ارشيف من :أخبار العدو
تحرير الجنوب السوري: سقوط صفقة ’تل أبيب’ – الرياض
تتجاوز الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري، في منطقة درعا، في أبعادها ونتائجها الحيز الجغرافي لتلك المنطقة. ومع أن اقتلاع سيطرة الجماعات الارهابية عن منطقة الجنوب السوري، يشكل امتداداً طبيعياً لسلسلة الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في باقي المناطق السورية. إلا أن خصوصيتها تنبع من أبعادها الأمنية المتصلة بالكيان الإسرائيلي، والحدود الاردنية، التي تتصل في النهاية ايضا، بالعمق الاستراتيجي للعدو الاسرائيلي. وايضا، لجهة أن الجنوب السوري، كان على الدوام مصدر رهانات لتغيير مسار المعارك في سوريا، وبوابة التغيير المؤملة في "تل ابيب" والرياض. ومن زاوية أخرى، شكل الجنوب السوري ساحة التنسيق والتكامل السعودي الإسرائيلي المباشر على الساحة السورية.
الأبعاد المتعددة للجنوب السوري، جغرافيا وسياسيا، أدت إلى تعدد مفاعيل ونتائج بدء عملية تحريره من سيطرة الجماعات الارهابية. على المستوى السياسي، كشفت صحيفة "معاريف" عن أن عودة سيطرة الدولة السورية إلى الجنوب، يعني "انهيار خداع "التحالف الإقليمي" أي الصفقة مع السعوديين: انتم تلعبونها أيها الأصدقاء (تضغطون على الفلسطينيين مثلا) وتمولون المتمردين (السوريين) ونحن نقاتل الأسد والإيرانيين، كما تم الحديث عن مهاجمة ايران أيضا". وأضافت الصحيفة ايضا أنه "خلال السبع السنوات دعمت دولة "إسرائيل" المتمردين المدعومين من السعودية، والمصلحة الإسرائيلية السعودية المشتركة هي ضرب ايران. وكانت المصلحة الإسرائيلية هي ان انتصار أصدقائنا الجدد المتمردين، سيمنح هضبة الجولان الشرعية الدولية". وقارنت الصحيفة بين ما أسمته "خطة سخيفة" - الصفقة السعودية الإسرائيلية في دعم الجماعات الارهابية - وبين "التعاون السخيف لحكومة بيغن - شارون مع المسيحيين في لبنان (خلال ثمانينات القرن الماضي). هاجس بيغن كان منظمة التحرير الفلسطينية وهاجس نتنياهو ايران".
يبدو أن السخافة بحسب تعبير الصحيفة، نبعت من مخاوف تسود في "تل أبيب" بأن تشبه نتائج الحرب السورية، نتائج الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982. وينبع وجه المقارنة من جهتين، الأولى فشل الرهانات في كلا المرحتلين. والثانية تعاظم التهديد على الكيان الاسرائيلي، بفعل تأسيس وتطور حزب الله الذي بات يشكل سداً منيعاً أمام الأطماع الإسرائيلية في لبنان والمنطقة. والآن بات يتخوف الكيان الاسرائيلي من استعادة الدولة السورية سيطرتها وتطوير قدراتها الصاروخية بما يؤدي إلى انتاج قوس شمالي مدعوم بالصواريخ الدقيقة، يشكل طوقا خانقا حول عنق الكيان.
في البعد الأمني أيضا، يكرر الكيان الاسرائيلي تحذيراته من تمركز حزب الله، والحرس الثوري في تلك المنطقة. ولهذه الغاية توسط لدى موسكو من أجل التوصل إلى صيغة مقايضة تنص على "قبوله" عودة سيطرة الجيش السوري على المنطقة المتاخمة للجولان، مقابل عدم تواجد حلفاء سوريا في محور المقاومة. لكن الرئيس الأسد أجهض هذه المساومة في مهدها، التي تُلزم سوريا بتفاهم يفرض عليها قيودا تمس سيادتها على أراضيها.
أما بخصوص إعلان نتنياهو موافقته على اتفاق فصل القوات باعتباره المنظم للوضع في منطقة الجولان، فهو التعبير الصارخ على اقراره بفشل رهاناته وهزيمة خياراته. فقد أتى موقف رئيس وزراء العدو، بعد فشل الرهان على الجماعات المسلحة، وفي هذا الاطار يكشف المعلق الامني في "معاريف"، ران اديليست، أنه قصد قبل سنة مكتب رئيس هيئة الاركان السابق موشيه يعلون في مكتبه في معهد ابحاث الأمن القومي، (بعدما أصبح باحثاً في المعهد) وسأله عما ستفعله "إسرائيل" في حال عادت قوات الجيش العربي السوري إلى منطقة الجولان، فأجابه علينا أن نعطي المتمردين الفرصة.. وهو ما أثار استياءه وغضبه.
في ضوء ذلك، من الواضح أن موقف نتنياهو، المؤيد لاتفاق فصل القوات، لم يكن ابتدائيا، وانما بعدما وجد الكيان الاسرائيلي نفسه أمام خيارات محدَّدة. قد يكون أقلها اشكالية، هو الاعلان عن تبني هذا الاتفاق الذي تم التوصل اليه في العام 1974، باعتباره يحول دون التورط في مواجهة واسعة، في حال تبنى الكيان خيارات بديلة عنه.
وهكذا تتجلى بشكل عملي، الهزيمة الإسرائيلية في الساحة السورية، بالتزامن مع بداية مرحلة جديدة من الصراع، من أبرز مميزاتها، أن الأصيل بات مضطراً للتدخل العسكري المباشر بهدف احتواء مفاعيل وتداعيات فشل الوكلاء - الجماعات الارهابية - في تأدية المهام التي كانت ملقاة على عاتقهم.