ارشيف من :أخبار لبنانية
الحكومة إلى ما بعد العيد.. والعقدة سعودية
في وقت تشهد العجلة السياسية في البلاد تثاقلا في الخطوات، كانت مسألة تأليف الحكومة هي العنوان الأبرز الذي أجمعت مختلف الصحف على انتظار فكّ عقدتها من الرياض، ويبدو ان أمر التشكيل ذهب إلى ما بعد فترة عيد الفطر المبارك، لحين عودة الرئيس المكلف من موسكو حيث سيحضر افتتاح المونديال على أن ينتقل بعدها الى السعودية حيث سيلتقي وليّ العهد محمد بن سلمان.
"الأخبار": الحكومة في انتظار إبن سلمان
كتبت صحيفة "الأخبار" انه فيما كان من المفترض أن يكون الأسبوع الأخير قبل الأعياد، مفصلياً لجهة حسم الملف الحكومي، يبدو أن وضعية الانتظار تتقدّم على كل مشاورات التأليف. وهو انتظار مرتبط بميزان التحولات في المنطقة، حيث يترقّب الجميع ما سيحمله الرئيس سعد الحريري بعد لقائه بالأمير محمد بن سلمان في موسكو نهاية الأسبوع الجاري.
دخلَت مرحلة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة أسبوعاً ثالثاً، كان من المُفترض أن يكون مفصلياً في استيلادها، وذلك ربطاً بالتوقعات الإيجابية التي رافقت عملية التكليف والحديث عن التأليف قبل عيد الفطر. لكنّ هذا الاستحقاق يحول دون إنجازه بالسرعة المطلوبة، بعدَ أن تحوّل أسير حسابات خارجية، لها علاقة بسفر الحريري إلى روسيا، ولقائه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان على هامش المباراة الافتتاحية لمونديال 2018. الكلّ يسأل عن سبب التأخير. والجواب واحد «بانتظار ما سيحمله الحريري بعد لقائه بالأمير»، لا سيما أن «رئيس الحكومة سيرافق بن سلمان إلى الرياض عائداً من موسكو»، بحسب مصادر قريبة من الحريري.
إذاً، ستكون الأيام المُقبلة فاصلة بحسم أمور ذات صلة بالملف الحكومي. سيتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود نتيجة بعض الوقائع المستجدة. وهذه الوقائع لها علاقة بما سيحمله الزوّار اللبنانيون إلى الرياض، منهم الحريري، ومن سبقه إليها أي النائب وليد جنبلاط. وفي هذا السياق كشفت مصادر سياسية بارزة في حديث إلى «الأخبار» عن «زيارة يُمكن أن يقوم بها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بدوره إلى المملكة للقاء الأمير محمد بن سلمان»، في ضوء ما يُحكى عن «رفض سعودي سيسمعه الحريري لأي محاولة إقصاء ضد حزب القوات في الحكومة».
وضعية الانتظار التي يتخذها رئيس الحكومة في أمر التأليف، لم تحُل دون تحركّ العجلات السياسية منذ أيام. كانت كل المعطيات تشير إلى بطء في المشاورات والمفاوضات. لا بل كان أكثر من طرف سياسي يؤكّد أن لا شيء في الأفق «وكأنهم لا يستعجلون الحكومة من دون تحديد الأسباب». ثمّ فجأة ظهر نوع من جس النبض حيال الصيغة الحكومية القابلة للحياة، على أن تنطلق ورشة التأليف فور رجوع الحريري من خارج البلاد. في أيدي المعنيين بالمشاورات الجدّية، انتشرت صيغة أولية، ستكون دونها عقبات حتماً، قيل إن توزيعها سيكون على الشكل الآتي: 9 وزراء لرئيس الجمهورية وتكتل «لبنان القوي»، 7 وزراء لتيار المستقبل (من بينهم رئيس الحكومة)، 3 وزراء لجنبلاط، 6 وزراء لحزب الله وحركة أمل، 4 وزراء للقوات، ووزير لتيار المردة. وقد جاءت هذه التركيبة في ضوء تحديد القوى الحقائب التي تريدها.
وفي هذا الإطار علمت «الأخبار» أن حركة أمل وحزب الله يطالبان بوزارات المالية والشؤون الاجتماعية (من حصة الحركة)، الأشغال أو الصحة والزراعة (من حصة الحزب)، إضافة إلى وزارة دولة. فيما يطالب الحزب الاشتراكي بالأشغال والتربية، والقوات بأربعة مقاعد وزارية من ضمنها نائب رئيس الحكومة. لكن هذا المطلب الأخير يبدو بعيد المنال في ظل «الفيتو» العوني.
برّي: لا حركة جدية في ملف الحكومة
هذه التركيبة وفق توزيعها، لا تبدو سهلة الترجمة، لا سيما أن مجموعها يعني إبقاء عدد كبير من حلفاء فريق الثامن من آذار خارج التركيبة. حيث أن الثنائي حزب الله وحركة أمل، مصران هذه المرّة على عدم التنازل عن أي مقعد لمصلحة آخرين مقابل تسهيل ولادة الحكومة، وبالتالي سيكون لزاماً على أطراف أخرى كالحزب السوري القومي الاجتماعي وسنّة 8 آذار، خوض معركة للتمثل في الحكومة، سيكون حتماً من حصّة رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة الذي سيكون مضطراً للتنازل عن حصّته. هذا فضلاً عن حصّة الرئيس نجيب ميقاتي الذي تسمح بتمثيله العملية الحسابية القائلة بأحقية كل كتلة من أربعة نواب في الحصول على مقعد. وهنا ستكون العقدة الكبيرة، في ظل رفض الحريري إعطاء حلفاء حزب الله أي مقعد وزاري، لا سيما السنة، لأن ذلك سيقلص من حصته أولاً، ورفضه منح مقعد لميقاتي، لأسباب سياسية لها علاقة بمدينة طرابلس بالدرجة الأولى.
كل هذا الكلام والحديث عن الحقائب والحصص يصبح مجرّد حبر على ورق في ظل ما قاله الرئيس نبيه برّي أمس أمام زواره عن أن «لا حركة جديّة في الملف الحكومي».
وقد تقاطع كلام رئيس المجلس مع ما عبّرت عنه أوساط سياسية رأت أن الحديث عن حكومة سريعة ليس دقيقاً. لأن هناك أطرافاً، في مقدمها رئيس الحكومة تنتظر اتضاح الرؤية في ملفات مفصلية لها علاقة بمسارات المنطقة وتوازناتها، وهو السيناريو الذي تلمح إليه دوائر قريبة من الحريري.
"البناء": حصة إبن سلمان الحكومية تؤخّر ولادتها
وفي ذات السياق كتبت "البناء"، حيث تبدو الحكومة محتجزة في الإقامة الجبرية السعودية بدلاً من رئيسها، حيث خرج موقف حزب الله علناً يحمّل السعودية مسؤولية عرقلة ولادة الحكومة، «التي لا أسباب داخلية تحول دون ولادتها سريعاً»، فيما ينتظر رئيس الحكومة سعد الحريري فرصة لقائه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان متنقلاً بين الرياض وموسكو وربما الرياض بعدها، أملاً بلقاء يُفرج خلاله إبن سلمان عن التشكيلة الحكومية، بعدما وجد متّسعاً من الوقت للقاء النائب السابق وليد جنبلاط لم يجد مثله للقاء رئيس الحكومة، وقد قالت مصادر متابعة.
واشارت الى إنّ الحديث يجري عن حصة رئيس الجمهورية كموضوع ينتظر الحسم حتى تبصرَ الحكومة النور، بينما الحصة الفعلية التي تؤخّر الولادة هي حصة ولي العهد السعودي، التي تتمثل بثلاثة مقاعد وزارية، سني ودرزي ومسيحي، سيتقرّر في لقاء الحريري وإبن سلمان مصيرها، فبعد لقاء إبن سلمان وجنبلاط سيقرّر إبن سلمان الطلب بحصر الوزراء الدروز بجنبلاط من عدمها، وفي حال عدم الحصول من جنبلاط على ما ينتظره سيترك للحريري توزير النائب طلال أرسلان ضمن حصته أو حصة رئيس الجمهورية، كما عليه أن يقرّر مصير تمثيل النواب السنة من خارج تيار المستقبل في ضوء رؤية إبن سلمان لعلاقته بهم، خصوصاً أنه سبق له الانفتاح على أغلبهم في مراحل سابقة علامة على رفض احتكارالحريري لتمثيل الطائفة، وإنْ قرّر تمثيلهم في الحكومة سيقبل الحريري بذلك، رغم ما يثيره من عناد اليوم.
أما عن تمثيل القوات، والقضية تتوقف كما بات معلوماً على وزير واحد، بين ما تطلبه القوات وما يرفضه التيار الوطني الحر، فسيكون على الحريري إذا طلب إبن سلمان هذا الوزير أن يحمله الحريري من ضمن حصته، أسوة بالوزير السني «غير المستقبلي» الذي سيحمله رئيس الجمهورية من ضمن حصته في حال التوافق على ذلك.
وبانتظار نهاية ماراتون الحريري وإبن سلمان، الذي قد يستمرّ للدور النهائي أو نصف النهائي لمونديال موسكو مع فرص تأهّل المنتخب السعودي، واحتمال أن يكون اللقاء الحاسم للحريري وإبن سلمان بالعودة مجدّداً إلى موسكو، قالت مصادر معنية بالملفات المفتوحة التي توزّعت بين مصير مرسوم التجنيس، ومرسوم تعيين القناصل الجدد الذي فجّر أزمة بين حركة أمل والتيار الوطني الحر، وقضية تقييد حركة موظفي مفوضية اللاجئين، إنّ تأجيل بتّ هذه الملفات حتى تشكيل الحكومة الجديدة، يشكّل عنوان المسعى الذي يقوده الوسطاء الفاعلون، ويلقى توافقاً مبدئياً من الأطراف المعنيين.
"الجمهورية": عشاء «الزيتونة» لم يُنتِج حكومة.. والتأليف إلى ما بعد العيد
ورأت "الجمهورية" انه على مسافة أيام من دخول البلاد مدار عطلة عيد الفطر، واستعداد الرئيس المكلّف سعد الحريري للسفر إلى روسيا للمشاركة في افتتاح «المونديال»، تواصَلت المشاورات والاتصالات في مختلف الاتجاهات لاستيلاد الحكومة العتيدة، بعضُها خلف الكواليس والبعض الآخر في العلن، ومنها الاجتماع بين الوزيرين في حكومة تصريف الأعمال، غطاس خوري وملحم الرياشي، لتذليل العقبات من أمام التأليف.
فيما تركّزَت الاهتمامات على اللقاء ـ العشاء الذي جمع مساء أمس الأوّل السبت رئيسَ الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف في أحد مطاعم «الزيتونة باي» بعد تجوّلِهما فيها بين المواطنين، وذلك عقب حضورهما احتفالَ قوى الأمن بعيدها الـ ١٥٧ الذي أقيمَ في نادي اليخوت.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ هذا اللقاء بين عون والحريري كان عفوياً جداً ولم يكن مقرّراً في الشكل الذي اتّخَذه، وقد انعكس ارتياحاً لدى روّاد المنطقة الذين رحّبوا به، على الرغم من معرفة الطرفين بأنّهما سيشاركان في الاحتفال الذي دعت إليه المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. علماً أنّ لقاءً كان مقرّراً بين الرَجلين في عطلة نهاية الأسبوع لتقويم نتائج المساعي التي يَبذلانها لتسهيل الولادة الحكومية ومعالجة القضايا الطارئة على أكثر من مستوى ديبلوماسي وإداري.
من جهتها، قالت مصادر قصر بعبدا لـ«الجمهورية»: «إنّ اللقاء كان ودّياً وقد بدأ بتقويم التطوّرات على الساحتين الإقليمية والمحلية وتناوَل بالتفصيل الصيَغ الحكومية المطروحة والعقَد التي تواجهها، وتمّت جوجلةُ المواقف على تعدّدِها واختلافها بعدما شهدَ قصر بعبدا الجمعة الماضي أوسعَ جولةِ مشاورات للوقوف على حجم العقَد القائمة وسبلِ تذليل ما أمكنَ منها للإسراع في الخطوة التالية التي ستبدأ بالتفاهم على توزيعة الحصص الوزارية قبل الدخول في الأسماء التي يمكن إسقاطها بسهولة على الحقائب بعد التوافق على التوزيعة».
ولفتت المصادر إلى أنّ عون والحريري اتّفقا على أن يكون للبحث صِلة، «فهناك محطات أساسية ستشهدها الساحتان المحلية والإقليمية، ومِن بعدها سيعاوَد البحث في التشكيلة الوزارية العتيدة. ومِن هذه المحطات زيارة الحريري لموسكو ولقاؤه العابر مع وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والتي سينتقل منها إلى الرياض حيث يُمضي عطلة عيد الفطر مع أفراد عائلته المقيمة هناك».
وعلمت «الجمهورية» أنّ عون والحريري عرَضا في جانب من لقائهما للصيغة التي انتهت إليها تسوية مرسوم تعيين القناصل الفخريين قبل انفجار الأزمة في شأنه بين بعبدا وعين التينة. وقضَت هذه التسوية بإحالة هذا المرسوم إلى وزير المال علي حسن خليل ليوقّعه، أو يصرفَ النظر عنه إذا ارتأى رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير المال ذلك في انتظار إصدار مراسيم أخرى. فلا رئيس الجمهورية ولا رئيس مجلس النواب يريدان تكرار تجربة مراسيم ترقيةِ الضبّاط وما رافقها من جدلٍ دستوري لا طائلَ منه، وكلّ ما في الأمر أنّ وزير المال رفضَ توقيعَ المرسوم الأخير بعدما ربط توقيعَه بإصدار مراسيم أخرى لم تصدر بعد، كتلك المتّصلة بحرّاس الأحراج وفي قطاعات أخرى ما زالت مجمَّدة، وهو ما أجبَر كلّاً مِن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية على توقيعه تباعاً لتسيير الأمور الديبلوماسية المرتبطة بحركة القناصل.
وحول الحديث عن إصدار هذا المرسوم في فترة تصريف الأعمال الضيّقة للحكومة قالت المصادر لـ«الجمهورية» إنّ «تعيين القناصل تمّ في جلسات مجلس الوزراء قبل دخول الحكومة في تصريف الأعمال، وإنّ صدور المرسوم لا يعدو كونه أمراً تنفيذياً لقرارات كانت الحكومة قد اتّخذتها في وقتٍ سابق عندما كانت تتمتّع بكامل مواصفاتها الدستورية قبل بلوغها مرحلة تصريف الأعمال.