تقع مدينة شنقيط الأثرية في أقصى الشمال الموريتاني في عمق تلك الصحراء الشاسعة حيث تعد من أقدم المدن الموريتانية التي لا تزال آهلة بالسكان منذ نشأتها عام 660 للهجري الموافق 1262م رغم أن بعض المؤرخين يرجع إنشاء مدينتها القديمة التي تعرف "بآبير" الى القرن الـ 160 للهجري الموافق 777 م والتي اندرست.

رغم وعورة الطبيعة وقساوة العيش فان ذلك لم يمنع الموريتانيين القدامى من إنشاء أول مظاهر التحضر والاستقرار في هذه المدينة، حيث شيدوا فيها مباني معمارية وبنو مساجد ومحاظر وانشأوا أسواق ودور للقضاء والافتاء، لكن أغلب تلك المباني تحول اليوم الى أطلال الا أن الشواهد لا تزال تدل على آثار تلك المدينة وما كانت عليه من ازدهار وعمران.

يجمع المؤرخون والمستكشفون والرحالة البرتغاليون على ما كانت تتميز به شنقيط من حيوية ومن نشاط تجاري وثقافي وقد كتب عنها مؤرخون في مقدمتهم عبد الرحمن السعدي. وقد وصفها بانها محطة للقوافل التجارية من غرب افريقيا الى شمالها كما كانت ملتقى للحجيج ايضا.

لقد كسبت هذه المدينة شهرة كبيرة في المشرق العربي وبلاد الشام حتى أطلق أهل المشرق على علمائها لقب أهل شنقيط لما لقوا عندهم من علم غزير ومن حفظ ونبوغ وتميز.

وظلت شنقيط تحافظ على هذه المكانة حتى بدايات القرن 19 ميلادي حيث بدأ اشعاعها يتراجع.

تتوفر في المدينة اليوم خزانة كبيرة من الكتب في شتى فنون المعرفة وخاصة علوم القرآن والحديث والتصوف وعلم الفلك والرياضيات والهندسة والنحو وعلوم اللغة العربية والتاريخ ومن ضمن تلك الكتب مخطوطات يعتبرها الأهالي جزءا من تراثهم لذلك يحافظون عليها بطرق بدائية.

من يزور مدينة شنقيط يصاب بالرهبة لجمال مسجدها العتيق ولروعة فنه المعماري البديع، وقد كانت في أوج ازدهارها تضم 30 مسجدا.
تدرج اليونسكو شنقيط على أنها من أهم مواقع التراث الإنساني. وقد أقامت فيها الحكومة الموريتانية عدة مهرجانات ثقافية دولية لتثمين تراثها.