ارشيف من :نقاط على الحروف
المقاومة تحقق النصر المدوي على الكيان الصهيوني العام 2000
الزمان سنة ألفين، حيث بداية ألفية جديدة، عصر رقمي جديد لا نشكّل فيه ككتلة عربية وإسلاميّة أي رقم، والموضوع هو "نهاية التاريخ" لفرانسيس فوكوياما، و"صراع الحضارات" لصموئيل هنتنغتون، وفي هذه الأثناء وعندما كان العالم الغربي على وجه التحديد يبتهج بالألفية الثالثة، والانتصارات الحضاريّة التي حققّها والمشاريع العملاقة التي هو بصددها، وعلى حين غرّة يأتي النصر الساحق في جنوب لبنان ليجعلنا رقما في العصر الرقمي، وليفجرّ هذا الرقم أرقاما هنا وهناك، وانتصارات هنا وهناك، وإيمانا جديدا بأن الكيان الصهيوني ليس عدوا أزليا منتصرا على الدوام، بل دكدكت المعادلة التي حكمت مسار الصراع العربي الصهيوني، كان الكيان الصهيوني يَصفع ولا يُصفع، يَضرب ولا يُضرب، فجاءت ثلة مؤمنة بربها، محددة بوصلتها تجاه فلسطين، عارفة عالمة بالعدو وقدراته فصفعته وضربته ودمرته، وكان لهذا الفعل الحضاري الذي إلتف عليه محور الاستكبار والاستتباع أثر الزلزلة الحضارية في خط طنجة ـ جاكرتا ..
إن الثلة المؤمنة حققت لنا في مطلع الألفية الثالثة أعظم إنجاز حضاري، وكان ذلك مؤشرّا على أنّ هذه الألفية ستكون ألفية الانتصارات، وأنّ هذا الانتصار يوازي كل هزائمنا في الماضي والراهن العربي والإسلامي، وأننا في شوق إلى مزيد من الانتصارات والتي ستأتينا على يد رجال باعوا أنفسهم لله، فاشترى الله منهم أنفسهم وجعلهم خيرة خلقه والذين إذا حضروا لم يُعرفوا وإذا غابوا لم يُفتقدوا ...
و لم تحظ مقاومة في خطّ طنجة ـ جاكرتا بالتفاف مطلق حولها مثلما حظيت به المقاومة الإسلاميّة في لبنان والتي أهدت العرب والمسلمين نصرا دشنّ به المسلمون الألفيّة الثالثة، بعد مئة سنة من الانكسارات والانتكاسات وخصوصا مع الكيّان الصهيوني الذي أحاط نفسه بهالة من الأساطير بأنّه لن يهزم أبدا، وبقدر ما كان الإنتصار الساحق للمقاومة الإسلاميّة على العدو الصهيّوني مفرحا لكل العرب والمسلمين في العالم العربي والإسلامي وفاتحا أمالا جساما بأنّ القرن الحالي سيكون قرن الإنتصارات.. ومثلما أعاد هذا الإنتصار الحيوية للشخصية العربية والإسلامية وحول إحتمال الإنتصار على الكيان الصهيوني إلى يقين، فإن مراكز الدراسات في الغرب كله وفي الكيان العبري وضعت المقاومة الإسلامية في دائرة الاستهداف البحثي لبحث سبل القضاء على قوته المتنامية...
هذه المراكز راكمت ومنذ سنوات من بحوثها المتعلقة بالعالم العربي والإسلامي وحسب أحد الخبراء في مركز دراسات غربي فإنّ بعض العواصم الغربية باتت تخشى أن يصدّر حزب الله تجربته الكبيرة إلى العواصم العربية وخصوصا بعد نجاح أدائه السياسي في الداخل اللبناني ونجاح تصديّه لـ"إسرائيل" وانتصاره عليها في 25 أيار/ مايو العام 2000، وحسب هذا الخبير فإنّ التفاف المسلمين على امتداد العالم الإسلامي حول المقاومة الإسلامية ووقوفهم إلى جنب السيد حسن نصر الله، سيجعل انتقال تجربة حزب الله إلى العالم الإسلامي سهلة ويسيرة خصوصا وهو الحزب الوحيد الذي تمكن من صفع "إسرائيل" وإلحاق الأذى بها وهو ما عجزت عنه كل الحكومات الرسمية والحركات الراديكالية المعارضة كما قال هذا الخبير.
ويعترف هذا الخبير بأنّ ما يعرفه الغرب عن حزب الله هو مجرد عموميات لأنّ حزب الله هو من أكثر الأحزاب المحصنة أمنيا وليس من السهولة التسلل إلى دوائره، كما أنّ ما كتب عنه هو مجرد عموميات، ولهذا فإنّ مراكز الدراسات في الغرب قررت تخصيص ميزانيات لإعادة قراءة حزب الله بطريقة أكاديمية، و خصوصا بعد انتصاره على الدولة العبرية.
وهذا ما يفسر كثرة الكمائن والخطط التي رسمت لوأد قوة المقاومة الإسلامية بدءًا من الأزمة اللبنانية التي أعقبت اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري ومرورا بتطورات الوضع السوري والعربي العام حيث كان الحريق العربي المندلع العام 2011 يندرج في سياق جذب المقاومة إلى معارك في الداخل العربي، والمقاومة التي واجهت عقليا وعسكريا أكبر عدو للعرب والمسلمين كانت تعي أين موقع الكمائن والمؤامرات والمخططات المجهضة لقدرات الأمة..
من جانبها "إسرائيل" التي لم تستسغ هزيمتها على يد حزب الله في شهر أيّار/ مايو سنة 2000 وكانت تنظر بكثير من القلق إلى تنامي قوة حزب الله وتحولّها إلى ظاهرة قدوة ليس في الساحة الفلسطينية فحسب بل في كل الساحات العربية، حيث ولأوّل مرّة في تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي يتمكن تنظيم مقاوم مسلّح بإيديولوجيا كربلائية وإسلامية ومدربّ على حرب العصابات والمتاريس من إلحاق خسارة فادحة بالجيش الصهيوني الذي قهر الجيوش العربية على امتداد سنيّ الصراع العربي ـ الإسرائيلي ..
وختاماً وخلاصة القول أنّ معركة "إسرائيل" مع حزب الله في لبنان المقبلة، لن تكون من قبيل حرب "إسرائيل" مع الجيوش العربية، بل ستكون حربا مغايرة و مغايرة جدا وهذا ما بدأ قادة الكيان الصهيوني من استراتيجيين وأمنيين وإعلاميين وسياسيين الإقرار به بل والاعتراف به.