ارشيف من :آراء وتحليلات

الدم بالدم... حيث يجب أن يكون

 الدم بالدم... حيث يجب أن يكون

في المواجهة الأخيرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الاسرائيلي، أصدرت المقاومة بيانا ذكرت فيه انه من اليوم فصاعدا سيكون "القصف بالقصف والدم وبالدم" في إشارة الى أن الاعتداءات الصهيونية المتواصلة على قطاع غزة لن تمر دون رد، وان المقاومة الفلسطينية لن تسمح للهدنة مع الكيان الصهيوني بان تطلق اليد "الاسرائيلية" مقابل تكبيل اليد الفلسطينية.

 

إن شعار "الدم بالدم" الذي رفعته فصائل المقاومة الفلسطينية أعاد للأذهان البيانات الصوتية والمكتوبة التي كانت تصدر عن الجماعات التكفيرية، كما أعادت للأذهان الحلف الذي جرى في القرن الثامن عشر بين الوهابية وال سعود، حيث تصدرت عبارة "الدم الدم والهدم الهدم" هذا الحلف.

استعمل الوهابيون وبني سعود هذا الشعار وجعلوه جسرا للنيل من المسلمين في شبه الجزيرة العربية ممن لا يقبل بعقيدة الوهابية ولا يخضع لهيمنة بني سعود. فهدموا الصوامع والقبور والقباب، وغزو المناطق المحيطة، ونهبوا اهلها، ووصلوا الى الكويت والعراق، وعمدوا الى السطو على القوافل بما فيها قوافل الحجيج.

دعمت الوهابية حركات التكفير، ومولت المدارس الدينية في العالم الاسلامي لنشر ثقافة الموت والدم والكراهية، فلم تسلم افغانستان ولا العراق وليبيا وسوريا ولبنان وتونس والمغرب ... وانتشرت المدارس التكفيرية في اندونيسا وتايلاند، وهيمنت على مساجد في اوروبا، فلم يسلم من حملة "الدم الدم" الوهابية الا الكيان الصهيوني الغاصب.

عندما انتشرت حركات التكفير من "داعش" وأخواتها، كان لشعار "الدم الدم" الحظ الأوفر في بيانات هذه الجماعات وتسجيلاتها الصوتية وغير الصوتية، ولم تكن العبارة مجرد كلمة تقال بل اقترن البيان بالأفعال، فسالت الدماء في العراق وسوريا وليبيا ومصر، وفيما تنشط داعش في سيناء، فان حملات "الدم الدم" تستهدف الجيش المصري والمصلين فيما لا يبعد يبعد جنود الاحتلال سوى بعضة كيلومترات عنهم. وفي سوريا "ترابط" داعش والنصرة على حدود الجولان ومع ذلك فان "الدم الدم والهدم الهدم" يوجه بالاتجاه المعاكس لوجود العدو الاسرائيلي، حيث توجه البنادق نحو درعا والقنيطرة وما حولهما، ومن جديد فان العدو الاسرائيلي يكون بمنأى عن شعارهم  الوهابي-الداعشي.

وبالعودة الى فصائل المقاومة الفلسطينية التي أطلقت في بيانها عبارة "القصف بالقصف والدم وبالدم" فانها قد أعادت لهذا الشعار بعضاً من اعتباره. لأن الدم الدم لا يكون الا على المعتدين الحقيقيين، وعلى الجماعات التي تعتاش على القتل والاقصاء كالحركة الصهيونية، وأن الدم الدم حالة دفاعية.

لقد أعادت المقاومة الفلسطينية هذا الشعار الى مكانه الطبيعي، أعني ضد الحركة اليهودية- الصهيوينية بوصفها جماعة ارهابية لا جماعة دينية وان اتخذت الدين ستارا لها، وليس الى صدور الشعوب العربية والاسلامية.

إن قيمة هذا الشعار في كونه صدر اولا من قيادات الفصائل الفلسطينية وثانيا أنه صدر تحديدا من حركتي حماس والجهاد الاسلامي بوصفهما حركتين اسلاميتين، مما يعيد نوعاً من التوازن الى هذا الشعار في مقابل حركات التكفير التي شوهت "الجهاد".

إن شعار الدم الدم عندما أطلقته المقاومة الفلسطينية لرد العدوان الاسرائيلي ولترسيخ معادلة ردعية، فإنها بذلك تكون قد وضعت هذا الشعار في مكانه المناسب وحيث يجب أن يكون.

2018-06-01