ارشيف من :آراء وتحليلات

التصوف في مواجهة التكفير في الصومال

 التصوف في مواجهة التكفير في الصومال

ما هو معروف بين الناس أن الحركات الصوفية حركات غير مسلحة، لكن المتابع للحركات الصوفية، لا سيما في افريقيا يعلم تماما ان الحركات الصوفية كان لها دور فاعل في محاربة الاستعمار. ومع ذلك فان صوفية الصومال ليست مسلحة، وكانت تفضل العمل غير المسلح. لكن هل ستبقى صوفية الصومال على ما هي عليه؟

بحسب المؤشرات، فان ظهور "حركة الشباب المجاهدين: الصومالية في العام 2004، التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، دفعت ببعض الطرق الصوفية للتفكير جديا في التسلح، على الاقل لتدافع عن نفسها أمام إرهاب "المجاهدين" الذين يزدادون عنفا يوما بعد يوم.
تاريخيا، عُرفت الحركة الصوفية باسم "أهل السنة والجماعة"، وهي أول حركة صوفية صومالية مسلحة قدمت نفسها في الساحة الصومالية في العام 2008 وذلك لمواجهة "حركة الشباب"، ثم ما لبثت أن انخرطت في صراع دامٍ معهم، لا سيما  أن هذه الحركة الصوفية استطاعت السيطرة على بعض المناطق الصومالية، وطرد العناصر التابعة "لحركة الشباب" من أهم المدن الموجودة في محافظة "جلجود" الواقعة في وسط البلاد.

ثم ازدادت العلاقة بين صوفية الصومال وعناصر "حركة الشباب" سوءًا؛ بعد قيام الأخيرة بنبش مقابر أقطاب الصوفية، ومنع اقامة المناسبات الدينية التي كانت تداوم عليها الحركة الصوفية في الصومال، إضافة إلى تحريمهم للموالد الصوفية والتي تعتبر من أهم الطقوس الصوفية.

ومهما يكن من أمر، فان من أهم الاسباب التي دفعت بصوفية الصومال لاستخدام السلاح هو ما تعتبره دفاعا عن الشعب الصومالي، والحفاظ عليه من إرهاب تنظيم القاعدة، الذي توغّل بشكل كبير، خلال الفترة السابقة في البلاد، اضافة الى ترسيخ ما يسمونه بالأفكار الإسلامية المستنيرة التي تُحارب التطرف.

وتشير بعض الدراسات المتعلقة بالتصوف في الصومال إلى أن صوفية الصومال لم تستخدم السلاح، لكنها لجأت إليه عقب استهدافها بشكل مباشر، خاصة وان هذه الحركات الصوفية كانت طوال العقود السابقة متمسكة بالسلمية، وكان استخدام السلاح خياراً أخيراً كان لا بد منه، وهو خيار اضطرت إليه بسبب رغبة تنظيم القاعدة في السيطرة على كل مناحي الحياة الصومالية.

ما استفز التيار الصوفي في الصومال هو ازدياد عنف التيار السلفي في البلاد، وازدياد تطرف فتاواه التي أخذت تُكفر الصوفية الصومالية، بل وشرعت بهدم أضرحتها وقتل شيوخ طرقها، إضافة إلى التعسف المتعمد من قبل هذا التيار، الذي استحل أموال النذور على نفسه وحرمها على الصوفية؛ ما جعل التيار الصوفي يفكر بضرورة استخدام السلاح لحماية نفسه وطرقه وتاريخه. على ان تكفير السلفية للصوفية ليس بالجديد، فقد قامت الدعوة الوهابية بشكل اساس على محاربة الطرق الصوفية التي تتهمهم بانهم اصحاب بدع في الدين.

المتابع الحراك الصومالي يدرك أن الصوفية الصومالية دعمت الحكومة منذ العام 2008 وساندتها في المساعي لتجديد الخطاب الديني، وتشجيع المواطنين على احترام القانون والدستور؛ في سبيل  تأسيس مشروع إنقاذ وطني والتصدي للجماعات المتطرفة.
وقد قامت الصوفية الصومالية في السنوات السابقة بعقد مؤتمرات دينية تدعو فيها إلى نبذ الإرهاب واحترام القانون.

رغم السلمية التي بدأت الطرق الصوفية في الصومال بها الا ان سلوك الجماعات التكفيرية دفعت الصوفية لاستخدام السلاح والذي هو، بحسب عبدالخالق الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية، حق مشروع؛ لأن الطرق الصوفية، وخاصة في الصومال، واجهت الكثير من الصعوبات والمخاطر في السنوات العشر الأخيرة؛ بحسب قول الشبراوي، الذي دعا صوفية سيناء والعراق وسوريا إلى استخدام السلاح؛ للدفاع عن أنفسهم، ومواجهة إرهاب تنظيمي "داعش" والقاعدة وجميع الجماعات المتطرفة الأخرى. فهل يمكن للتصوف أن يلعب دورا جديا في محاربة التطرف أم ان الاختراقات الاميركية والبريطانية له ستجعله أداة أخرى لمشاريع تفتيتية؟

 

2018-06-14