون أركان هذا الحلف ومعهم أصوات من اللقاء الديمقراطي عبر خلالها زعيم اللقاء وليد جنبلاط عن ماهية تموضعه الجديد، خارج الأحلاف مع تنسيق في التفاصيل يربطه بالرئيس نبيه بري، مهما كان الثمن.
وأضافت أنه "لم يتحمّل الذين اعتادوا الخطاب المفتعل باسم السيادة وهم يبيعون اللبنانيين بضاعة فاسدة لوصاية سعودية هذا التحوّل، الذي فرضته أصوات الناخبين، الذين خذلوهم فردّوا لهم الخذلان خذلاناً. فخرج وزير الداخلية نهاد المشنوق معلناً احتجاجه على ما سماه عودة زمن الوصاية. فيما قالت مصادر قريبة من تيار المستقبل أن الاحتجاج كان يمكن أن يُترجم بصورة أفضل بمنح صوت المشنوق لمرشح القوات اللبنانية للمنصب نفسه، بدلاً من الانسحاب الذي عبّر عن غيظ المشنوق من قرار الرئيس الحريري باستبعاده عن الحكومة بداعي فصل النيابة عن الوزارة، وجدّد المشنوق ترجمة غيظه بغيابه عن الإفطار الرئاسي في بعبدا".
وتابعت الصحيفة أن "عقدة القوات التي قد تعطّل مفاعيل كلام كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري عن الحاجة لتأليف سريع للحكومة الجديدة، وعن قواعد معلومة لتشكيل الحكومة، وعدم الحاجة لإضاعة الوقت، أمام استحقاقات كثيرة، تتمثل في المطالبة بحصة حكومية للمعارضة داخل كل طائفة أو ما تسمّيه بالكتلة الثانية تتخطّى ما يتناسب حجمها النيابي. وهذا سيعني تطبيق المبدأ على عشرة نواب من الطائفة السنية خارج تيار المستقبل، يعادلون نسبياً في طائفتهم الممثلة بسبعة وعشرين نائباً، أكثر مما يعادل وزن خمسة عشر نائباً مسيحياً نالتهم القوات من أصل أربعة وستين نائباً، كما يطرح إشكالية تمثيل أكثر من عشرين نائباً مسيحياً موجودين خارج تكتلي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.
أما صحيفة "الأخبار"، فقد رأت أن إيران حدّدت، أمس على لسان الإمام خامنئي، استراتيجية مقابلة للتعامل مع تهديدات الولايات المتحدة، من جهة، ومع أوروبا، كطرف يواصل التفاوض للحفاظ على الاتفاق النووي، من جهة ثانية. وأرسى خامنئي، في خطاب أمام كبار المسؤولين، خريطة طريق تولّف بين الدبلوماسية وعدم المرونة مع الأميركيين، من شأنها أن تشكّل برنامج عمل للحكومة في المرحلة المقبلة.
وأضافت الصحيفة أن خريطة طريق وضعها المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي لمرحلة ما بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، في موازاة إعلان الإدارة الأميركية استراتيجية جديدة ضد طهران. جملة المبادئ التي حددها الزعيم الإيراني ستكون موجّهة بصورة رئيسية إلى حكومة الرئيس حسن روحاني والفريق الدبلوماسي المنكب هذه الأيام على صياغة اتفاقات مع الأوروبيين تضمن مصالح البلاد ما بعد الانقلاب الأميركي على الاتفاق. وإن بدا خامنئي متساهلاً تجاه الاستمرار في التفاوض مع الأوروبيين، إلا أن الشروط التي وضعها تشي باستشعار الحذر من قدرة الأوروبيين على تقديم الضمانات بوجه العرقلة الأميركية من خلال العقوبات. وذلك في الوقت الذي قلل فيه خامنئي من تهديدات إدارة دونالد ترامب، واستراتيجيته الجديدة ضد الجمهورية الإسلامية، التي أكد أن مصيرها سيكون مصير مشاريع أسلاف ترامب.
ووضع المرشد الإيراني، أمس، شروطاً لمواصلة إيران الاتفاق النووي مع أوروبا. وفي لقاء جمعه أمس بكبار مسؤولي الدولة، قال إن على الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) أن يثبتوا أنهم «لن يكونوا غير أمناء وناقضي عهود، في العامين الماضيين نقضت أميركا الاتفاق النووي مراراً والتزم الأوروبيون الصمت، يجب على أوروبا التعويض عن صمتها»، مشككاً بالأوروبيين الذي «نكثوا بتعهداتهم قبل نحو 14 عاماً في المفاوضات النووية التي أجريت عامي 2004 و2005»، مضيفاً: «ليست لدينا مشكلة مع الدول الأوروبية الثلاث، لكن ليست لدينا ثقة بها، وذلك بسبب ماضيهم»، حسب الصحيفة.
وتابعت الصحيفة أن خامنئي اشترط ضمان أوروبا مبيعات النفط الإيراني «بشكل كامل، بحيث إذا أراد الأميركيون توجيه ضربة إلى مبيعات النفط الإيراني، ينبغي أن نتمكن من بيع كميات النفط التي نريدها، ويجب على الأوروبيين التعويض بشكل مضمون وشراء النفط الإيراني». كذلك شدّد على وجوب ضمان المصارف الأوروبية «المعاملات التجارية مع الجمهورية الإسلامية». وطالب الأوروبيين بمواجهة الحظر الأميركي ضد طهران والتصدي له «بكل صراحة»، وإصدار قرار يدين نقض أميركا قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي أقر رفع العقوبات عن إيران. وتطرق الزعيم الإيراني إلى الحديث حول الملفات الخلافية الأخرى مع إيران، مطالباً الأوروبيين بعدم طرح «قضية البرنامج الصاروخي والنفوذ الإقليمي»، في موقف يقطع الطريق أمام محاولات الأوروبيين التوفيق بين شروط الرئيس الأميركي والحفاظ على المصالح الأوروبية في الاتفاق النووي. إذ لطالما كرر المسؤولون الأوروبيون في الأسابيع الماضية تأييدهم لإجراءات ضد طهران في ملفي الدور الإقليمي والصواريخ.