ارشيف من :نقاط على الحروف

تلفزيون لبنان يستعيد أمجاده....’المونديال’ بين الرضا والانتقاد

تلفزيون لبنان يستعيد أمجاده....’المونديال’ بين الرضا والانتقاد

ليست المرة الأولى التي ينقل فيها تلفزيون لبنان كأس العالم عبر شاشته. لكنها حتماً المرة الأولى التي تستطيع شاشة الزمن الجميل أن تُغطي فيها مختلف الأراضي اللبنانية لنقل الحدث العالمي. تماماً كما أنها المرة الأولى التي تقتحم فيها الشاشة شبه المنسية -بفعل التقصير الرسمي- بيوت ومنازل المشاهدين بقوة. أولئك الذين تسمّروا أمام التلفزيونات، موحدين اسم القناة، ليجمعهم المونديال بعدما فرقتهم تُخمة المحطات الفضائية. ليعودوا الى أحضان الشاشة التي هجروها ربما لسنوات. لا لشيء، بل بفعل السياسة الحكومية القائمة على نفض الكف من الاعلام الرسمي. فمن يدخل الى كواليس أولى المحطات اللبنانية التي أبصرت النور، يعلم جيداً سر ابتعاد الجماهير عنها. ففي داخل هذه المحطة من الخلافات والمناكفات ما يكفي لعرقلة تطورها، وإبعادها عن اللحاق بركب التطور الاعلامي. 

ولا يخفى على أحد أنّ هذه المحطة مكبّلة منذ سنوات بفعل السياسة الخاطئة التي انتهجتها الحكومات حيالها. ولا حرج في الاعتراف للأسف بأنّ شريحة واسعة من اللبنانيين لا يعنيها الأمر سواء وجدت المحطة على تلفزيونها أم لم توجد. أساساً ربما لا يعلم البعض ترتيب هذه المحطة على قائمة القنوات في منزله. اليوم، تغيّرت معالم الصورة المذكورة. باتت الشاشة و"ببركة" كأس العالم رقماً أول على شاشتنا إذ حظيت بمستوى "ريتينغ" تحلم به أية محطة. "المونديال" أعاد للشاشة الصغيرة مجدها، الذي ربما سيتبخّر بسحر ساحر مساء 15 تموز/يوليو 2018، موعد المباراة النهائية لكأس العالم، لتعود قصة هجران الشاشة الرسمية، اللهم إلا إذا طرأ تحولاً على ظروف الشاشة، أدى الى "نفضة" برامجية تُواكب ما يطلبه المشاهدون. وهو ما يؤكّده مساعد المدير العام لتلفزيون لبنان (المدير الذي لم يعين بعد) واصف عواضة، لافتاً الى أنّ الشاشة التي استطاعت استقطاب 4 مليون و800 الف مشاهد عبر ارسالها من أصل خمسة ملايين مشاهد لمباريات كأس العالم على كافة الاراضي اللبنانية، بدأت التفكير جدياً والتحضير لدورة برامج جديدة، تحاول فيها على الأقل تأكيد حضورها في الساحة اللبنانية. 

موقع "العهد" الإخباري أجرى حواراً شاملاً مع مساعد المدير العام لتلفزيون لبنان، تطرّق فيه الى ظروف نقل المونديال عبر الشاشة الرسمية، ومكامن النجاح والتقصير. كما قرأ عواضة ردة فعل الجمهور، وتفاعله مع الخطوة، مجيباً على بعض الانتقادات، وواعداً الجمهور بالأفضل. 


وهنا نص المقابلة: 

* كيف تقرأون ردة فعل الجمهور حيال "الفرصة" التي قدّمها تلفزيون لبنان لهم بمشاهدة المونديال مجاناً؟

جيدة جداً. استطاع تلفزيون لبنان أن يؤمّن لكل اللبنانيين وعلى جميع الأراضي اللبنانية مشاهدة كافة المباريات مجاناً. الجديد هذا الموسم أنّ الارسال يغطي مختلف المناطق باستثناء بعض الكيلومترات التي لم يستطع الوصول اليها. لقد بذلنا جهوداً جبارة ولدينا 17 محطة ارضية لا تزال فعالة في هذا الاطار. مديرية الارسال لم تترك جهداً الا واستغلته لايصال المباراة حتى الى قاطني الوديان. برأيي، ردود الفعل على قدر الآمال، وما يدلل عليها نسبة المشاهدة المرتفعة التي حظيت بها المحطة. خلال الساعات الماضية تبلغنا أنّ 4 ملايين و800 الف مشاهد يتابعون المباراة عبرنا من أصل خمسة ملايين، وهي نسبة مشرفة ومرتفعة جداً، مقارنة بمئتي الف يتابعونها عبر الكوابل والاشتراكات.

*تتحدّث حضرتك عن نسبة مشاهدة عالية. هل نستطيع القول أن المونديال أعاد المشاهد الى أحضان الشاشة الوطنية بعد سنوات من الهجران؟ 

لا أريد أن أدفن رأسي في الرمال كالنعامة. نعم نستطيع القول أن تلفزيون لبنان استعاد حضوره على الأراضي اللبنانية بنسبة مشاهدة لم يشهدها في تاريخه. نحن اليوم أمام فرصة نحاول الحفاظ عليها بعد موسم المونديال. على الأقل نسعى لتأكيد حضورنا على الساحة اللبنانية، وسط الكثير من القنوات التي "تسبقنا"، بسبب الظروف القاسية التي نمر بها. وهذا لا يمكن أن يتحقق سوى بدورة برامج جديدة بدأنا التحضير لها. ولا يخفى على أحد أن شاشة تلفزيون لبنان تعاني منذ أربع سنوات ونصف من غياب مجلس ادارة بشكل فعلي. وكما نعلم فإن مهمة مجلس الادارة تكمن في الاشراف على كل صغيرة وكبيرة، منها اعداد دورات برامج. فهل يتخيل البعض مثلاً أن الموظفين ومنذ سنة يتقاضون رواتبهم من خلال إمضاء وزير الاعلام ملحم رياشي؟. نعمل على تسيير أمورنا بالتي هي أحسن وضمن امكانياتنا. لدينا قدرات لكنها مكبلة بالظروف المحيطة بنا، ما يحتم ضرورة تعيين مجلس ادارة في أقرب وقت.

تلفزيون لبنان يستعيد أمجاده....’المونديال’ بين الرضا والانتقاد

* من يتابع ردة فعل الجمهور، يقرأ العديد من الانتقادات التي وجهت في رحاب المعلقين الذين اعتبرهم البعض بأنهم دون المستوى المطلوب. ما رأيكم؟ 

قبل شهر ونصف، بدأنا التحضير لمواكبة المونديال، لكننا لم نحصل على الامتياز بالحق في النقل سوى قبل يوم. عامل الوقت لعب دوراً في هذا الصدد، لكننا لم نقصّر، بل طرقنا أبواباً عدة. البعض قد يسأل، لماذا لم يقع الاختيار على المعلق المصري مدحت شلبي، وهو الذي رافق المحطة لسنوات. لا ننكر بأن شلبي أهم معلق في مصر بات مديراً عاماً لاحدى أقوى المحطات العربية، وبالتالي فإنّ البدل الذي كان يتقاضاه والذي يتراوح بين 25 الف دولار الى ثلاثين، ويتضمن الاقامة والتنقلات والسفر، بات اليوم ضئيلاً جداً بالنسبة لموقعيته. بالتأكيد إذا ما قبل فلن يرضى بأقل من 200 الى 300 الف دولار، وهذا مبلغ لا تسمح ميزانيتنا بدفعه. 

سعينا لكي نعطي المونديال نكهة لبنانية، ولكن للأسف هذه طاقات المعلقين اللبنانيين. سبق وتواصلنا مع معلقين آخرين غير الذين تم اختيارهم، قد يكونوا أفضل من الذين توفروا لدينا، ويتقاضون مبالغ معقولة، لكنهم اعتذروا في ربع الساعة الأخير. منهم على سبيل المثال المعلق رائد جرجس الذي منعته جامعة البلمند المرتبط معها مهنياً من التعليق. المعلق علي علوية الذي اعتذر في اللحظة الأخيرة، لارتباطات خاصة، فما كان أمامنا سوى الذين جرى اختيارهم اليوم. هذا مستوى المعلقين، وقدرات الرياضة في لبنان بهذا الحد. ومع ذلك، نستطيع القول أن بعض الانتقادات ظالمة ومُبالغ بها أحياناً، وربما في إطار النكد الرياضي.

*ماذا عن الظروف التي أحاطت عملية نقل المونديال؟

كما تعلمون، فإنّ تلفزيون لبنان لم يترك دورة رياضية إلا وسعى لنقلها عبر شاشته. ربما تميزت هذه المرة بوصولها الى أكبر قدر ممكن من المشاهدين. وهنا لا أنكر أن مبالغ طائلة جداً، دفعها لبنان كي لا يُحرم أحد من حق مشاهدة المونديال مجاناً. فأي مواطن يريد مشاهدة المونديال سيدفع ما لا يقل عن 400 الى 500 دولار، أضف الى ذلك أن شركات التوزيع تفرض رسوماً جديدة. بات باستطاعة أي مواطن أن يشاهد كأس العالم على تلفزيون لبنان أرضياً ومجاناً.

*كم بلغت كلفة البث؟

كلفة النقل عالية جداً. فاقت الثماني ملايين دولار، ستة منها تكفلت بدفعها شركتي "ألفا" و"تاتش"،  ووزارة الاتصالات تكفلت بدفع المليونين المتبقيين، على أن تعود الاعلانات الى ميزانيتها. شركة "سما" تقول أن الامتياز كلفها عشرة ملايين دولار للبنان فقط. نحن في تلفزيون لبنان لم يعود لنا أي قرش، هدفنا الأول والأخير من هذا النقل  هو خدمة الرأي العام اللبناني. 

*على الهامش، أي فريق رياضي تشجّع؟

تاريخياً، أشجع ألمانيا، أما اليوم ومع دخول العديد من الفرق القوية الى الساحة العالمية ككرواتيا وبلجيكا ونيجيريا، فإني لست متحيزاً لأحد بل للأمهر والأبرع كروياً. 

*كلمة أخيرة

مع احترامي لكل المحطات، ورغم كل ما يقال عن تلفزيون لبنان، ينبغي أن نتكاتف جميعاً لتطويره. وهنا أوجه تحية لوزير الاعلام الذي كان حريصاً على العبور بهذه الشاشة نحو الأفضل، ولكن الظروف عاندته، فلم يستطع تعيين مجلس ادارة جديد، كما أنوه بالجهود التي بذلها ويبذلها مدير البرامج، وأوجه تحية لكل العاملين في تلفزيون لبنان والحريصين عليه.

2018-06-27