ارشيف من :مقالات
صحة المواطن أسيرة أزمة المستشفيات الحكومية
تُشكّل المستشفيات الحكومية المتنفّس الوحيد لذوي الطبقات الفقيرة والمتوسطة ربما. ففي بلد كلبنان، تتحوّل الطبابة الى هاجس يومي يؤرق تفكير المواطن، مع ارتفاع كلفة الاستشفاء والأدوية التي تعد باهظة. عكس الكثير من الدول المتقدّمة التي يحتل فيها هذا الجانب أولوية وواجبا يقع على عاتق الحكومة تأمينه. فالضمان الصحي والذي يعد نعمةً لأي مواطن، تفتقر إليه العديد من العائلات التي لا تملك مسوغاً قانونياً يجيز لها الاستفادة منه، وهو الأمر الذي يكاد يكون حقاً طبيعياً من حقوق المواطنين غير قابل للمساومة، في العديد من الدول.
اليوم، ترزح المستشفيات الحكومية في لبنان أو "أم الفقراء" -كما يحب البعض تسميتها- تحت واقع مرير، يقع ضحيته المواطن، وذلك مع عودة الإضراب المفتوح الى أروقة هذه المستشفيات. أزمة سلسلة الرتب والرواتب التي يُطالب بها موظفو المستشفيات الحكومية، والتي لم تجد طريقها الى الحل بعد، عادت لتتفاعل من جديد. العاملون في هذا القطاع بدأوا اضراباً مفتوحاً منذ أسابيع، امتنعوا بموجبه عن استقبال الحالات الطارئة، باستثناء الحالات الحرجة جداً مثل العلاج الكيميائي، وغسيل الكلى. كما توقفوا عن تقديم كافة الخدمات، بانتظار تلبية مطالبهم المعلّقة منذ أشهر. يلوّح هؤلاء بخطوات أكثر تصعيد، إذا ما استمرّ هذا الواقع، وفق ما يؤكّد أمين سر الهيئة التأسيسية لنقابة العاملين في المستشفيات الحكومية سامر نزال لموقع "العهد" الاخباري.
يُعرب نزال عن قلقه من استمرار وضع القطاع الصحي على ما هو عليه. يُكرّر مطالب الزملاء العاملين في المستشفيات الحكومية بقوله "لا نُطالب بمعجزة، جل ما نريده، مطلب واحد يتمثّل بإعطائنا سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت في الواحد والعشرين من آب/ أغسطس المنصرم أسوة بزملائنا في القطاع العام". يلفت نزال الى أنّ هذا المطلب لا يزال يرزح تحت دائرة المماطلة والوعود التي لم نر منها شيئاً. يشير الى أنّ البعض يعمل على تحويل القانون الى وجهة نظر. وهنا يلفت الى القانون رقم 46 الواضح في هذا الصدد، والذي يعطي موظفي المستشفيات الحكومية الحق في الاستفادة من الزيادة المقرة، موضحاً في هذا الصدد أنّ العاملين لا يزالون بانتظار رد وزارة المالية على الجداول التي رفعتها مجالس ادارة المستشفيات الحكومية الى وزارة الصحة، التي رفعتها بدورها الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. الأخيرة حولتها الى وزارة المالية، وهناك لا تزال عالقة، يضيف نزال الذي يؤكّد اللجوء الى خيارات أكثر تصعيداً ابتداء من الاسبوع المقبل في حال لم يجر البت بالقضية.
يأسف نزال لعدم اعتماد معيار ثابت لجهة سلسلة الرتب والرواتب بين كافة القطاعات. يُطالب وزارة المالية بضرورة البت بملف الجداول، بعيداً عن الوعود والاجتماعات التي لا تجدي نفعاً. وهنا يؤكّد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر للعهد أنّ ازمة المستشفيات لا بد أن تجد طريقها نحو الحل، لكنه يُرجّح ان تأخذ المزيد من الوقت، وحتى ذلك الحين يبقى المواطن رهينة الاضرابات والاعتصامات، ويبقى مصيره الاستشفائي على المحك.