ارشيف من :مقالات
صراعاتٌ داخلية في ’قسد’ بالرقة.. و احتمالاتٌ لتفككها
تعيش مدينة الرقة شمال سوريا توترات متصاعدة، مكونات قوات سوريا الديموقراطية التي تسيطر على المدينة تتصارع فيما بينها و تتزايد خلافاتها بشكل ملحوظ خلال الآونة الأخيرة، الأمر الذي يوحي بانتقال سيناريو الاقتتال الحاصل في ادلب إلى الرقة، إذ أطلقت الوحدات الكردية يوم أمس الثلاثاء صراح قائد ميليشيا ما يسمى بثوار الرقة الذي اعتقلته قبل أيام؛ بعد أن سلمت هذه الميليشيا كامل أسلحتها للوحدات الكردية، بالإضافة إلى اعتقال قوات الأسايش التابعة لها عدداً كبيراً من عناصر النخبة التابعين لتيار الغد المعارض الذي يقوده الرئيس الأسبق للائتلاف المعارض أحمد الجربا بعد اتهامه بتخطيط عمليات اغتيال لقيادات الوحدات الكردية.
خلاف الوحدات و لواء ثوار الرقة الذي يعد جزءاً من قسد بدء منذ حوالي شهر و نصف، بعد توجيه قوات الأسايش التابعة للوحدات تهماً بسرقة ممتلكات المدنيين له، بحسب ما أكده مصدر أهلي من السكان العائدين لمدينة الرقة لموقع "العهد" الإخباري، و تطورت الأمور بحسب حديث المصدر ذاته إلى اشتباكات بين الطرفين ما أدى لفرض حالة حظر تجوال من قبل الأسايش على المدينة انتهت يوم الأربعاء الماضي باعتقال المدعو أبو عيسى قائد لواء ثوار الرقة مع عدد من عناصره، ليتم إطلاق سراحهم يوم أمس الثلاثاء بعد أن قامت الميليشيا التابعة له بتسليم كافة أسلحتها رغم نداءها لقوات التحالف الدولي بما أسمته إنهاء العدوان عليها من قبل قوات الأسايش، ما يعني أن ثوار الرقة قد حلّت نفسها بسبب حصار الأسايش لمقراتها و اعتقالها لقائدها.
المصدر الأهلي ذاته أكد لموقع "العهد" الإخباري أنّ " عدة مسيرات مؤيدة للدولة السورية قد خرجت خلال أيام الأسبوع الماضي من المدنيين العائدين لمدينة الرقة يطالبون بخروج قسد منها خصوصاً بعد الاشتباكات التي حدثت بينها و بين ميليشيا ثوار الرقة مع الإشارة إلى عدم ربط هذه المظاهرات كلياً بمشهد التوتر الأمني الحاصل فمطالبة اهل الرقة بخروج قسد قد بدأت منذ عودتهم إليها إلا أنّ ما حصل قد زاد وتيرة المطالبة هذه".
و أضاف أنّ "المشهد الحاصل في الرقة الآن يعبر عن تصفية حسابات ميدانية و سياسية بين مختلف القوات المتواجدة حالياً، إذ تتحرك الفصائل الكردية باتجاه قوات النخبة التابعة لأحمد الجربا و لواء ثوار الرقة المشكلَيْن من أبناء العشائر العربية و قد يطال الأمر بعض الميليشيات الصغيرة الأخرى المكوّنة من العرب، بمعنى أن تبقى قسد بعمودها الأساسي فقط و هو الوحدات الكردية بحيث لا تشكل هذه الميليشيات أي خطر مستقبلي على الفصائل الكردية".
مصدرٌ سياسي سوري متابع لمجريات الأحداث في الشمال تحدث لموقع "العهد" عن تداعيات هذه التطورات الأخيرة في الرقة و قال أنّ " هذا المشهد الاقتتالي بين قسد و الفصائل و الميليشيات الأخرى قد يوحي بقرب تفكك قوات سوريا الدموقراطية، بحيث لا تكون مجرد صراعات عابرة، و مع ذلك قد يكون الخيار الأخير وارداً جداً فمن المبالغة أيضاً الحديث الآن عن بداية تفكك قسد لكن الخيار الأول يعتمد على نظرة سريعة إلى البنية الإيديولوجية لقوات سوريا الديموقراطية، فهي مؤلفة من مجموعة مكونات غير متجانسة و غير متفقة على إيديولوجية واحدة لأنها تضم ميليشيات ذات ميلٍ إخواني كمجلس دير الزور العسكري و ميليشيات محسوبة على ما يسمى بالجيش الحر كقوات أحمد الجربا و لواء ثوار الرقة رغم الغالبية الكردية، إضافة إلى انضمام أعداد غير قليلة من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي السوريين إليها عبر الاتفاقات التي حصلت بين قسد و داعش في ريف دير الزور الشمالي الشرقي و منطقة الحقول النفطية على وجه الخصوص، الأمر الذي يعني أن الصراعات الحاصلة الآن ستكبر بين الميليشيات الميّالة للإخوان المسلمين ضد الوحدات الكردية، و مع أنه لا يمكن الحديث بمعنى التأكيد عن بداية تفكك قسد لكن ما يحدث الآن يوحي بذلك على المدى البعيد، فلواء ثوار الرقة قل حُلّ و قوات النخبة التابعة لأحمد الجربا ترفض أن تُعتَبر من قسد و تريد إظهار نفسها كطرف مستقل يعمل في الشرق السوري و الجزيرة بتنسيق مع التحالف الدولي".