ارشيف من :آراء وتحليلات

وثيقة قرطاج الثانية والانتخابات الرئاسية التونسية القادمة

وثيقة قرطاج الثانية والانتخابات الرئاسية التونسية القادمة

اتفق جل الخبراء والمحللين على أن أهم ما يميز الحياة السياسية التونسية في السنوات الأخيرة هو التغيير المستمر للحكومات وعدم الاستقرار. ويعود ذلك إلى أسباب عديدة منها اختيار التونسيين في دستورهم الجديد لنظام شبه برلماني مبني على التحالفات الحزبية الهشة التي لا تصمد أمام الهزات المتتالية.

كما أن الأزمة الاقتصادية ألقت بظلالها على المشهد القاتم وعجزت أمامها الحكومات المتعاقبة عن إيجاد الوصفة السحرية للإقلاع بالاقتصاد التونسي أو على الأقل إعادته إلى سيرته الأولى قبل الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي. ولا يعني ذلك أن حكومات ما بعد انتخابات 2014 كسابقاتها بل حققت بعض الإنجازات على غرار استتباب الأمن والقضاء على الإرهاب وكذا بعض ما أفسده المرزوقي وحلفاؤه في الترويكا على مستوى العلاقات الخارجية.

وثيقة قرطاج ثانية
منذ سنة تقريبا، أقدم رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مدعوما بحزبه حركة نداء تونس وكذا حركة النهضة على إجبار رئيس الحكومة الحبيب الصيد على الاستقالة، وعقدت اجتماعات في قصر قرطاج انبثقت عنها وثيقة أسست لتحالف حكومي جديد مطالب بتطبيق ما جاء في وثيقة قرطاج. وتم الاختيار على يوسف الشاهد وزير الحكم المحلي يومها ليترأس الحكومة الجديدة المنبثقة عن وثيقة قرطاج.

لكن الرياح لم تجر بما اشتهى الشاهد الذي عجزت حكومته عن إيجاد المعادلة لإنقاذ الاقتصاد التونسي رغم الاستقرار الأمني. وعاد "أهل الحل والعقد" مجددا إلى قرطاج (رئاسة الجمهورية) للتباحث حول وثيقة ثانية وربما حكومة جديدة بعد أن بات رأس الشاهد مطلوبا من لدن أبناء حزبه حركة نداء تونس قبل الحلفاء والفرقاء. ولعل الغريب في الأمر أن حركة النهضة تتمسك به ولا ترى له بديلًا في الوقت الراهن.

صراع على الرئاسة
ويرى طيف واسع من التونسيين أن وثيقة قرطاج 2 لا مبرر لها خاصة وان هناك انتخابات رئاسية وتشريعية ستجري بعد سنة وأن كل ما يحصل هو صراع داخل حركة نداء تونس يتمثل في من سيكون للانتخابات الرئاسية في سنة 2019. فالبعض يرغب في تجديد العهد للباجي قائد السبسي رغم تجاوزه لسن التسعين وبالتالي إزاحة الشاهد، فيما يحبذ البعض الآخر الأخير رئيسا قادما للجمهورية التونسية وهو الذي تجاوز الأربعين بسنة واحدة وبالتالي في ذروة حياته السياسية.

ولعل ما يؤكد هذه الفرضية هو أن وثيقة قرطاج 2 جاءت خارج المنطق وسياق التاريخ فهي تتحدث عن أولويات للسنوات الخمس القادمة رغم أن أي حكومة ستتشكل ستنتهي صلاحياتها في 2019 تاريخ إجراء الانتخابات وبالتالي فلا جدية في مضمون هذه الوثيقة. ولا تبدو حركة النهضة بمعزل عما يحصل لدى الحليف (نداء تونس) فهناك ترتيبات تعد في الكواليس محورها التوافق ومواصلة تقاسم السلطة مثلما يحصل الآن.

2018-05-28