ارشيف من :آراء وتحليلات

الوعد الانتخابي الذي لن يحققه ترامب

الوعد الانتخابي الذي لن يحققه ترامب

نقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب سفارة الكيان الصهيوني الى القدس وألغى الاتفاق النووي مع ايران كما وعد، كما يقوم بفرض سياسات "حمائية" وملاحقة المهاجرين. ولكن هل حققت وعوده المجنونة ما تعهد به من عودة امريكا الى "عظمتها"؟

نشك في ذلك كثيرا، فهو يسير بخطوات حثيثة لفقد حلفاء أمريكا وايذائهم، ويخدم أعداءه أكثر مما يضرهم. والتأمل في مشاهد ثلاثة يمكن ان يوضح كم المعرفة بحمق ترامب، داخل وسائل اعلام ومراكز أبحاث أمريكية كبرى، اقرت بأن سياسات ترامب تفيد اعدائه وتضر بحلفائه وتابعيه.

المشهد الاول:

رغم موجة المفاوضات التي جرت في اللحظة الأخيرة مع أكبر الشركاء التجاريين لها - كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، مضت الولايات المتحدة قدما وطبقت تعريفة بنسبة 25 في المائة على واردات الصلب و 10 في المائة على واردات الألومنيوم من هؤلاء الشركاء التجاريين الثلاثة، منهية الإعفاء المؤقت الذي تمتع به أكبر الشركاء التجاريين لها.

وقالت سيسيليا مالمستروم مفوضة الاتحاد الأوروبي للتجارة في بيان صحفي "اليوم هو يوم سيء للتجارة العالمية". "هذه هي الحمائية ، بصورة نقية وبسيطة".

وقال المحللون الامريكيون، انه يبدو أن التعريفات الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مارس الماضي ، تهدف إلى التعامل مع وفرة الإنتاج الضخمة في سوق الفولاذ العالمية التي دفعت الأسعار إلى الانخفاض وأدت إلى تدفق الواردات إلى الولايات المتحدة والاقتصادات الأخرى الناضجة.

لكن الإجراءات العقابية التي اتخذتها الإدارة ضربت كل الدول تقريباً باستثناء تلك المسؤولة عن فائض العرض العالمي ومعظم مشاكل قطاع الصلب وهي الصين!

فقد قفز إنتاج الصلب الصيني في شهر أبريل بنسبة تقرب من 5٪ على أساس سنوي، وارتفعت الصادرات، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع الأسعار بسبب الإجراءات الوقائية لإدارة ترامب. تنتج الصين نصف الفولاذ في العالم. إن المنتجين الثلاثة الذين تستهدفهم التعريفات الأمريكية اليوم ينتجون معاً ما يزيد قليلاً عن 12 بالمائة من الإجمالي العالمي.

ومع ذلك، فإن نهج الولايات المتحدة الصارم تجاه أقرب شركائها التجاريين سيجعل من الصعب صياغة رد مشترك على زيادة العرض الصيني. وقد يدفع نهج الولايات المتحدة المعزول للتجارة فقط أوروبا وبلدان أخرى نحو علاقات اقتصادية أوثق مع الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفقا لما ذكره ميكي كانتور، الممثل التجاري الأمريكي السابق في إدارة كلينتون، الذي قال: "سيقود ذلك أصدقاءنا الأوروبيين والكنديين والمكسيكيين إلى أيدي الصين والقيادة الصينية". "ليس لديك الكثير من الخيارات إذا كانت الولايات المتحدة لن ترفضك فقط، بل تعاقبك".

المشهد الثاني:

أعطت امريكا بعقوباتها الجديدة والغائها للاتفاق النووي، الشركات الروسية العاملة في إيران ميزة على منافسيها الأوروبيين لأنهم يخضعون بالفعل لعقوبات أمريكية، لذا ليس لديهم ما يخسرونه، كما قال كبير المحللين في TeleTrade بيتر بوشكاريف لـ RT.

واضاف بوشكاريف: "ستواصل الشركات الروسية ممارسة الأعمال التجارية في إيران كما لو لم يحدث أي شيء على الإطلاق - في مجال النفط والغاز والطاقة النووية. إنهم يتمتعون بهذه الميزة على الأوروبيين، مثل توتال أو إيرباص، والذين لديهم أعمال كبرى في الولايات المتحدة، ومدرجون في البورصات الأمريكية".

ويقول المحللون إن الشركات الروسية يمكنها ببساطة تجاهل تهديدات واشنطن بفرض غرامات على التجارة مع إيران أو لتنفيذ مشاريع في إيران. وتبلغ تكلفة التجارة الروسية مع إيران 2 مليار دولار فقط، لكنها يمكن أن تنمو بشكل كبير، كما يشير بوشكريف.

المشهد الثالث:

في 4 حزيران/يونيو، يزور وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو واشنطن للاجتماع بوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.
ويقول معهد واشنطن في مقال له إن هذه الزيارة تأتي في وقتٍ حسّاسٍ تمرّ به العلاقات الأمريكية- التركية، إذ تواجه العلاقات الثنائية أكبر أزمة لها منذ حرب قبرص عام 1974. والتي انتهت بحظرٍ أمريكي مؤذٍ على توريد الأسلحة إلى أنقرة - وعانت العلاقة بشدة ولم تتطبع تماماً لحوالى نصف عقدٍ، وشكّلت سابقة لأي تدهور آخر في العلاقات إذا لم يجد البلدان وسيلة لسد الفجوات المتسعة بينهما حول القضايا الحالية.

وأورد المقال معلومات بخصوص الكونغرس الأمريكي، حيث قال ان العديد من المشرعين يريدون اعتماد مقاربة تستخدم القوة مع أردوغان، وهم يعتقدون أنها قد تحاكي رد موسكو عندما أسقطت تركيا طائرة روسية انتهكت أجواءها في تشرين الثاني/نوفمبر 2015. فبعد أن فرض الكرملين عقوبات صارمة، سافر أردوغان إلى سانت بطرسبرغ في آب/أغسطس 2016 واعتذر شخصيّاً من فلاديمير بوتين. وفي وقت لاحق، بدأت تركيا وروسيا بتهدئة التوترات بينهما.

الا ان المقال توقف عند خطورة ذلك ورأى أنه "من شأن أي عقوبات أمريكية أن تخدم الهدف الأسمى الذي يطمح إليه بوتين وهو: التسبب بخلافٍ بين تركيا والولايات المتحدة. فبعد أن عرض على أنقرة صفقات متنوعة في سوريا، بما فيها الضوء الأخضر لمطاردة "وحدات حماية الشعب"، يبدو أن بوتين استجلب الأتراك إلى المكان الذي يريده بالضبط: أي كحلفاء "للناتو" خاب أملهم ويعملون غالباً مع روسيا. ومن شأن العقوبات أن تقرّب تركيا أكثر فأكثر من موسكو".

هذه المشاهد تؤكد حمق سياسات ترامب وأنها تأتي بنتائج عكسية، وأن الوعد الذي سيخيب من وعوده الانتخابية، هو وعد عودة العظمة الأمريكية.

وحول انعكاس ذلك على منطقتنا، فإن آخر التقارير التي تفيد بأن القوات الأمريكية شرعت في إنشاء قاعدة عسكرية جديدة شمال البلاد قرب الحدود السورية على قمة جبل سنجار شمال غربي الموصل للإشراف على الشريط الحدودي في صحراء غربي نينوى، وهو ما يعكس الاصرار الامريكي الصهيوني على قطع التواصل العراقي السوري، باعتباره طريقا للمقاومة ممتدا من ايران لسوريا، وممارسات العدو الصهيوني في الجولان، والضغوط الممارسة لانفاذ صفقة القرن المزعومة، كلها ستأتي بفائدة لمحور المقاومة، حيث تتشكل وحدات عربية لمقاومة الوجود الامريكي، وحيث توصلت المقاومة لتوازن للرعب، وانكشفت الانظمة والمطبعون امام الشعوب وانكشف حجمهم الحقيقي لدى العدو.

انها مرحلة جديدة تتشكل بها اقطاب عظمى جديدة منها المقاومة ومحورها بلا جدال.

2018-06-05