ارشيف من :مقالات
لا برلمان في العراق.. والحكومة لتصريف الأعمال فقط
بحلول الأول من شهر تموز - يوليو الجاري، يكون العراق بلا برلمان (فراغ برلماني)، بعد انتهاء عمر الدورة الثالثة، وعدم حسم نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي جرت في الثاني عشر من شهر أيار - مايو الماضي، بسبب الكثير من الشبهات والاعتراضات على مجمل مجريات العملية الانتخابية.
وقد فشلت مساعي ومحاولات عدد من أعضاء البرلمان المنتهية ولايته في اقرار التعديل الرابع لقانون انتخابات مجلس النواب 45 لعام 2013، حتى يتاح التمديد للبرلمان، لحين الانتهاء من عمليات العد والفرز اليدوي والنظر في كل الطعون والشكاوى المقدمة للقضاء ولمفوضية الانتخابات، وربما كان واضحا الى حد كبير أن مساعي ومحاولات التمديد لن تفلح، لأن هناك جو عام رافض - حتى من بين الكتل البرلمانية واعضاء غير قليلين - لاختلاق بدعة جديدة أخرى يتم من خلالها الالتفاف على الدستور أو القفز عليه.
ولعل بيان رئاسة الجمهورية الموجه لأعضاء البرلمان وهيئة الرئاسة، قد قطع الطريق على أية محاولات أخرى من أجل التمديد. حيث وجهت شكرها وتقديرها لاعضاء مجلس النواب العراقي وهيئة الرئاسة بمناسبة انتهاء الدورة البرلمانية الثالثة.
وخاطب الرئيس العراقي فؤاد معصوم في بيانه، مجلس النواب، قائلا "بمناسبة انتهاء الدورة الثالثة لمجلس النواب، السبت 30/6/2018، تعرب رئاسة الجمهورية عن أصدق مشاعر الشكر والتقدير لكافة أعضاء مجلس النواب ولهيئته الرئاسية على كل ما بذلوه من جهود مضنية وما قدموه من خدمات من اجل خدمة شعبهم ووطنهم خلال السنوات الاربع المنصرمة".
وحث معصوم في بيانه، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على بذل قصارى جهودها لإكمال اجراءاتها القانونية الضامنة للاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، ودعا القوى السياسية والمواطنين الى التزام أقصى درجات اليقظة والتحلي بأعلى درجات المسؤولية لتجنيب البلاد أي مشاكل أو أزمات قد تضر بالمصالح الوطنية العليا خلال هذه الفترة وحتى الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات وتصديق المحكمة الاتحادية عليها، تمهيداً لمباشرة مجلس النواب بدورته الرابعة المقبلة صلاحياته ومهامه الدستورية.
وطالبت رئاسة الجمورية، الكتل السياسية القبول بنتائج الفرز والعد اليدوي المقرر من المحكمة الاتحادية، مؤكدة وجوب التزام كافة الكتل السياسية بالتوقيتات الدستورية الخاصة بإنعقاد الجلسة البرلمانية الاولى الكفيلة بإنتخاب رئاسة مجلس النواب، فإنتخاب رئيس الجمهورية، ثم تكليف مرشح الكتلة الاكبر لتشكيل الحكومة خلال الفترة التي يقرها الدستور.
وعبرت رئاسة الجمهورية عن دعمها لقرارات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومجلس المفوضين القضاة وإجراءاتهم لإعلان النتائج النهائية للانتخابات، في ذات الوقت الذي دعت فيه الكتل الرئيسية الى اجتماع يعقد خلال الأيام القادمة لمناقشة متطلبات المرحلة المقبلة وبحث سبل تطوير ادارة الدولة ومؤسساتها واحترام إرادة الشعب في حماية أسس وأصول النظام الديمقراطي الاتحادي.
يبلغ عمر مجلس النواب العراقي، لكل دورة، أربع سنوات تقويمية، تبدأ من الجلسة الاولى بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات.
جرت منذ عام 2003، ثلاث دورات انتخابية لمجلس النواب، في الأعوام 2005 و 2010 و2014، اضافة الى انتخابات الجمعية الوطنية في مطلع عام 2005، والاستفتاء على مشروع الدستور الدائم في الخامس عشر من شهر تشرين الاول-اكتوبر من نفس العام، الى جانب انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في الاعوام 2005 و2009 و2013. وبغياب البرلمان، تكون الحكومة العراقية الحالية قد تحولت الى حكومة تصريف أعمال، أو ما يصطلح عليه "حكومة لتصريف الامور اليومية".
يشير خبراء في القانون الدستوري الى انه في صباح يوم1 / 7 / 2018 يكون العراق بدون مجلس نواب، والذي انتهى عمره الدستوري بانتهاء السنوات التقويمية الاربع المحددة في المادة 56 من الدستور العراقي، وبانتهاء المدى الزمني لعمر الدورة البرلمانية الثالثة، نكون قد تحولنا الى توصيف دستوري جديد للحكومة.
يؤكد هؤلاء الخبراء، انه بحسب الدستور العراقي النافذ، عرفت حكومة تصريف الاعمال، بتعاريف عديدة، ولعل من أهم تلك التعاريف التي تقال (هي السلطة المناط بها تأمين استمرارية وديمومة الحياة الوطنية من تأريخ استقالة أو اقالة الحكومة أو انتهاء اعمالها وتاريخ تأليف الحكومة الجديدة). أو يقال انها (هي الحكومة التي لم تعد تتمتع بثقة البرلمان)".
يوضح الخبراء بأنه "ورد في الدستور مصطلح (تصريف الأمور اليومية) في نص المادتين ( 61/ثامناً و 64 / ثانياً )، وهذا المصطلح ورد بدلاً من مصطلح تصريف الاعمال، ومصطلح تصريف الامور اليومية-بحسب رؤيتهم-اكثر تقييداً وتحجيماً لاعمال الحكومات من مصطلح تصريف الاعمال"، حيث ان المصطلح الاخير "عموما ومن الناحية الدستورية يكون أكثر حضوراً عند تقديم الحكومات استقالتها، أو عند سحب الثقة عنها من قبل السلطة التشريعية في البلد، أو عندما تنتهي الدورة التشريعية، بأعتبار ان هنالك مدد من الزمن قد تطول أو تقصر حتى تشكيل الحكومة الجديدة، وان الحكومة الموجودة هي حكومة مؤقتة منتهية ولايتها بانتظار تسليم مقاليد السلطة للحكومة التي تليها، وبأعتبار ان ارادة مجلس النواب او السلطة التشريعية هي بتغير هذه الحكومة في حال اقالتها و قبول استقالتها، أو ان الدستور أو القانون بأجرائه وتحديده للانتخابات قد حدد عمر الحكومة بوقت اجراء الانتخابات ، لذلك في تلك المدة تستمر تلك الحكومات بأداء أعمال محددة اصطلح على تسميتها (تصريف الأعمال)أو تصريف الامور اليومية كما نص عليه في الدستور العراقي.