ارشيف من :مقالات
الحكومة.. بين مماطلة الحريري وعُقد التشكيل
فور انتهاء جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب في الثالث والعشرين من أيار، توجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى القصر الجمهوري. التقى رئيس الجمهورية ميشال عون، وأعلن أن الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة ستبدأ غداً، وفي يوم واحد. سُرعان ما وزّعت دوائر القصر الجمهوري مواعيد الاستشارات في خطوة أوحت للجميع أنّ المطلوب ولادة حكومة في أقرب وقت ممكن. وقتها، لم ينتظر بري ومعه عون مطلع الأسبوع المقبل كما كان متوقعاً لبدء ذاك الاستحقاق. أوساط الرئيسين حينها أكّدت الإصرار على كسب كل دقيقة وقت في هذا الإطار، انطلاقاً من قاعدة "خير البر عاجله". إلا أنّ جل التوقعات التي أشاعها التكليف السريع للرئيس سعد الحريري بقرب ولادة الحكومة لم تصدق. فالأخيرة لن تكون عيدية عيد الفطر، كما قيل. تماماً، كما أن تأليفها لن يكون سهل المخاض. عشرون يوماً مرّ على التكليف، ولا تزال أخبار التشكيل على حالها. التأليف لم يتجاوز بعد مرحلة الحديث عن عُقد، مقابل غياب الهمم لتبديدها، وفق ما تؤكّد مصادر ناشطة على خط التأليف، وتشدد على أن الصورة التذكارية للحكومة العتيدة تحتاج لجهود جبارة.
تأخذ المصادر المذكورة على الحريري حالة التراخي التي يعيشها في هذا الملف، وهو المعني الأول والأخير به. برأيها، لا عقدة تعترض عجلة التأليف سوى عُقدة الركود الحريري الذي لم يبذل حتى الساعة الجهد المطلوب منه بالشكل المطلوب، وهو ما لم تُفهم أسبابه حتى اللحظة. سياسة المماطلة التي يعتمدها الرئيس المكلف واضحة وضوح الشمس. كان المطلوب منه أن يُكثّف حركة نشاطه احتراماً للثقة السريعة التي أعطيت له، لكن على ما يبدو فإنّ الرجل "مرتاح جداً على وضعه"، على حد تعبير المصادر، التي تُشدّد على أنّه في حال وجدت النية الصادقة للاسراع بالتأليف، فإن الحكومة ستولد بين ليلة وضحاها، والعقد ستتبدد حتماً. وهنا تلفت المصادر الى أنّ الحريري لم يُفصح بعد حتى عن القاعدة التي سيسير عليها في عملية التأليف. أكثر من ذلك، فإنّ تواجده في قصر بعبدا مطلع الأسبوع لم يقدم أي شيء جديد. فماذا ينتظر الرئيس المكلّف للتحرك؟.
تُشدّد المصادر على أنّ مشكلة المشكلات لدى الرئيس المكلّف في أنّه يعمل على التأليف بطريقة عكسية من الخارج الى الداخل. بمعنى أنه يستمع جيداً لما تقوله له أطراف خارجية فيما يخص تشكيل الحكومة. وهو في هذا الإطار، -أغلب الظن-، ينتظر كلمة سر ما من دولة خارجية، وهي السعودية التي لم يعد اسمها خافياً على أحد، وأصلاً اعتدنا عليها في كل استحقاق لبناني أن تدلي بدلوها. وهنا تلفت الأوساط الى الزيارة التي قام بها الحريري الى الرياض عقب أيام من تكليفه، مع الإشارة الى أنّ المسؤولين السعوديين أوعزوا بعدم نشر أي صورة تجمعهم بالضيف اللبناني، لعدم الايحاء بممارسة أي نوع من الضغوطات على الرئيس المكلف لناحية تشكيل الحكومة، وفق المصادر، التي تتوقّع المزيد من العبث السعودي والعرقلة في هذا الملف، مع الزيارة التي ستحمل الحريري الى الرياض في عيد الفطر.
تعود الأوساط لتشدّد على ضرورة تحرك الحريري الجدي والفعلي باتجاه التأليف وعدم تقطيع الوقت، بانتظار ما سيمليه الخارج علينا، فوضع البلاد والعباد لا يحتمل على كافة الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وذلك حفاظاً على صورة لبنان ومسيرة العهد الجديد. تأمل المصادر في أن يشد الرئيس المكلف همته، ويُحرّك عجلات التأليف بصورة جدية، عسى ولعلّ تكون الحكومة عيدية بعد عيد الفطر".