ارشيف من :مقالات
أسعار المحروقات تتجه صعودًا فهل تنخفض الأربعاء المقبل؟
لا شك أن نهار الأربعاء بات يشكل هاجسًا للمواطن اللبناني، خصوصًا أصحاب المركبات العمومية الذين يعتاشون من أجرة النقل، حيثُ يتم الإعلان عن الجدول الجديد لأسعار المحروقات خلال هذا النهار.
خلال الشهر الفائت ارتفعت أسعار المحروقات بشكل ملحوظ حتى لامس سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان نحو الـ 29.200 ليرة لبنانية، ولامس سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان إلى 28.500 ليرة لبنانية، بينما وصل سعر صفيحة ديزل اويل للمركبات حوالي 20.200 ليرة لبنانية، المازوت الأحمر 20.000 ليرة لبنانية، وقارورة الغاز زنة عشر كيلوغرامات نحو 15.500 ليرة لبنانية، وفق القرار الذي أصدره وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل.
الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع
يعزو الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة في حديث مع "العهد الاخباري" الأسباب وراء هذا الارتفاع إلى الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي يمرّ بها العالم. هذه الأسباب والعوامل التي يسميها عجاقة "بالجيوسياسية" تتجلى "بالصراع الأمريكي-الإيراني وخاصة بعد انسحاب الأولى من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على ايران، ما أدّى إلى خسارة معدل انتاج النفط الايراني الذي بلغ نحو 3.8 مليون برميل نفطي يومي، وبالتالي خوف المستثمرين مما سيؤول إليه ذلك لا سيّما بكيفية تغطية نقص هذه الكمية". كذلك يرى عجاقة أنّ ارتفاع وتيرة إطلاق الصواريخ من قبل حركة أنصار الله على السعودية في اطار الردود على العدوان على اليمن "زادت مخاوف المستثمرين من ضرب المنشآت النفطية في السعودية وتأثير ذلك على امدادات النفط". كذلك يجد أنّ المواجهة العسكرية بين إيران والكيان الإسرائيلي و"القلق" الدولي من ردة فعل إيران إزاء الاعتداءات الاسرائيلية تلعب دوراً أساسيًا في عدم استقرار سعر النفط بل وزيادته هذا بالاضافة إلى الأحداث الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها فنزويلا والتي تعد بحسب عجاقة من "أهم الدول التي تنتج النفط والتي تغذي اقتصادات كبيرة مثل الاقتصاد الهندي".
انعكاس زيادة أسعار المحروقات
هذه العوامل وغيرها ساهمت في ارتفاع أسعار المحروقات التي يبدو أن لها تداعيات محض سلبية. فعلى صعيد خزينة الدولة "يؤثر ذلك على زيادة العجز المالي المذكور في مذكرة 2018 بسبب دعم خزينة الدولة لمؤسسة كهرباء لبنان". كما يؤثر ذلك على الوضع الاجتماعي للمواطنين "فغلاء الأسعار يؤدي إلى خفض القدرة الشرائية لدى المواطنين، ومصروف الطاقة يدخل في اطار موازنة المصروف المعيشي وبالتالي سيصبح الاستهلاك أقل". كذلك يعتبر عجاقة أنّ زيادة أسعار النفط لها تداعيات غير ايجابية بما يخص الآليات العميقة للاقتصاد، حيثُ أن ارتفاع الأسعار يؤول إلى تضخم ضمني، يرفع كافة الأسعار ما ينعكس سلبًا على النمو الاقتصادي في لبنان.
ماذا عن الحلول؟
يجد عجاقة أنّ الحل الأمثل في الوقت الراهن لمعالجة هذه المسألة هي في إقرار ما يدعى "بالضريبة المنعكسة". بحيث تزيد قيمة هذه الضريبة عند نزول أسعار المحروقات وترتفع عند انخفاض هذه الأسعار. وبذلك تكون الدولة قد حافظت على مدخول ثابت من أسعار النفط دون أن يتأذى المواطن. ويرى عجاقة أن هذا الأمر يتطلب قرارًا من مجلس النواب لأن الحكومة تبقى وحدها عاجزة عن اتخاذ هكذا قرار والبت فيه.
هل تنخفض أسعار المحروقات في الفترة المقبلة؟
في عام 2017 تمّ الاتفاق بين دول "الاوبك" وروسيا على تخفيض انتاج النفط للحفاظ على أسعار نفط مقبولة لموازناتهم، ما سمح بزيادة الأسعار من 40 دولار للبرميل إلى 60 دولار. إلا أنّ هذه الاتفاقية التي تجددت عام 2018 وساهمت بثبات الأسعار حتى آذار المنصرم، استؤنفت باعلان وزير النفط السعودي هذا الشهر، الاتفاق مع روسيا على زيادة انتاجهم النفطي لتغطية النقص الذي سببته مقاطعة ايران.
ولذلك يتوقع عجاقة "انخفاض أسعار المحروقات الأربعاء القادم، نتيجة انخفاض سعر النفط العالمي بانتظار تحول معين في العوامل الجيوسياسية".