ارشيف من :تحقيقات

سوق حمص الأثري ينبض بالحياة.. وينتظر زواره اللبنانيين

سوق حمص الأثري ينبض بالحياة.. وينتظر زواره اللبنانيين

ألف وخمسمائة عام من الحضارة هي عمر السوق الأثري المقبي في حمص، محلات عريقة ألقم الإرهابيون أوابدها التاريخية بنيران حقدهم، فأتوا بساعات، على تراث امتد إلى قرون طويلة خلت، ليتوقف قلب حمص الإقتصادي النابض بالحياة قبل أن تستشعر الأمم المتحدة الخطر فتسرع لملاقاة الحكومة السورية في خطواتها المدروسة لإعادة ترميم هذه السوق وفق طابعه التاريخي المعروف وليعود السوق شيئا فشيئا لإستقطاب زبائنه الذين شكل اللبنانيون وعلى مدى سنوات طويلة جزءا وازنا منهم.

ألف وخمسمائة عام تحت ظلال الأقبية

يعتبر السوق المقبي أحد أهم معالم حمص التاريخية حيث يضم العديد من الأسواق الصغيرة. أخذ اسمه من كون العديد من أجزائه مسقوفة أو مغطاة، وكان سور حمص الأثري يحيط بهذا السوق. عصور كثيرة مرت على هذا السوق من العصر الأيوبي إلى المملوكي وغيره ازدادت معها أهميته الكبيرة وزاد كذلك عدد زبائنه الذين قصدوه من داخل سوريا وخارجها كمشترين وسائحين. يضم السوق حوالي 600 متجر متوزعة على العطارين والنحاسين وأصحاب محلات الحرير والصاغة.  

سوق حمص الأثري ينبض بالحياة.. وينتظر زواره اللبنانيين

يمتد سوق حمص الأثري على مساحة تقدر بأربعين ألف متر مربع. من دخل إليه قبل الأزمة يعتقد أنه قد أقفل عليه باب التاريخ، فكل شيئ هنا يدل على العراقة، أما التطور قيقتصر على البضائع دون أدوات إنتاجها في تماه عظيم مع الجودة. لم يحترم الإرهابيون فكرة أن هذا السوق كان مصدر كسوتهم وغذائهم اليومي فوجدوا في أوابدها التاريخية قلاعا محصنة حاولوا الإحتماء بها من تقدم الجيش السوري، لكن التاريخ ينصف من أنصفه فعاد السوق لأصحابه وإن كان بهيئة مدمرة على نحو شبه كامل قبل ان تقرر الحكومة السورية منتصف العام 2014 العمل على ترميم المحلات لإعادتها إلى أصحابها على وجه السرعة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
 
خطة متكاملة

مدير مشروع ترميم السواق الأثرية بحمص القديمة المهندس بهاء خزام كشف لموقع "العهد" الإخباري أنه تم إزالة ثمانون ألف متر مكعب من الأنقاض وإعداد الدراسات اللازمة لترميم كل هذه المحلات عبر تركيب أسقف معدنية جديدة وأبواب سحاب ولافتات للتعريف بالمحلات مع مراعاة الطابع التاريخي لهذا السوق الذي طالما كان عصب الحياة الإقتصادية لأهالي حمص وأريافها.
 

سوق حمص الأثري ينبض بالحياة.. وينتظر زواره اللبنانيين


خزام أكد أنه تم إنجاز العمل بشكل نهائي يحتاج إلى عدة مراحل تسير وفق المخطط الزمني المعتمد مع الأمم المتحدة وأنه تم تسليم العديد من المحلات لأصحابها مع ملاحظة قيام المواطنين بزيارة السوق بدافع الفضول أولا والشراء لاحقا وهذا ما يتم على نحو متزايد.

سوق حمص الأثري ينبض بالحياة.. وينتظر زواره اللبنانيين

مدير مكتب برنامج الأمم المتحدة في حمص طارق سفر أوضح لموقع "العهد" أن "الأمم المتحدة لا يمكنها أن تعتبر أن احراق سوق تاريخي عريق هو شأن سوري بحت فهذا تراث عالمي يجب على العالم جميعه أن يعنى به" خصوصا وأن الحكومة السورية تسعى بجد إلى إعادة تأهيله وتسليمه على وجه السرعة لأصحابه مستفيدة مما يمكن ان نقدمه في هذا الإطار".

اللبنانيون مروا من هنا

أبو حمدي صاحب محل صاغة في السوق الأثري القديم أكد لموقع "العهد" الإخباري أن محله عاد أجمل مما كان عليه وأنه سعيد بحركة الزبائن التي بدأت تعود إلى سابق عهدها، سواء على مستوى محلات الجملة أو نصف الجملة أو المفرق. يحن أبو حمدي لليوم الذين كانت الزبائن تقصده من لبنان لشراء المصاغ الذهبية والفضية التي يشتهر بها السوق "بضاعتنا كانت مرغوبة جدا لأنها تراثية وأسعارها معقولة بحكم أنها تنتقل دون سمسرة من الحرفي البسيط إلى المستهلك وهذا أمر وإن كان يقلل من نسب الربح لكنه يزيد من نسب الشراء، آمل أن يعود اللبنانيون مجددا إلى زيارتنا فنحن نتبارك بقدومهم".

سوق حمص الأثري ينبض بالحياة.. وينتظر زواره اللبنانيين

أبو شادي صاحب محل قطنيات سره التواصل مع زبائنه القدامى "ما تقوم به الحكومة من إنعاش للوسط التجاري في حمص خطوة ذكية في إطار إضفاء الإستقرار على المدينة، فاستقرار الناس يأتي من تدعيم أمنهم الإقتصادي، التجار يثقون بالحكومة وهي من سرعت في وصولهم إلى هذه الثقة عبر الإعادة السريعة للعمل في هذه السوق الذي يعتبر شريان الحياة الإقتصادية لحمص وللمنطقة الوسطى في العموم والأهم من ذلك كله كما يقول التجار أن هذه السوق بحكم كونها شاملة وتحتكم على كل أنواع البضائع ستقود الناس في حمص وريفها وبحكم العادات الشرائية إلى التواصل مجددا فيما بينهم وتجاوز كل رواسب الماضي، فلغة المساومة التجارية كما يقولون هي شكل من أشكال الحوار المجدي الذي يمتن العلاقات الإجتماعية ويدفع الكثيرين للإعتقاد بأن لا شيئ كان يستحق هذا الضريبة الكبيرة من الدماء التي دفعتها حمص فمن فرقتهم السياسة يوماً يجتمعون اليوم تحت قباء سوق.

2018-07-06