ارشيف من :آراء وتحليلات
حسم الجنوب السوري: عسكري أم سياسي
يعيش المشهد السوري مرحلة مفصلية لا سيما فيما يخص الجنوب السوري، في ظل استمرار القيادة السورية في مسارها الاستراتيجي الهادف لتحرير كامل الأراضي السورية. وعلى الرغم من المساعي السياسية التي تُديرها موسكو، تستمر الحشود الضخمة للجيش السوري تحضيراً لمعركة الجنوب. وهو ما يوضح أن القيادة السورية باتت تتصرف من موقع القوة. تُمسك بالميدان، وتتحكم بنتائجه، وقادرة على استثمارها في كلا الحالتين، الحسم العسكري أو الحل السياسي. فهل ستنجح المفاوضات أم ستتجه الأمور نحو الحسم العسكري؟
يبدو الجيش مرتاحاً لا سيما بعد سلسلة الانتصارات الكبيرة التي تحقَّقت وإنهاء تواجد التنظيمات الإرهابية في محيط دمشق. لكن الواقع الحالي ومعادلات الميدان، ساهمت في دفع التوجه نحو الجنوب السوري. فما تلك العوامل؟
أولاً: تأمين العاصمة ومنع الخطر الجنوبي عليها. وهو ما يُدركه الخبراء العسكريون، حيث أن خط جبل الشيخ - حوران - جبل العرب، هو خط الدفاع الجنوبي عن دمشق. وهو ما يفرض ضرورة منع أي تهديد للعاصمة جنوباً.
ثانياً: البعد الجغرافي للجولان السوري. حيث تجد القيادة السورية ضرورة في إعادة التمركز العسكري في تلك المنطقة قطعاً للطريق على المحاولات الإسرائيلية الأمريكية الهادفة لجعل الجولان تحت السيادة الإسرائيلية.
ثالثاً: بدا واضحاً ضعف الكيان الإسرائيلي أمام أي حرب محتملة، ما يجعل الخطوة السورية في وقتها كيفما سارت الأمور (حل سياسي أو حسم عسكري). مع الأخذ بالاعتبار ادراك جميع الأطراف أن أي تصعيد عسكري ضد سوريا قد يؤدي لحرب أوسع من نطاق الجنوب السوري.
رابعاً: انتهاء مدة اتفاق خفض التصعيد وعدم قدرة الجماعات الإرهابية المتواجدة في الجنوب تحقيق أي تغيير ميداني يُعزز من أوراق داعميهم ما يرفع من رهان الانتصار للجيش السوري كيفما سارت الأمور.
كل هذه الأسباب تكفي لدفع الجيش السوري نحو الجنوب. فالقيادة السورية باتت تستثمر انجازاتها الميدانية بعد سبع سنوات من الحرب. حيث يُدرك الجميع أن لا إمكانية للقيام بأي تغيير في المعادلات الاستراتيجية لا سيما الميدانية. ما يجعل السيناريوهات السياسية والعسكرية محتملة، لكن نتائجها ستكون حتماً لصالح سوريا وحلفائها.
من موقع القوة لا يجد الجيش السوري مشكلة في خوض معركة الحسم العسكري. خصوصاً أن بسط سلطة الدولة تعني اولاً انهاء ادارات الحكم الذاتي التي أسستها واشنطن بالتعاون مع الأردن وتل أبيب في الجنوب. وهو الامر الذي يُعطي بذاته الطرف السوري قوة أيضاً في المفاوضات. اليوم، يندفع الجيش السوري نحو إنهاء ملف الجنوب ويمتلك أوراق القوة الميدانية. وهو ما يمكن ان يستثمره في المفاوضات أيضاً. وفي حال عدم نجاحها فإن التحضيرات للعملية العسكرية تتم ولن تكون المعركة أصعب من معركة الغوطة.