ارشيف من :نقاط على الحروف
قتل المدنيين.. اعترافات أميركية فاضحة وتبريرات ساذجة!
اعترف التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الاميركية لقتال تنظيم "داعش" الارهابي، أنه تسبب بمقتل نحو تسعمئة شخص مدني في العراق وسوريا خلال الغارات الجوية التي شنها على مواقع الارهابيين في هذين البلدين، منذ صيف عام 2014.
وبحسب التقرير الشهري الأخير لشهر ايار-مايو الماضي، الصادر عن هيئة اركان القوات المشتركة التابعة للتحالف الدولي، "شن التحالف الدولي منذ شهر آب-اغسطس عام 2014 وحتى أواخر نيسان-ابريل عام 2018 حوالي 29358 ضربة، والى اليوم تعتقد هيئة الأركان للقوات المشتركة، بناء على معطيات متوفرة لديها، أن ما لا يقل عن 892 شخصاً مدنياً تم قتلهم بصورة غير متعمدة جراء ضربات التحالف منذ بدء عملية العزم الصلب".
وأشار التحالف الدولي الى "إن 476 تقريراً حول مقتل المدنيين كان قيد الدراسة في نيسان أبريل الماضي"، موضحا "أن المعلومات حول 149 حادثاً صنفت بغير الصحيحة، فيما تم تأكيد خمسة تقارير أخرى تحدثت عن مقتل تسعة أشخاص، أما الباقي فيجري النظر فيها حاليا"!.
وكان التحالف الدولي أعلن في تقريره السابق الذي صدر عنه أواخر شهر نيسان الماضي، أن "عدد المدنيين الذين قتلوا بعملياته في العراق وسوريا وصل الى 883 شخصا على الأقل".
وتؤكد أوساط غير رسمية عراقية، ان الارقام الواردة في تقارير التحالف الدولي عن ضحايا عملياته العسكرية، اقل بكثير من الارقام الحقيقية، ناهيك عن الخسائر والاضرار المادية، التي غالبا ما يتم التغاضي عنها او تبريرها بطريقة غير مقبولة. وتستدل تلك الأوساط على ذلك بعدد الضحايا وحجم الدمار الذي لحق بالمدن العراقية التي كان للتحالف الدولي دور في تحريرها من تنظيم داعش الارهابي، كما هو الحال مع مدينة الرمادي، التي بلغ حجم الدمار فيها اكثر من 80%، وكذلك محافظة نينوى.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، أوقعت غارات جوية اميركية في اذار/مارس من العام الماضي على أحياء في مدينة الموصل اكثر من ثلاثمئة شهيد وجريح، وقد أدى ذلك الى ردود افعال واسعة، الامر الذي ارغم القيادات العسكرية الاميركية الى الاعتراف بالمجزرة التي ارتكبتها، مع تكرار ذات التبريرات والحجج التي تسوقها في كل مرة، تحصد فيها ارواح الابرياء بدم بارد.
وبخصوص تلك المجزرة المروعة، قال مسؤولون في وزارة الحرب الاميركية (البنتاغون) في حينه "ان الجيش يحاول تحديد عدد المدنيين الذين قتلوا إثر غارات الموصل وكيف يمكن أن يكون قد حدث ذلك.. بعض الأسئلة التي يطرحها الجيش هي، هل قامت الولايات المتحدة بضرب المباني التي زُعم أن المدنيين قتلوا فيها؟.. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تعلم الولايات المتحدة بوجود المدنيين هناك؟.. وهل قامت القوات الأمريكية بضرب المباني الخاطئة وليس المقصود استهدافها؟.. كم عدد المدنيين الذين قتلوا؟.. وهل قتلوا بسبب قنابل أمريكية أم كان هناك انفجار ثانوي من التفجيرات أو موجات الانفجار التي تسببت في مزيد من الدمار؟
وأشار هؤلاء المسؤولون الى "ان الولايات المتحدة لا تستبعد احتمال استخدام تنظيم "داعش" لبعض المدنيين كدروع بشرية، ولكن المسؤول الذي لديه معرفة مباشرة بالتحقيق، قال إن هناك حاجة ملحة لمعرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة مسؤولة بسبب حجم الأحداث"!.
ويمكن للمتابع ان يلمس بكل بساطة، سذاجة مثل تلك التبريرات، التي يراد منها تضليل الرأي العام وخلط الاوراق، من خلال طرح تساؤلات غريبة، لا يمكنها الصمود أمام الحقائق الدامغة المؤلمة والمروعة على الارض.
فضلا عن ذلك فإن قوات التحالف، استهدفت مرات كثيرة مواقع للجيش العراقي والحشد الشعبي، ومناطق سكنية، وتسببت بسقوط الكثير من الضحايا، وكانت في كل مرة تدعي أن القصف حصل بالخطأ، في ذات الوقت الذي كانت فيه توفر الغطاء والحماية للعصابات الارهابية.
الأمر عينه حصل مرات عديدة في سوريا، ولعل الجزء الأكبر من تلك الضربات، مقصودة ومبيتة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، التي تريد من ورائها، إما إضعاف الحشد الشعبي وإبعاده عن ميدان ما، أو فتح ثغرات ومنافذ للارهابيين حينما تتم محاصرتهم والتضييق عليهم بالكامل، من قبل القوات والأجهزة الأمنية والعسكرية، أو توسيع مساحات نفوذها وتواجدها العسكري في مناطق ومدن معينة.
وبالتالي، فإن ذلك يعني تواجداً عسكرياً أميركا لفترة أطول، أو لأمد غير معلوم، ويعني بث الحياة والروح في جسد الإرهاب، بعدما تقطعت أوصاله، وتفككت منظوماته، وتلاشت عناصر قوته، ومقومات ديمومته في العراق وسوريا.