ارشيف من :أخبار لبنانية

غموض يسيطر على الملف الحكومي.. وعون لن يتنازل عن صلاحياته في التشكيل

غموض يسيطر على الملف الحكومي.. وعون لن يتنازل عن صلاحياته في التشكيل

طغت الأجواء الغامضة الممزوجة بالسلبية على ملف تشكيل الحكومة، في ظل اصطفاف الرئيس المكلف إلى جانب رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، وبروز الخلاف مع الرئاسة الأولى إلى العلن، وكذلك مواقف التيار الوطني الحر التي نعت "اتفاق معراب".
واهتمت الصحف الصادرة اليوم بالبيان الصادر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية والذي شن فيه هجوما عل بعض القوى التي تحاول النيل من صلاحيات رئيس الجمهورية في مسألة تشكيل الحوكمة، مؤكدا عدم تنازل بعبدا أو خضوعها للضغوطات من قبل هؤلاء.


"البناء": عون للمستقبل و«القوات» و«الاشتراكي»: لن أتنازل والتزموا بأحجامكم

رأت صحيفة "البناء" انه كان لافتاً أمس، ما أعلنته وكالة سبوتنيك أن العقدة الأساسية تكمن «ليس في الخلاف الداخلي الحاصل على توزيع الحصص الوزارية، بقدر ما هو غياب كلمة السر الخارجية التي تضغط على مختلف القوى وتؤدي إلى تسريع تشكيل الحكومة، وذلك لوجود تطورات إقليمية بارزة عدة تحتم تجميد الملف اللبناني أمامها، ومنها معركة الحديدة في اليمن وعملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، لكن الأهم التطورات السورية والتحضير لمعركة الجنوب السوري تمهيداً لتسلّم الجيش السوري زمام الأمور الأمنية على جبهة الجنوب، وما قد ينتج عن ذلك، إما استقرار أمني وفق اتفاق دولي عرّابه روسيا وأميركا، أو إمكانية توتّر الحدود السورية الإسرائيلية لأسباب معينة تؤدي الى توتير الأجواء في المنطقة ككل، ومنها لبنان».

إلى ذلك يبدو أن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بدآ بحملة مضادة ضد الحملات المبرمجة التي استهدفت عهد الرئيس ميشال عون التي يقودها التحالف الثلاثي المستجدّ «القوات اللبنانية» وتيار المستقبل والحزب الاشتراكي، ما يُنذر بمواجهة حامية سترافق مفاوضات تأليف الحكومة التي يبدو أنها متعثرة حتى الساعة.

وخرجت بعبدا عن صمتها متوجّهة الى الفريق الثلاثي من دون أن تسميه، بتأكيد أن رئيس الجمهورية لن يتنازل عن صلاحياته الدستورية في عملية تشكيل الحكومة ووفقاً للأحجام التي أفرزتها الانتخابات النيابية.

وأكد مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ببيان أن «رئيس الجمهورية يتعاطى مع ملف تشكيل الحكومة الجديدة، استناداً الى صلاحياته المحددة في الدستور، ولا سيما الفقرة 4 من المادة 53، اضافة الى القوانين المرعية الإجراء. والرئيس وإن لم يتدخل في آلية التشكيل، إلا أنه ليس في وارد التغاضي عما منحه إياه الدستور من صلاحيات وما درجت عليه الأعراف المعتمدة منذ اتفاق الطائف، لا سيما لجهة حق رئيس الجمهورية أن يختار نائب رئيس الحكومة وعدداً من الوزراء، يتابع من خلالهم عمل مجلس الوزراء والأداء الحكومي بشكل عام انطلاقاً من قَسَمه الدستوري بالحفاظ على القوانين. وعلى الذين يسعون في السر والعلن، الى مصادرة هذا الحق المكرّس لرئيس الجمهورية، أن يعيدوا حساباتهم ويصححوا رهاناتهم، وينعشوا ذاكرتهم».

وأشار البيان الى أن «الخيار الميثاقي يفرض على الرئيس بالتالي حماية الشراكة الوطنية التي تتجلى في أبهى مظاهرها في حكومة تعكس أوسع تمثيل وطني ممكن، كما تحقَّق خلال الانتخابات النيابية عبر قانون قائم على أساس النسبية، عمل رئيس الجمهورية من أجل إقراره للمرة الاولى في التاريخ السياسي للبنان. وهذه الانتخابات حدّدت أحجام القوى السياسية، وما على هذه القوى إلا احترام هذه الأحجام حتى تكون عملية تشكيل الحكومة مسهّلة».

وأضاف البيان: «الذين يدّعون حرصهم على اتفاق الطائف ويحذّرون مما يصفونه بخطر إسقاطه أو تعطيله، مدعوون الى التوقف عن تعميم الأضاليل وتشويه الحقائق الراسخة التي يجسّدها تأكيد رئيس الجمهورية الدائم على التزامه اتفاق الطائف الذي أصبح دستوراً، وحري بالآخرين أن يحترموا هذا الاتفاق بكل مفاعيله، وليس اعتماد الانتقائية في مقاربته تبعاً لحساباتهم الشخصية ومصالحهم الذاتية ورهاناتهم الملتبسة».

وأشارت أوساط نيابية مقربة من العهد لـ «البناء» الى أن الرئيس عون يتوجه الى القوات اللبنانية بالدرجة الأولى التي تسعى الى سلب رئيس الجمهورية حصته المكرّسة في الدستور، لا سيما نائب رئيس مجلس الوزراء، وموجّهة أيضاً الى تيار المستقبل الذي يحاول سرقة صلاحية رئيس الجمهورية والى الاشتراكي الذي يتباكى صبحاً ومساء على اتفاق الطائف». واتهمت الأوساط الرئيس الحريري بالتماهي مع مطالب القوات والاشتراكي التعطيلية للاستفادة من الوقت لإحراج الرئيس عون وانتظار الضوء الأخضر السعودي بالتأليف، إضافة الى أنه يسعى لتخفيض حجم التيار وعون ليمسك العصا الحكومية من الوسط».

واتهمت الأوساط المستقبل والقوات والاشتراكي بتطويق العهد وابتزازه بإيحاءات سعودية لاعتبار أن كل دقيقة بلا حكومة تذهب من عمر العهد»، إلا أن الأوساط أوضحت أنه و«إن كان لا يملك الرئيس الكثير من الأوراق للمواجهة لكنه لن يتنازل عن صلاحياته ولا عن حصته في الحكومة»، وتحدّثت عن «بوادر أزمة سياسية حادة بين بعبدا وبيت الوسط قد تؤخر ولادة الحكومة أشهر». وما يزيد الأمور تعقيداً وخطورة برأي الأوساط نفسها هو التزام الرئيس المكلف بالأجندة السعودية، لا سيما تعويم القوات والاشتراكي، ما يعني أن التسوية الرئاسية قد انتهت ويجب البحث عن تسوية سياسية جديدة غير معروفة معالمها وعناوينها أو توفير ظروف داخلية وإقليمية لإنعاش التسوية القائمة».


"الأخبار": أزمة التأليف: عودة إلى ما قبل التسوية الرئاسية

ولفتت "الأخبار" إلى أن أجواء تأليف الحكومة عادت بالبلاد إلى ما قبل التسوية الرئاسية بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. السجال بين رئيسي الجمهورية والحكومة خرج إلى العلن، فيما يلوّح الفريق المناوئ للسعودية بإمكان تصعيب مهمة الرئيس المكلّف، «رداً على أدائه»!

عادت مُشاورات تأليف الحكومة إلى النقطة الصفر، حتى بدت الأجواء السياسية أشبه بمرحلة ما قبل التسوية الرئاسية. الخلاف بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري خرج إلى العلن، على خلفية إصرار الأخير على تبني مطالب القوات اللبنانية «التي تمدّ يدها إلى صلاحيات رئيس الجمهورية وموقعه»، بحسب مصادر قريبة من قصر بعبدا.

وترى المصادر أن إصرار القوات على الحصول على منصب نائب رئيس الحكومة، يمسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية، وبالأعراف التي أُرسيت بعد اتفاق الطائف، مضيفة: «أما إذا كان رئيس الحكومة متمسّكاً بمنح القوات أو أي كتلة أخرى حصة أكبر من حجمها، فلا مانع لدينا، شرط أن يكون ذلك من حصته، لا من حصة رئيس الجمهورية أو باقي الكتل».

هذه الأجواء عكسها بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، شدّد على أن عون «ليس في وارد التغاضي عمّا منحه إياه الدستور من صلاحيات وما درجت عليه الأعراف المعتمدة منذ اتفاق الطائف، ولا سيما لجهة حق رئيس الجمهورية في أن يختار نائب رئيس الحكومة وعدداً من الوزراء».

وأكّد أنّ «على الذين يسعون في السر والعلن، إلى مصادرة هذا الحق المكرَّس لرئيس الجمهورية، أن يعيدوا حساباتهم ويصححوا رهاناتهم، وينعشوا ذاكرتهم»، معتبراً أن «الانتخابات حدّدت أحجام القوى السياسية، وما على هذه القوى إلّا احترام هذه الأحجام حتّى تكون عملية تشكيل الحكومة مسهّلة».

وأكدت مصادر سياسية رفيعة المستوى لـ«الأخبار» أن عون والتيار الوطني الحر لن يقبلا بمنح القوات ما يمكّنها من إفشال العهد، لافتة إلى أن قناعة المعنيين بالتشاور مع الحريري بتأليف الحكومة باتت شبه محسومة لجهة أن التعقيدات خارجية لا داخلية. وتتحدّث المصادر عن إشارات صادرة عن بعض السفارات هدفها وضع فيتو على منح وزارات أساسية لحزب الله، وإن لم تكن وزارات أمنية أو سيادية. وقالت المصادر إن أداء الحريري سيؤدي إلى تصعيب مهمته، «وربما ستُرفع في وجهه بعض المطالب ــــ الشروط من قبل المحور المناوئ للسعودية، كمطلب توزير سنّة من خارج فريق 14 آذار».


"الجمهورية": التأليف يُسقط التسويات بالجملة... والعهد أمام إختبارات جديدة

ووفقا لصحيفة "الجمهورية" فقد لفّ الغموض مصير التأليف الحكومي نتيجة الاعلان عن سقوط تسويات وتفاهمات حكمت المرحلة السابقة واستمرت مع الانتخابات النيابية وصولاً الى الآن، وبَدا أنّ التأليف والمؤلفين قد دخلوا في مرحلة التقاط أنفاس لعلهم يتمكنون خلالها من امتصاص الصدمات والترددات التي أحدثها سقوط تلك التسويات. وجاء سفر رئيس المجلس النيابي في زيارة خاصة الى ايطاليا، ليعفي المعنيين من العجلة في التأليف انتظاراً لعودته من جهة، وانتظاراً ربما لتطورات في الاقليم من جهة أخرى يعتقد البعض انها قد تعدّل في شروط التأليف ونوعية التشكيلة الوزارية، وما ستنطوي عليه من محاصصات في عدد الوزراء ونوعية الحقائب.

واهتزّ التأليف أمس لكنه لم يقع، امّا تسويات العهد التي أوصلت العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، فتهاوَت الواحدة تلو الأخرى. فبالضربة القاضية، أعلن «التيار الوطني الحر» سقوط «تفاهم معراب»، وقال رئيسه الوزير جبران باسيل: «هناك اتفاق سياسي لم يعد قائماً»، وقطع بكلامه الطريق على الكلام الذي رافق عملية التأليف منذ البداية من انّ هناك ثنائية مسيحية تتقاسَم المقاعد، بحسب بنود هذا التفاهم.

امّا قصر بعبدا، فقد غمزَ في بيان صادر عنه، من قنوات عدّة، خصوصاً في ما يختصّ بصلاحياته في تأليف الحكومة، ورَدّ «على من يدّعي الحرص على اتفاق «الطائف»، مؤكداً «حق رئيس الجمهورية في ان يختار نائب رئيس الحكومة وعدداً من الوزراء، يتابع من خلالهم عمل مجلس الوزراء والأداء الحكومي»، ودعا «الذين يَسعون في السر والعلن، الى مصادرة هذا الحق المكرّس لرئيس الجمهورية، ان يعيدوا حساباتهم ويصححوا رهاناتهم».

في حين اعتبرت كتلة «المستقبل» انّ «مهمة تأليف الحكومة من المسؤوليات الدستورية المُناطة حصراً بالرئيس المكلّف، بالتعاون والتنسيق الكاملين مع فخامة رئيس الجمهورية».

وامام هذا الواقع، و«الطلاق العوني» مع احد أركان التسويات، واهتزاز علاقة الرئيس سعد الحريري، ركن التسوية الآخر، مع رئيس الجمهورية، من المفترض ان تبدأ مرحلة جديدة قد تشكّل اختباراً للعهد. فإمّا ان يهتز مع سقوط التسويات، او تبدأ مرحلة جديدة تحكمها تسويات جديدة.

وقال الحريري مساء امس، ردّاً على سؤال عن العرقلة السائدة والتأخير في تأليف الحكومة: «لا، إن شاء الله بيمشي الحال». وقال في دردشة مع الاعلاميين، خلال افتتاحه معرض «بروجكت ليبانون» في «سي سايد ارينا»، إنه لفخر له ان يرى هذا النوع من المعارض في لبنان «وهو يدلّ الى انّ البلد بخير، ونحن مُقبلون على مرحلة فيها إعمار وبناء بعد مؤتمر «سيدر»، وهذه الشركات العارضة والمشاركة، تستعد للمرحلة المقبلة، وقد شجعت شركات أخرى لتكون حاضرة هنا. ونحن متفائلون بالمرحلة المقبلة».

إستراحة محارب
وفي حين بلغت أزمة التأليف ذروتها، قالت مصادر مواكبة لها لـ«الجمهورية»: «ما حصل ليس نهاية العالم وارتفاع السقوف في التخاطب والبيانات ليس سوى وَضع للنقاط على الحروف قبل البدء فعلياً بالمخاض الأخير لولادة الحكومة، فكل القوى السياسية أدركت خلال الساعات الماضية انه لم تعد هناك تفاهمات ولا اتفاقات تحكم عملية التأليف وخصوصاً «تفاهم معراب»، الذي ولّى الى غير رجعة».

وتوقعت المصادر «ألّا يذهب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعيداً في ردّة فعله على إعلان سقوط «تفاهم معراب»، فليس لديه خيارات أخرى، كذلك ليست لديه نقاط قوة يواجه بها العهد. وبالتالي، فإنه في النهاية سيقبل العرض المقَدّم له ليبقى موجوداً في ساحة الحكم». وقالت: «بعدما أدلى كل طرف بدلوه، سيدخل الجميع في استراحة المحارب ولعلّ سفر رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الخارج يعطي فرصة لالتقاط الانفاس، ويراجع كل طرف حساباته في هدوء ويعاود ترتيب أوراقه. أمّا ولادة الحكومة فلن يطاولها سوى تأخير لبضعة ايام، من اسبوع الى 10 ايام يتمّ خلالها التفاوض مع كل طرف بحسب حجمه الطبيعي».

2018-06-27