ارشيف من :آراء وتحليلات
ماكرون وقمة نواكشوط ومطلب الاعتذار عن حقبة الاستعمار..
تنعقد بالعاصمة الموريتانية نواكشوط يومي الاحد والاثنين القادمين القمة الـ 31 لرؤساء وقادة الدول الافريقية، وهي القمة التي تثقل كاهلها ملفات وأعباء مرتبطة بأزمات القارة وتحدياتها الكبرى المتعلقة بصراعاتها الإقليمية البينية وأزماتها البنيوية كالتنمية والتطرف والهجرة غير الشرعية الى أوروبا، إضافة إلى التحديات المؤسسية التي تعترض مسيرة الاتحاد الافريقي وطموح أبنائه في خلق فضاء دولي قادر على تحقيق احلام هذه القارة في التنمية المستدامة والتطور والارتقاء..
وقد هيأت الحكومة الموريتانية كل الظروف التي من شأنها ان تساعد على إنجاح هذه القمة الافريقية التي تعقد في البلد لأول مرة منذ استقلاله العام 1960 من القرن المنصرم.
أخذت شوارع العاصمة زينتها وتم تبليط الارصفة وزخرفت الواجهات بالالوان الوطنية.. وصدحت الإذاعات الرسمية المسموعة والمرئية بالاغاني الحماسية التي تبعث الروح الوطنية وتوقظ الحس بالمسؤولية العليا .. كما تم تامين الفنادق وشقق الضيافة بما يضمن طمانينة ضيوف موريتانيا ولم يبخل المواطنون العاديون باي جهد من اجل انجاح هذا الاستحقاق الوطني حتى ان منهم من تبرع بقصوره الفارهة لراحة الضيوف الوافدين المقدر عددهم بـ 3000 زائر.
ولم يقتصر الامر على هذا فقد هيأت نواكشوط لهذه القمة قصرا جديدا للمؤتمرات بني في ظرف وجيز على شواطئ بحر الظلمات" المحيط الاطلسي "وبعيدا عن صخب المدينة وضوضائها ربما ليذكر الافارقة بتاريخ الاسترقاق والترحيل القسري الى اوربا وامريكا الذي تعرض له اجدادهم على يد عصابات الاجرام الاستعماري الغربي ليباعوا في اسواق النخاسة بامريكا ذات السجل الاسود في الاستعباد والاستغلال البشري.
يحضر القمة 42 رئيس دولة افريقية اضافة الى الرئيس الفرنسي و الامين العام للأمم المتحدة وممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الافريقي وممثل عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
أهم ما يميز قمة نواكشوط عن سابقاتها اعلانها عن تكريم المناضل الافريقي ورمز التحرر العالمي الراحل نيسلسون مانديلا في ذكراه المئوية وهي مناسبة ربما تشكل الحرج الكبير للرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الذي يحضر كضيف شرف وهو بلا شك يمثل رأس امبراطورية استعمارية ما زالت الأطماع التوسعية الاحتلالية تحرك قادتها ومازال فيهم من يعتبرون انفسهم سادة على افريقيا يستغلون مواردها ويتحكمون في مصائر شعوبها ومن ضمنهم ماكرون نفسه الذي يرفض لحد الساعة الاعتذار عن حقبة الاستعمار الغاشمة للقارة الافريقية رغم إدراكه بان ما تعانيه افريقيا اليوم من تخلف اقتصادي واجتماعي ومن صراعات وحروب أهلية مدمرة هو بسبب مخلفات الاستعمار الغربي والفرنسي الظالم.
ترى هل يستغل الرئيس الفرنسي هذا الحدث الكبير ليعتذر على الملاء عن هذه الجريمة الفظيعة التي تلطخ وجه بلاده وهي الجريمة التي خلفت مآسي وويلات للقارة لم يتوقف نزيفها إلا بعد ان خاض أبناؤها ملاحم نضالية وقادوا معارك الشرف والعزة لمقاومة الغزاة وطردهم على غرار ما يقوم به الجيل الفلسطيني اليوم من معارك الشرف والعزة ضد الهيمنة الصهيونية الامبريالية في فلسطين المحتلة.