ارشيف من :مقالات

المعيار القانوني الذي يحكم تشكيل الحكومات في لبنان

المعيار القانوني الذي يحكم تشكيل الحكومات في لبنان

لا تزال أخبار تشكيل الحكومة على حالها، منذ كُلّف الرئيس سعد الحريري بالمهمة. أوساط متابعة لمسار التأليف تؤكّد لموقع "العهد" الإخباري، أن لا شيء محسوم حتى الساعة في هذا الملف. جل ما جرى انجازه جولة "جوجلة" أجراها الحريري فور تكليفه، لتبرُد بعدها الاتصالات، بانتظار ما يُحرّك المياه الراكدة في هذا الملف. وكما كل مرة، يخضع مشوار التأليف للكثير الكثير من التكهنات والفرضيات بعضها يُصيب والآخر يخطئ، إذ حُكي عن نوايا جادة تسعى للعبور بهذا الاستحقاق بالسرعة القصوى، فضرب البعض عيد الفطر موعداً لابصارها النور، فيما رأى البعض الآخر في ذلك مطلباً مستحيلاً وسط أجواء "الحرد" و"الدلع" والمطالب التعجيزية. كما قيل الكثير عن عقد تصطدم مسار التأليف، ستُؤخّر انجاز المهمة، وترحلها الى أجل غير مسمى، وهو ما لا تُعلّق عليه الأوساط، مكتفيةً بالإشارة الى أنّ الأمور الحكومية لا تزال ضبابية حتى اللحظة، بانتظار لقاء سيجمع الرئيس المكلف ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، يتم خلاله استعراض تصور مبدئي للتركيبة. 

بموازاة ذلك، تحوم الأسئلة حول المعيار الذي تُشكّل فيه الحكومات في كل مرة، خصوصاً بعد إقرار اتفاق الطائف عام 1989. فمنذ ذلك الحين جرى تشكيل 17 حكومة، تولى رئاستها 8 رؤساء وضمت 453 وزيراً، اختلفت فيها ظروف التشكيل، إلا أنها لم تخرج عن الخطوط التي رسمت لها، وفق ما يؤكد الخبير الدستوري عادل يمين، الذي يوضح أن معيار تأليف الحكومات اختلف قبل وبعد اتفاق الطائف. في الحالة الأولى، كانت المسألة في عهدة رئيس الجمهورية الذي بدوره يعين الوزراء ويختار من بينهم رئيساً لهم، ما جعل عملية التأليف أسهل نظراً للصلاحيات الواسعة التي كانت تتمتع بها الرئاسة الأولى، والتي تقطع الطريق على بعض الكتل السياسية من ممارسة لعبة "الدلع" والمطالب. أما في الحالة الثانية، أي بعد اتفاق الطائف، وبعد انتقال السلطة التنفيذية الى حوزة مجلس الوزراء، فقد باتت عملية التأليف تتم بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، وهي تستند الى ثلاثة معايير:

1- أن يحصل الاتفاق بين رئيسي الجمهورية والمكلف على التشكيلة 

2- أن يؤمن لهذه التشكيلة أكثرية نيابية مؤيدة حتى تتمكّن من نيل الثقة 

3- أن تراعي التشكيلة تمثيل الطوائف بصورة عادلة بمعنى أن يؤمن تمثيل الاكثريات السياسية في الطوائف بالتشكيلة الحكومية الا في حال قررت الجهة عدم المشاركة بقرار منها

منصور: نمطان لا ثالث لهما

وفيما يؤكّد يمين أنّ الدستور اللبناني لم ينص صراحةً على أنواع الحكومات وعدد وزرائها، يتوقّف النائب البير منصور عند هذه النقطة، فيلفت -انطلاقاً من معاصرته للعديد من الحكومات- الى أنّ هناك نمطين حكما عملية تأليف الحكومة منذ ما قبل الطائف وحتى اليوم. الأول، استمدّ تشكيل الحكومة من روحية الشركات المساهمة على طريقة توزيع الحصص والمنافع والمقاعد الوزارية. والثاني، عمد الى تأليف الحكومات انطلاقاً من تشكيل فريق عمل  لمواجهة المشكلات المطروحة في البلد. وهنا يأسف منصور، للتوجه العام الذي نعيشه منذ سنوات في هذا المجال، والقائم على توزيع الحصص وتقاسم المقاعد الوزارية، في مؤشر الى مأساة حقيقة أصابت الجسم المؤسساتي في لبنان، فدفعت به الى الانحدار. فهل يعقل اعتماد مبدأ يقوم على اعطاء كل كتلة من 4 نواب وزيراً؟ يسأل منصور الذي يشير الى أن تأليف الحكومات بهذا الشكل مخز، والمنطق يقول بأن تؤلف الحكومات حسب الحاجة المطروحة في البلد وبروحية العمل على انقاذ الوضع الاقتصادي والامني والاجتماعي، لا أن يتم استحداث مقاعد وزراية ضمن سياسة الارضاء التي للأسف تلقى رواجاً في البلد" يختم منصور.
 

2018-06-05