ارشيف من :مقالات
إقالة وزير الداخلية التونسي.. الخلفيات والتداعيات
مثل قرار رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد إقالة وزير داخليته لطفي براهم مفاجأة للرأي العام في تونس لما لهذا الوزير من شعبية منذ أن كان آمرا للحرس الوطني (الدرك). فالرجل نجح في الحرب التي خاضتها قوى الأمن على الإرهاب وحاز على محبة الكثيرين الأمر الذي يبدو أنه أزعج العديد من الدوائر سواء تلك التي تخشى منافسته لها في الإنتخابات الرئاسية القادمة أو تلك التي ترغب في عودة الإرهاب ليصيب تونس في مقتل.
وفي كل الأحوال هناك شبه إجماع على أن مغادرة لطفي براهم لوزارة الداخلية خسارة كبرى بسبب الكفاءة التي يتمتع بها الرجل ولأنه ابن المؤسسة الأمنية وعلى دراية بكل كبيرة وصغيرة في هذه الوزارة. وهناك شبه إجماع أيضا على أن التبريرات التي ساقها يوسف الشاهد ليست مقنعة، وتتمثل في فشل براهم في القبض على وزير الداخلية الأسبق ناجم الغرسلي المتهم في قضايا إرهابية وعدم نجاحه في الحيلولة دون منع كارثة تمثلت في غرق مركب يحمل مهاجرين غير شرعيين غادروا الأراضي التونسية باتجاه الأراضي الإيطالية.
صفقة سياسية
وفي توصيفه لما حصل اعتبر الحزب الدستوري الحر (معارضة) أن الشاهد أقال وزير داخليته إرضاء لحركة النهضة التي كانت تطالب بهذه الإقالة وتسعى لإزاحة براهم بشتى السبل. فالشاهد كان قاب قوسين أو أدنى من الإزاحة من رئاسة الحكومة لكن تمسك حركة النهضة به جعله يحافظ على موقعه في القصبة ويواصل ترؤس الحكومة رغم أنه لا يحظى بدعم حزبي.
وبالتالي فهناك صفقة سياسية، بحسب الدستوري الحر تمثلت في رأس براهم مقابل مواصلة المهام على رأس الحكومة التونسية الأمر الذي جعل الشاهد يمهل وزير داخليته 48 ساعة للقبض على ناجم الغرسلي وهو يعلم أنها مهمة تعجيزية. ولم تراع هذه الصفقة المصلحة العليا للبلاد المتمثلة في محاربة الإرهاب، وهي الحرب التي صنعت مجد وزير الداخلية المقال الذي بات يحظى بشعبية واسعة لدى الجماهير المعارضة لسياسات حركة النهضة.
رئاسة الجمهورية
يرى الناشط السياسي والحقوقي التونسي صبري الثابتي في حديثه لموقع العهد الإخباري أن ما حصل كان بموافقة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لأنه لا يمكن تصور أن يحصل شيء ما في تونس دون موافقته باعتباره رجل تونس القوي اليوم. فبراهم، بحسب محدثنا، ليس ذلك الوزير المطيع الذي تفرض عليه الإملاءات بل لديه مواقفه الخاصة ومراكز قوي عديدة بعضها يتحرك خلافا لمصالح المسيطرين على الحكم.
ويضيف الثابتي قائلا "من السذاجة تصور أن حركة النهضة وحدها قادرة على اتخاذ هذا القرار الهام مع رجل يحظى بشعبية لطفي براهم دون أن تكون على علم بالموقف المساند لرئيس الجمهورية. فالباجي هو الحاكم بأمره في تونس اليوم وكل من خرج عن بيت الطاعة يكن مصيره مصير لطفي براهم وهو ما تدركه أيضا حركة النهضة".