ارشيف من :أخبار لبنانية

تشكيل الحكومة يصطدم بمزيد من العقد.. والأمور عادت إلى نقطة الصفر

تشكيل الحكومة يصطدم بمزيد من العقد.. والأمور عادت إلى نقطة الصفر

يبدو أن الأجواء الايجابية التي تم الترويج لها منذ أيام في قرب ولادة الحكومة لم تكن سوى أقوالا، في حين ان الواقع على الأرض يصطدم بمزيد من العقد والأمور تعود إلى نقطة الصفر.
وتناولت الصحف الصادرة صباح اليوم الأجواء التشاؤمية التي تحيط بملف التشكيل الحكومي، والمناوشات التي تدور على هذه الجبهة بين أكثر من فريق سياسي.

 

"الأخبار": الحريري يساند جعجع: عون هو المُعرقل!

اعتبرت صحيفة "الأخبار" أن الخلاف لم يعد حول الملّف الحكومي محصوراً بين رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحرّ من جهة، والقوات اللبنانية واللقاء الديموقراطي من جهة أخرى. فقد انضم تيار المستقبل، أمس، إلى حملة الضغط على العهد. فيما تشير المعطيات إلى أنّ الحكومة لن تُبصر النور في المدى القريب، إلا إذا حصلت تطورات انقلابية قبيل سفر الرئيس نبيه بري غداً

عاد الملّف الحكومي إلى نقطة الصفر، منذ أن غادر رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري قصر بعبدا، يوم الجمعة المنصرم. الساعات الثماني والأربعين الماضية تشي بتأزم سياسي ــــ حكومي، خصوصاً بعد أن بلغت الأمور حدّ اتهام الفريق المحسوب على رئاسة الجمهورية، القوات اللبنانية بأنّها تُريد، من خلال «نفخ حصّتها» (الحصول على خمس حقائب ومنصب نائب رئيس الحكومة وحقيبة سيادية)، تعطيل تشكيل الحكومة، لإدراكها حاجة العهد الرئاسي إلى أن تُبصر التشكيلة النور بأسرع وقت. ومن خلال الأسلوب نفسه، تُحاول القوات اللبنانية، الحليفة الأولى للسعودية في لبنان، الإيحاء بأنّ الرئيس ميشال عون هو الذي يؤخّر تشكيل الحكومة الجديدة. يبدو ذلك مفهوماً بين فريقين يسعى كلّ منهما إلى إلغاء الآخر. لهذه الغاية، يلعبان كلّ الأوراق التي بين أيديهما، وكأنّها «أمّ المعارك» الوجودية. إلا أنّ المُستغرب كان أن يصبح حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل، فجأةً، فريقاً سياسياً واحداً، فيُشارك التيار الأزرق في الهجوم على بعبدا، في خطوة فسرها المراقبون «بأنها تندرج في خانة التجاوب الحريري مع الإرادة السعودية».

الهجوم «المُستقبلي» على عون، تجلّى أمس في مُقدّمة نشرة أخبار تلفزيون المستقبل، والتي لم تكن القوات اللبنانية «غريبةً» عنها. فقد نقلت القناة الزرقاء عن «مصادر مُتابعة»، أنّ الحريري «قدّم لرئيس الجمهورية خريطة طريق لتشكيل الحكومة على قاعدة حفظ حقوق الجميع وتمثيلهم بما يتناسب مع أحجامهم»، مُعتبرةً أنّه «لا أعراف لتشكيل الحكومة خارج العُرف الوحيد المتعارف عليه المتعلّق بتوزيع الحقائب الأربع الأساسية». العُرف المقصود هو، منصب نائب رئيس الحكومة، الذي تُريد القوات اللبنانية استكمال «وضع اليد» عليه، في حين أنّ عون يعتبر أنّ هذا المنصب يندرج «عُرفاً» ضمن حصّة رئاسة الجمهورية، وهو يُريد «استعادته» بعد أن «تنازل» عنه في الحكومة الماضية لـ«القوات». الأمر الآخر الذي أشارت إليه قناة المستقبل، هو أنّ «الثلث الضامن غير مطروح على جدول أعمال التأليف».

النقطة الأخيرة، أتت ردّاً على المطلب الجديد لوزير الخارجية جبران باسيل. بحسب المعلومات، رَفع باسيل الحصة التي يُطالب بها فريقَا رئاسة الجمهورية ـــــــ التيار الوطني الحرّ، من 9 وزراء إلى 11 وزيراً، على أن تضمّ وزيراً عن الطائفة السنية وآخر عن الطائفة الدرزية. في مقابل حصول «القوات» على ثلاث حقائب، وتيار المردة على حقيبة واحدة، مع وضع «فيتو» على تولّي «المردة» حقيبة الأشغال، بحسب الطرح الذي قدّمه باسيل. يُضاف إلى ذلك، مُبادرة الحريري إلى إلغاء موعده مع باسيل، والذي كان مُقرّراً يوم السبت الماضي، لاعتبار رئيس الحكومة أنّه ليس لدى باسيل أي أجوبة إيجابية في ما يتعلّق بخريطة الطريق التي رفعها الحريري إلى رئيس الجمهورية يوم الجمعة. كما أنّ الحريري أحجم، في المقابل، عن زيارة بعبدا، أمس، كما كان متوقعاً. كلّ ذلك، يعني أنّ «الجوّ سلبي، ولا توجد بوادر للحلّ»، بحسب المعنيين.


"البناء": الحكومة إلى ما بعد عودة بري؟

بدورها، أشارت "البناء" الى أن المفاوضات التي نشطت في عطلة نهاية الأسبوع لم تنجح في تجاوز العقد التي تعترض ولادة الحكومة العتيدة، وبالتالي تراجعت الآمال المعقودة على إبصار الحكومة النور، مساء أمس الأحد، بعد الأجواء الإيجابية عقب لقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الجمعة الماضي، حيث كان من المتوقع أن يزور الحريري بعبدا أمس، لعرض تشكيلته النهائية على رئيس الجمهورية.

ويمكن القول إن العقد لم تُذلّل وهي داخلية وأن حلّها بيد رئيس الجمهورية والحريري، بحسب ما أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليل السبت الفائت، وبالتالي فإن التشكيل لن يبصر النور قبل شهرٍ على الأقل، علماً أن الرئيس بري سيغادر بيروت خلال ساعات الى سردينيا في إجازة عائلية تستمرّ لأكثر من أسبوعين.

ويبدو أن الحصة الشيعية تبقى الوحيدة خارج التعقيد إذ إن العقبات تُحيط بالحقائب السنية والدرزية والمسيحية. وهذا ما برز خلال مقدّمة نشرة أخبار قناة «أو تي في» التي اعتبرت الطبخة الحكومية لم تنضج بعد ومتّهمة «القوات اللبنانية» و«الاشتراكي» بعرقلة التأليف بسبب رفع سقف مطالبهما بما يخالف أحجامهما الطبيعية».

وكان من المنتظر أن يلتقي الرئيس المكلّف رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في بيت الوسط يوم أول أمس، لكن اللقاء أرجئ الى موعد آخر لعدم نضوج التفاهم، علماً أن المسودة الشفهية التي حملها الحريري إلى بعبدا الجمعة الماضي، سيدخل عليها تعديلات بناء على ملاحظات رئيس الجمهورية، مع الإشارة الى أن المسودة تضمّنت 7 وزراء لتكتل لبنان القوي 3 لرئيس الجمهورية و6 لتيار المستقبل و6 لثنائي أمل وحزب الله، و4 وزارات للقوات من بينها حقيبة سيادية على الأرجح العدل، مع استبعاد سنة المعارضة وقوى أخرى أساسية. وتردّد بأن أحد الحلول التي طرحت للعقدة الدرزية هو توزير النائب السابق مروان أبو فاضل المقرّب من أرسلان.

وفي إطار التواصل الدائم بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية عقد مساء السبت، لقاء بين الوزيرين ملحم رياشي وغطاس خوري للبحث في حصة القوات الحكومية. كما زار عين التينة النائب وائل أبو فاعور والنائب السابق غازي العريضي موفدين من جنبلاط وبحثا مع بري الملف الحكومي.

وقالت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن التيار سينال 6 وزراء والوزير السابع مرتبط بالتركيبة النهائية للحكومة وبالقاعدة الحسابية المعتمدة، فإن اعتمدت قاعدة وزير لكل 4 نواب، فالتيار سينال 7 وزراء والقوات 4، أما إذا اعتمدت قاعدة وزير لكل 5 نواب فحصة التيار ستكون 6 والقوات 3، لكن ذلك لا يزال رهن المشاورات القائمة. وأكدت المصادر «حسم وزارتي الخارجية والطاقة من حصة التيار»، ولفتت الى أن «التيار غير معني بحصة القوات بل البتّ فيها من صلاحية الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، ولا نعارض أن تنال القوات وزارة العدل، لكن في المقابل من غير المنطقي والعدل أن تأخذ حقائب خدمية ونائب رئيس الحكومة».

وقد أوحت مقدمة نشرة أخبار قناة «المستقبل» بأن الرئيس المكلف لن يلبي مطلب تيار المردة باحتفاظها بحقيبة الأشغال، بقولها: «لا أعراف لتشكيل الحكومة خارج العرف الوحيد المتعارف عليه المتعلق بتوزيع الحقائب الأربع الاساسية اي الداخلية والخارجية والدفاع والمالية».

ولا تقل عقدة رفض تيار المستقبل والحريري تمثيل سنة المعارضة شأناً عن العقدتين المسيحة والدرزية، فأكد القيادي في «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش «استبعاد سنّة قوى «8 آذار» من الحكومة الجديدة »، مشيراً إلى أن «المستقبل» لا يرغب في توزيرهم لأنه مضرّ وليس مفيداً»، موضحاً «أننا قبلنا بـ»حزب الله» لأنه أمر واقع، لكننا لسنا مستعدّين للقبول بأطراف هي عملياً نتاج الحزب»، إلا أن رئيس « تيار الكرامة » النائب فيصل كرامي ردّ على علوش، مشيراً الى أن «استبعاد توزير سنّي أو أكثر من خارج « تيار المستقبل » يشكّل نسفاً لكل نتائج الانتخابات النيابية»، ومنتقداً طروحات الرئيس المكلّف في «استمرار احتفاظه بالحصرية السنية في الحكومة مع بعض المحاصصات على شكل هدايا بينه وبين رئيس الجمهورية، وهذا يعني ببساطة إقصاء واقع شعبي سني في كل لبنان أوصل 10 نواب الى البرلمان. كما يعني أن معايير تشكيل الحكومة لا تزال على قاعدة القانون الأكثري مع إلباسها لقب «حكومة وحدة وطنية». وهو ما يعتبر هرطقة بكل المقاييس المنطقية والسياسية والشعبية».

وفي سياق ذلك، أشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الى أننا «متمسكون بحسن التمثيل الحكومي بما يتناسب مع التمثيل النيابي والمناطقي والقوى والفعاليات الموجودة في هذا البلد». داعياً إلى «تمثيل الجميع بحسب حيثياتهم وبحسب خصوصيات مناطقهم وعدم الإلغاء، لأن تعبير الحكومة الوطنية يتطلب أن يكون الجميع فيها من أجل نهضة البلد الذي يحتاج إلى جهد كبير حتى ننقذه في هذه المرحلة الحساسة من الزمن».

 

"الجمهورية": التفاؤل تبخّر فجأة... وباسيل لـ«القوات»: زمن الهدايا انتهى

صحيفة "الجمهورية" رأت بدورها أنه فجأة حلّ التفاؤل وفجأة تبخّر في مسألة تأليف الحكومة. ظلت العقد على حالها، وعاد التوتر بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» الى الواجهة مجدداً، مترافقاً مع أعنف هجوم عوني على «القوات».

في هذه الأجواء، بَدا رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل متشدّداً في مقاربته لكيفية توزيع الحصص المسيحية، وسط شعور لديه بأنّ رئيس حزب «القوات» الدكتور سمير جعجع «انقلبَ على العهد، وبالتالي لم يعد يستحق أن نمنحه هدايا وزارية على غرار ما حصل في المرة السابقة». ونقل عن باسيل قوله في مجلس خاص: «على القوات ان تعرف انّ زمن العطاء المجاني قد انتهى...».


واتهم مصدر قيادي في «التيار»، «القوات» بـ«أنها أخَلّت بالتزاماتها ونكثت بالاتفاق، بعدما تحوّلت من داعم مفترض لرئيس الجمهورية الى متهجّم عليه»، مشيراً «الى انّ أهم «إنجازات» معراب و«مآثرها» بعد حصول المصالحة تمثّلت في اتهامنا زوراً وبهتاناً بالفساد، والتحريض على إسقاط سعد الحريري وحكومته قبل أشهر لإرباك العهد وإضعافه، ومحاولة تأليب الاميركيين على الجيش اللبناني، والطعن في مرسوم التجنيس الذي يحمل توقيع عون، والتَنكّر لحق الرئيس في الحصول على كتلة وزارية وفي اختيار نائب رئيس الحكومة». وتساءل المصدر: «هل المطلوب منّا بعد انقلاب «القوات اللبنانية» على جوهر الاتفاق السياسي معنا ان نقبل بإعطائها حصة وزارية منتفخة حتى تستخدمها ضدنا وضد العهد»؟

واعتبر انّ «القوات» يجب ان تتمثّل بثلاثة وزراء في الحكومة المقبلة «إذا جرى اعتماد المعايير الموضوعية والمنصِفة في التأليف».

سجال «تويتري»
وترافق ذلك مع سجال تويتري بين وزير العدل سليم جريصاتي ونائب «القوات» جورج عقيص على خلفية دور الاول في القضاء، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على السجال بين وزيري الطاقة سيزار ابي خليل والشؤون الاجتماعية بيار ابو عاصي على خلفية قضية النزوح السوري.

ودخل الوزير غسان حاصباني على خط السجال، فقال مغرّداً: «مَن عرقل عمل العهد وَشوّه صورته هو مَن تقدّم بمناقصات ملتبسة وأصرّ عليها لمدة سنة. ومَن حاول الحفاظ على صورة العهد هو نحن، عن طريق تصحيح مسار تلك المناقصات والتمسّك بالمعايير القانونية التي تشكل خريطة الطريق التي أرادها العهد لنفسه».

تفاؤل غير حقيقي
في هذا الوقت، قالت مصادر حزبية في 8 آذار لـ«الجمهورية» انّ تيار «المستقبل» هو من سعى الى خلق موجة تفاؤلية، الّا انّ هذا التفاؤل غير حقيقي».

وأضافت: «لقد سعى الرئيس المكلّف يوم الجمعة، بعد سفر المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، الى خلق جو تفاؤلي وبأنه يستطيع تأليف الحكومة خلال 24 او 48 ساعة قبل سفر الرئيس نبيه بري، إنما المشكلة تبقى في العقدة المسيحية بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» وحلّها ليس على عاتقه، رامياً بذلك الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، لكنّ حقيقة الامر انه لم يكن هناك اي اجواء تفاؤلية والجميع استغرب كيف خُلقت هذه الاجواء، والرئيس المكلّف كان مضطراً للعودة الى لبنان بسبب زيارة ميركل. ولكي لا يستغرب احد هذه العودة، قام بهذا الحراك في بيت الوسط، وزار بعبدا في اليوم التالي وأوحى بأنّ الحكومة قريبة، وخَلق تيار «المستقبل» وإعلامه موجة تفاؤل لم تكن حقيقية».

2018-06-25