ارشيف من :آراء وتحليلات
ماذا يجري على الساحل الغربي من اليمن؟
يوماً بعد يومً، تتأكد أكثر فكرة غرابة القتال في اليمن، وسبب هذا الصمود غير الطبيعي للجيش واللجان الشعبية وانصار الله في الدفاع، ضد عدوان دولي مفتوح، يشترك به وبنسب متفاوتة، عشرات الدول الاقليمية والغربية، على بلدهم الصغير الضعيف المحاصر، واللافت ان هذه الدول، ولفترة لامست الاربع سنوات ، لم تجد حتى الآن طريقة أو مدخلاً أو مناورة، تنهي بها هذه الحرب، محققة على الاقل بعضا من أهدافها، ومع مرور الوقت وتعاظم تضحيات المدافعين، يقوى ويثبت هؤلاء أكثر، وتزداد خيبة المعتدين وخسائرهم، وفي نفس الوقت تتوسع الهوة التي تبُعد هؤلاء المعتدين عن المخرج المقبول معنويا وعسكريا واستراتيجيا.
منذ فترة تجاوزت الشهرين تقريبا، بدأ تحالف العدوان على اليمن معركة الساحل الغربي، بهدف رئيس هو السيطرة على الحديدة، مطارا ومرفأ ومدينة، ومع مرور المراحل الواحدة تلو الأخرى، تكشفت أبعاد ومعطيات المناورة الهجومية.
المناورة الهجومية
- المرحلة التمهيدية، اولا من خلال حرب نفسية، واسعة في الاعلام والديبلوماسية، لتضليل الرأي العام الغربي والاقليمي، تم التشديد فيها على ضرورة السيطرة على الحديدة لوقف الحرب ومزاعم حول منع إدخال الصواريخ والقذائف من الخارج، وتأمين المرفأ الانساني الوحيد لابناء اليمن، وثانيا من خلال إجراءات إختيار وتحضير الوحدات المشتركة، الاقليمية والغربية.
- المرحلة التحضيرية، من خلال نقل الوحدات الى قطاعات عملها، انطلاقاً من المخا تحضيرا لمحور هجوم بري واسع باتجاه الحديدة شمالا، ومن خلال تحضير القوى الخاصة بـالإبرار(*) والانزال على الواجهة البحرية لمدينة الحديدة، وتحديد أهدافها من ذلك، والتي توزعت بين الضغط وإلهاء الوحدات المدافعة افساحا بالمجال لتقدم المحور البري ساحلا بسهولة، وبين تحقيق اختراق داخل مطار أو مرفا أو وسط المدينة وتصوير هذا الاختراق بآلياته وبعناصره، واستعماله ورقة ضغط معنوية واعلامية، في الميدان والديبلوماسية وفي التفاوض عبر ممثل الامم المتحدة، تفاوضا مخادعا مثل عشرات الحالات السابقة، خططوا له ليتواكب مع العملية الهجومية.
- المرحلة التنفيذية التي اكتملت مع التقدم البري العنيف على الساحل، ومحاولة فاشلة ويائسىة للسيطرة على مطار الحديدة ، وهذه المرحلة تميزت بتغطية جوية ومدفعية وبحرية غير مسبوقة في المعارك التقليدية ، وبواسطة وحدات دعم تابعة لجيوش غربية محترفة ( اميركية وبريطانية وفرنسية)، بالاضافة للاطراف الخليجية المعروفة - وهي أساس قوى العدوان على اليمن - والتي تواكبت مع محاولات الانزال والابرار الساحلية على الواجهة البحرية للمدينة وقرب مطار الحديدة.
هذا لناحية مراحل ومناورة الهجوم، أما لناحية مناورة الدفاع التي نفذتها وحدات الجيش اليمني واللجان الشعبية وأنصار الله، فقد تكشفت معطياتها كالتالي:
المناورة الدفاعية
- مرحلة الاستيعاب، وتمثلت بمناورة ذكية، اعتمدت على امتصاص اندفاعة الوحدات المعادية المهاجمة، والتي كانت ضخمة بعديدها وبتجهيزاتها المتطورة والسريعة، من آليات وعربات قتال، وتلافياً لوقوع خسائر في الوحدات المدافعة ناتجة عن التغطية الجوية والبحرية والمدفعية الكاسحة التي دعمت الهجوم، إنكفأت هذه الوحدات المدافعة عن شريط ساحلي قليل العرض، يمتد بين المخا والدريهمي، يمتد لمسافة تتجاوز الـ 150 كلم، بشكل انتشرت دفاعياً لناحية الشرق على الهضاب المسيطرة على هذا الشريط، بانتظار تدفق العدد الاكبر من الوحدات المهاجمة وتوزعها على كامل الشريط المذكور.
- مرحلة التحضير للهجوم المعاكس، وامتدت لفترة لم تتجاوز اليومين، تم خلالها رفد الجبهة بالعديد المناسب والكافي لمسك كامل الشريط، وتم ايضا اختيار أهداف الهجوم المعاكس بدقة، بطريقة تؤمن فصلاً كاملاً للوحدات المعادية، وفي نقاط حيوية واستراتيجية، مثل الفازة على مفترق الخوخة الحديدة المخا نقطة اولى، والجاح في وسط الساحل المُستهدف نقطة ثانية، والنخيلة غرب الدريهمي، والتي هي جبهة المدافعة الأخيرة جنوب الحديدة كنقطة ثالثة.
- مرحلة الهجوم المعاكس، وتم تنفيذها على النقاط الاستراتيجية الأهداف بطريقة متزامنة وعنيفة، حيث سقط العديد من عناصر العدوان بين قتيل وجريح وأسير، وتم تنفيذ فصل كامل للوحدات المهاجمة عن بعضها البعض، مع سيطرة شبه مكتملة على خطوط الدعم لهذه الوحدات المُحاصَرة ، من كافة الاتجاهات وحتى الغربية الساحلية منها.
ما يجري الان ، لناحية التحالف المعادي:
- محاولات يائسة للتحالف لفك الحصار عن وحداته المطوقة، مستعينا بتغطية جوية وبحرية كاسحة، لم تتغير باهدافها وبنمطها عن جميع استهدافاته المماثلة لجميع المواقع اليمنية وخلال فترة العدوان كاملة، لأكثر من ثلاث سنوات، بالاضافة الى لملمة الخسائر والاصابات بالحد الادنى وتنفيذ اعادة تنظيم.
- محاولات تفاوضية عبر ممثل الامم المتحدة للحصول على مخرج يحفظ ماء الوجه، بتسليم الحديدة للامم المتحدة، تحت غطاء تدويل المساعدات الانسانية واللوجستية للشعب اليمني في كافة المناطق.
لناحية الجيش واللجان وانصار الله
- ثبات في الموقف الميداني وجهوزية كاملة على خطوط المواجهة، مع تحضير خطط الضغط والتقدم واعادة الوضع الى ما كان عليه على كامل الساحل الغربي.
(*) الإبرار: إنزال قوات عسكرية من البحر إلى البر