ارشيف من :نقاط على الحروف
أجواء عيد الفطر في طرابلس: تمسك بالعادات والتقاليد
للعيد في طرابلس نكهة مميزة، وهي من المدن القليلة التي ما زالت تحافظ على أكثرية العادات والتقاليد القديمة، بما فيها شعائر العيد، حيث ينشط الطرابلسيون في الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك للتحضير ليوم "الجائزة".
مع قرب نهاية شهر رمضان المبارك، يستعد أبناء طرابلس، لاستقبال عيد الفطر المبارك، فهو تتويج ومكافأة لنهاية الشهر الكريم، حيث أدى خلاله المسلمون قسطا من العبادات، وانقطعوا عن الطعام والشراب، إبتغاء للأجر والمغفرة، وليكون يوم العيد، بمثابة الجائزة لمن صام وصلى وليعم خلاله الفرح والبهجة والسرور.
وفي خطوة منه للإضاءة على ميزات عيد الفطر في طرابلس، كان لموقع "العهد الإخباري" جولة ميدانية للبحث عن العادات والتقاليد التي ما زالت متبعة حتى اليوم.
الداخل الى الفيحاء، يلاحظ الحركة النشيطة للأسواق والمحال التجارية، خصوصاً في الأسبوع الأخير من شهر رمضان، حيث تعم الزحمة معظم الشوارع والساحات، إذ تنكب النسوة على المسارعة لإنهاء تحضيرات العيد، بدءا من شراء الثياب ووصولاً الى تأمين ضيافة العيد وتحضير الطعام (من ورق العنب والكبة على أنواعها وما الى ذلك من أطعمة باتت من علامات الفارقة في العيد).
طقوس العيد
لا شك أن لعيد الفطر طقوسه الخاصة في طرابلس، نستعرض اهمها:
صناعة المعمول والحلويات
تعتبر أصناف الحلويات من أهم مميزات العيد، حيث يتطلب تأمينها للزائرين من الأقارب والجيران طوال أيام العيد، ومن أشهر حلويات العيد هو "المعمول" على أنواعه، والذي لا يكاد يخلو من بيت في طرابلس، تزين به موائد الضيافة.
ومن المعلوم، أن طرابلس تشتهر بصناعة المعمول في محلات الحلويات، إلا أن عدداً كبيراً من أبناء المدينة لا يزالون حتى اليوم، يحرصون على صناعة هذا النوع من الحلويات داخل منازلهم، حتى أن الداخل الى أحياء المدينة، يلاحظ رائحة ماء الزهر التي تفوح من معظم البيوت هناك.
شراء ثياب العيد
لثياب العيد حكاية خاصة، وتختلط غصة الصائمين بوداع رمضان مع بهجة اقتراب عيد الفطر، وبخاصة لدى الأولاد الذين يلحون منذ منتصف شهر الصوم على الأهل لشراء ملابس العيد. وهو ما يزيد من ازدحام الأسواق خصوصاً في الأسبوع الأخير من رمضان.
زيارة المقابر..
رغم أن أجواء العيد هي أجواء فرح ومرح، الا أن معظم الطرابلسيين، ما زالوا حتى اليوم، يصرون على زيارة المقابر في اليوم الأخير من رمضان وصباح العيد، ويحرصون على زيارة أضرحة الأهل والأقارب، وخصوصاً إذا كانوا من المتوفين حديثاً.
ويعمل زوار القبور على إعادة ترميم القبر ودهانه، ووضع باقات الريحان والورود على الضريح، وهو ما يسمى "بالتشكيل"، أي عبر جمع باقات من الآس وسيقان النخل والريحان لشكها على القبر.
كذلك، فإن بلدية طرابلس، تبدأ قبل أيام بتنظيف ممرات المقابر وتشذيب الشجيرات وإزالة الأوساخ المتراكمة وأوراق الأشجار وبقايا الآس المصفر.
حمام العيد
درج الطرابلسيون خلال النصف الأول من القرن الماضي على ارتياد حمام السوق قبيل الأعياد، وفي مناسبات أخرى مثل زفة العرسان أو الاحتفال بطهور الصبي.
ولحمام العيد طقوسه التي كان يستعد لها الأهل قبل نحو يومين لتحضير الملابس الجديدة والمناشف وعدة الاستحمام (صابون عرايسي، ليفة، كيس حمام شعر ماعز) طعام وشراب وخضار وحلويات.
ويتميز حمام السوق بفوائد صحية للجسم والأعصاب وبعض آلام العضلات والعظام، ويحرص عليه أبناء الفيحاء قبيل العيد في حمامات النوري وعزالدين والعبد، والتي لا يزال ينتشر العديد منها داخل أحياء طرابلس وازقتها .
حلاقة العيد
من منا لا يتذكر حلاقة العيد وإصرار الأهل على التعجيل بعد الإفطار لتأخذ دورك عند حلاق الحي، حتى ولو لم يمر سوى أسبوعين على آخر حلاقة. فالأولاد تدفعهم الغيرة لأن يقلدوا بعضهم ويصروا على أنهم "حلقوا" حلاقة العيد، أي أنه لا عيد لمن لم يحلق خصيصاً له.
وعلى فكرة فإن الطرابلسيين قلما يستعملون عبارة "قص الشعر" المتدوالة خارج حدود الفيحاء، ويؤثرون كلمة "حلاقة" التي يراها غيرهم خاصة للذقن.
ونظراً للازدحام يستعين الحلاق بأبنائه الذين يعلمهم الصنعة "برؤوس أولاد العيد"، ولا يستغرق الأمر أكثر من خمس دقائق، وهكذا حتى السحور، وقد يعمل الحلاق يومين متواصلين وخصوصاً إذا كان شهر رمضان 29 يوماً، وفوجئ بمدافع العيد، عندها كتب عليه ان يظل واقفاً حتى "آخر رأس" عنده.
صلاة العيد
يتوجه الطرابلسيون صباح كل عيد الى احدى الساحات الكبرى التي تخصص لأداء صلاة عيد الفطر فيها، وغالباً ما تكون عند دوار نهر أبو علي، أو في ساحات معرض رشيد كرامي، حيث تغص الساحات بآلاف المؤمنين المصلين .
وبعد الصلاة يتوجه العديد من أبناء المدينة الى منازلهم لمعايدة الاهل، والمعايدة الأولى في منزل للوالد والوالدة، حيث تكون سفرة الطعام حاضر لتجمع معظم أفراد العائلة عليها.
هذا جزء من العادات والموروثات التي لا يزال الطرابلسيون يصرون على الحفاظ عليها، ورغم التطور والتقدم التكنولوجي، إلا أن أجواء العيد لا تزال نفسها، ولا يغيب عن ذهننا ملاهي الأطفال وارتياد الكورنيش ودور السينما وما إلى هنالك من أولويات كثيرة في الأيام المخصصة لفرح العيد.