ارشيف من :آراء وتحليلات
مرضى نفسيون .. ولكن !
"شو انت مريض مجنون لتروح عند حكيم نفسي؟!" لو سألت نفسك كم مرة سمعت بهذه العبارة تقال لأحد من معارفك، او حتى لك مراراً، ستدرك جلياً كم ما زلنا نحتاج من الوقت لنثبت ان الازمة نفسية لا تختلف كثيراً عن "إنفلونزا" او اي عارض صحي آخر.
واقع الامر ان لكل منّا مشاكل نفسية، إما أن تكبر هذه المشاكل مع الفرد نتيجة خطأ تربوي من الاهل او المدرسة او المحيط الاجتماعي، وإما اثر طارئ لم يكن في الحسبان. لكن المفارقة تكمن في أفراد يتمكنون من الخروج من مشاكلهم بالارادة الذاتية، وأشخاص آخرين تلازمهم المشاكل حتى تصبح أزمات معقدة.
الأمر بكل بساطة، ان المشاكل النفسية ليست سوى وعكات صحية، لكنها إن لم تعالج بطريقة صحيحة لا يلتئم جرحها. فلماذا لا نزور طبيباً او مستشاراً نفسياً بشكل دوري؟ لأننا نخشى ان يقال عنا مرضى بالجنون او مرضى نفسيون !! المفارقة ان كل ما نسمعه من أفكار نمطية من المحيط لا يفيد أحدا منا اذا تأزم وضعه واتجه خطأً نحو الانتحار. فمن الآن وصاعداً لو سمعت ان أحداً من أقاربك انتحر، راجع نفسك لعلك كنت يوماً شريكاً في دفعه لسفك دمه من خلال أفكارك النمطية الخاطئة.
سبب آخر يحول بين المرضى والعلاج، وهو التكلفة. فأغلب المعالجين او الاطباء النفسيين* يتقاضون ما لا يقل عن 30$ على الجلسة الواحدة، بل يصل السعر في أحد المستشفيات المرموقة في بيروت الى 200$! المؤسف في العلاج ليس كلفة الجلسة فحسب، بل ان بعض الاطباء يحتالون على مرضاهم بطلب 4 جلسات شهرياً، ويقسم العلاج بدل 10 جلسات الى 40 جلسة .. بغية الربح المادي بعيداً عن مصلحة المريض!
الحلّ ..
عندما نسأل عن الحل لهذه المشكلة، نسأل عن ما قدمته الدولة. واقعاً غابت الدولة عن كل هذا الملف وتصدت له منذ فترة وجيزة. فقامت بإصدار قانون يضبط قانون مزاولة الطب النفسي، ويحدد من يحق له مزاولة هذه المهنة، والتصدي لعلاج المرضى وذلك بعد الاطلاع على الشهادة الجامعية وفترة التدرب والتدرج التي خضع لها في مراكز تحددها الجامعات.
اما عن خفض كلفة العلاج، فيتوقع المعنيون بالملف انه خلال الفترة المقبلة سيرتفع عدد المعالجين النفسيين بعد الميل الدراسي خلال الاعوام الماضية، وبالتالي سيكثر سوق "المضاربات" (التي لا يفترض أن تكون موجودة في مهنة الطب الانسانية) وتنخفض الاسعار!
الهيئة الصحية الاسلامية
الهيئة الصحية الاسلامية رفضت بدورها واقع الحال الذي يمر به المرضى وقررت كعادتها الوقوف الى جانبهم، فتحت مراكزها وعياداتها لاستقبالهم، بمعاينة نخبة من الأطباء الحائزين على اذونات مزاولة المهنة، وبأسعار شبه مجانية.
* تجدر الاشارة الى ان المعالج النفسي يختلف عن الطبيب النفسي وعن الموجه النفسي. فالموجه طالب لم يحصل على التدرب الكافي، وهو معنيّ فقط بإعطاء التوجيهات العامة والنصائح، اما المعالج فهو طالب مجاز ويحمل أكثر من 750 ساعة تدريب، تخوله استلام حالة ومعاينتها ومعالجتها، و الطبيب هو طبيب درس الطب ثم تلقى علوماً في علم النفس، فهو يحق له فقط وصف دواء غالباً ما يعنى بحل مشاكل دماغية مثل النسيان والذاكرة والوهم وما شابه.