ارشيف من :أخبار لبنانية
ولادة الحكومة متعثرة.. ومزيد من الشرخ بين ’التيار’ و’القوات’
رغم الاوضاع الاقتصادية الصعبة والمخاطر المحدقة بالبلد على اكثر من صعيد، لا زالت التشكيلة الحكومة في الأدراج.
وفي وقت عاد فيه الرئيس نبيه بري من سفره، حذر من تفاقم الاوضاع الى الاسوأ ملوحا بالدعوة الى جلسة قريبة لانتخاب اللجان النيابية.
على صعيد آخر، يبدو ان الشرخ يزداد بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" ما دفع البطريرك الماروني بشارة الراعي الى التدخل شخصيا.
"البناء": الأزمة الاقتصادية لا تحرّك المسار الحكومي
رغم عودة الحريري من إجازة خاصة الى إيطاليا، لم تُسجّل حركة اللقاءات والاتصالات في السراي الحكومي وبيت الوسط يوم أمس، أي جديد على صعيد التأليف، بانتظار أن يبدأ الحريري اليوم خطة تحرّك على اتجاهات عدة في محاولة جدية لإحداث ثغرة في جدار المواقف الصلبة، وبحسب ما علمت «البناء» فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال سيزور خلال الساعات المقبلة رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، للتشاور معه في العقد التي لا تزال تعترض ولادة الحكومة على أن يزور بعدها قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية وقد يعرض عليه تعديلات على المسودة الحكومية الأخيرة. ونقلت أوساط الحريري عنه لـ»البناء» قلقه من تداعيات التصعيد القواتي العوني على التأليف، واستغرابه عودة الاشتباك بعدما بذل جهوداً على صعيد تهدئة الأمور مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس القوات سمير جعجع بهدف تهيئة الأرضية للإسراع في التشكيل»، مؤكدة أن الحريري «مستمر بمساعيه ومهمته حتى بلوغ الهدف وعلى تواصل مع باسيل وجعجع وكل الأطراف. أما الكلام في هذا عن اعتكاف أو استقالة غير وارد وسابق لأوانه»، لكن مصادر «البناء» تؤكد الفتور هو سيّد الموقف في العلاقة بين الحريري وباسيل.
وبحسب مصادر «البناء» فإن العقدة الرئيسية أمام التأليف هي الخلاف بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وجعجع من جهة وبين باسيل والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية على توزيع الحصص والحقائب، موضحة بأن «انهيار تفاهم معراب الذي كشف عن تقاسم الوزارات والمواقع بينهما وتمسّك الطرفين بموقفهما لن يولد حكومة».
وقال الحريري خلال رعايته في السراي احتفال اطلاق النسخة الثانية من «صيف الابتكار»: «متفائلٌ دائماً ولكن لا تعليق». وأشار رداً على سؤال عن تسريب «تفاهم معراب»، «يتشاجر الاخوة دائماً ومن ثم يتصالحون».
في وقت ينقل مقربون من الحريري انحيازه الى مطالب القوات الحكومية، برز موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق المنسجم مع المطلب القواتي فغمز المشنوق من قناة «الوزير جبران باسيل» بقوله: «بعض الناس وصل البخار الى رأسهم والمرحلة تتطلّب الكثير من التواضع والكثير من التفاهم». ودعا من دار الفتوى الى عدم الدخول في جدلٍ رقمي بشأن موضوع الحكومة و»كأنّها تتألّف على الآلة الحاسبة بينما هي مسألة سياسيّة».
وإذ لفتت المصادر الى أن «العقدة السنية ليست أساسية، فيمكن أن تجد طريقها الى الحل لاحقاً إن حُلّت العقدتان المسيحية والدرزية». أشارت مصادر في اللقاء التشاوري السني لـ»البناء» أنه كيف يريد المعنيون بالتأليف توزير النائب طلال أرسلان وتجاهل ثلث النواب السنة؟ ورأى النائب عبد الرحيم مراد أنه لا يجوز أن يحتكر الحريري او المستقبل، التمثيل السني في مجلس الوزراء ، ودعا في حديث تلفزيوني، رئيس الحكومة المكلف الى ان يبادر ويدعو النواب السنة من خارج كتلة المستقبل الى لقاء للوقوف عند رأيهم في تشكيل الحكومة ، منتقداً قيامه بـ»المبادرة تجاه جميع الأفر قاء، ما عدا النواب السنة».
برّي: سنطالب بحجمنا الحقيقي
وبعد أن لوّح بإمكان توجيه دعوة الى جلسة عامة للمجلس النيابي لمناقشة الوضع العام في البلاد ومن ضمنها أسباب عرقلة تشكيل الحكومة، نقل زوار الرئيس بري عنه لـ «البناء» امتعاضه من تأخير تأليف الحكومة ومما آلت اليه الأوضاع وقلقه من الوضع الاقتصادي، ولفت الزوار الى أن «برّي سيتمنى على الحريري خلال لقائه به على اعتماد معايير موحّدة للتأليف واتخاذه قراراً حاسماً في هذا المجال واعتماد نتائج الانتخابات كمعيار أساسي»، مشيرين الى أن رئيس المجلس قدّم كافة التسهيلات للرئيس المكلّف لكن في حال استمرت الأطراف برفع سقوفها سأعمد وحزب الله الى المطالبة بتعديل معادلة الأحجام والمطالبة بحصص تناسب حجمنا الطبيعي».
وحذّر بري من أن تأخير ولادة الحكومة يؤثر على دور وأداء المجلس النيابي، لا سيّما أنه أرجأ جلسة انتخاب اللجان النيابية بانتظار الحكومة، لكنّه سيدعو الى جلسة قريبة لانتخاب اللجان التي تمثل المطبخ الحكومي لجهة دراسة وإعداد مشاريع واقتراحات القوانين ورفعها للهيئة العامة الى جانب جلسة أخرى لمناقشة الوضع العام».
"الأخبار": الحريري «وسيطاً» بين عون وجعجع... للاستثمار توقيته
رأت "الأخبار" ان سعد الحريري في وضع صعب ومُريح في الوقت ذاته. الخلاف بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية أصابه بشعور متناقض. من جهة، يستطيع استثمار هذا الخلاف لتصحيح مسار علاقته بالطرفين ورفع مسؤولية التعطيل عن كاهله، ومن جهة أخرى، يُمكن أن يتسبب هذا الخلاف في زيادة منسوب الضغط عليه، لا سيما من قبل رئيس الجمهورية
مع المنحى الدراماتيكي الذي أصاب العلاقة بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية وتحول العِناق بينهما إلى «خِناق»، يتبدّى لدى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري شعور متناقض. الأول، قلق من أن يؤدي تهاوي اتفاق معراب إلى زيادة الضغط عليه في مسألة التشكيل، وبالتالي يُجبره على المفاضلة بين بعبدا ومعراب، بكل ما يُحيط بهذه المفاضلة من اعتبارات داخلية وخارجية. الشعور الثاني، وهو على النقيض الأول، إيجابي، لاستشعاره حاجة الطرفين إليه، ومن ثمّ قدرته على فرض نوع من التوازن في علاقته مع التيار الوطني ورئيس الجمهورية من جهة، وتوظيف موقفه من تمثيل القوات في الحكومة لصالحه سعودياً من جهة أخرى.
المطّلعون على سير المفاوضات يتحدثون عن «عدم استياء الحريري من تأخّر ولادة الحكومة». هو «يعلَم أنها ستتشكّل عاجلاً أو آجلاً، وسيكون هو رئيسها»، لا بل إنه «مُستفيد من الواقع الراهن، كما هو». طرحت إشكالية استفادة الحريري من الخلاف بين العونيين والقواتيين، خصوصاً في ضوء ما أفرزته الانتخابات النيابية من نتائج. على مدى 18 شهراً من عمر التسوية الرئاسية، تراجعت شعبية الحريري نتيجة وقوعه بالكامل في أحضان ميشال عون وجبران باسيل. تدريجياً، كانت تتوسع مروحة الانتقادات الى حدّ اتهامه بالتنازل عن صلاحيات رئاسة الحكومة لصالح الرئاسة الأولى. نتيجة هذا الأمر، يُمكن القول إن الخلاف العوني ــــ القواتي يشكّل بالنسبة إلى الحريري فرصة متعدّدة الأوجه؛ أولاً، نقل العقدة الحكومية من ملعبه الى الملعب المسيحي. وهو ينجح، الى حدّ ما، في رفع المسؤولية عن كاهله بالقول إنه لا عقد داخلية تخصّه هو، ولا حتى خارجية من نوع القول إن السعودية ليست صاحبة مصلحة في التأليف الحكومي السريع. حتى إنه نقل إلى رئيس الجمهورية، بحسب مصادر مطّلعة، أن «لا عوائق خارجية تحول دون تشكيل الحكومة».
ثانياً، يستطيع الحريري أن يدخل من باب الخلاف بين العونيين والقواتيين لفرض توازن ما في طبيعة علاقته بالطرفين. فرئيس الحكومة المكلف يعلم بأن وقوفه الى جانب رئيس الجمهورية يعني وجود طرف مسيحي على يمينه (سمير جعجع) سيظل يعتمد سياسة المزايدة عليه. وفي الوقت ذاته، سيسمح الانحياز لعون بأن ينجح الأخير في محاصرته. وقد بيّنت تجربة عامين صحّة هذه الفرضية. انطلاقاً من هنا، يستفيد الحريري من هذا الخلاف للوقوف في الوسط. يكفي لعب دور الوسيط بين عون وسمير جعجع، للإيحاء بأن الطرفين يتحملان مسؤولية عرقلة ولادة الحكومة، وهو بوقوفه هذا، يضع نفسه على سكة استثمار هذا المعطى في مرحلة ما بعد ولادة الحكومة.
لن ينجرّ الحريري الى أي ضغط من نوع أن يطلب عون منه السير بحكومة من دون القوات اللبنانية، ولن يقدم على أيّ أمر من شأنه أن يشعر وليد جنبلاط بالاستقواء عليه أو حتى تشريع اللعب في بيته الداخلي. بالنسبة إليه، فإن وقوفه اليوم إلى جانب جعجع وجنبلاط، يساعده لاحقاً في أن يرسي هذا الثنائي نوعاً من التوازن داخل الحكومة، لا سيما في حال وقوع خلاف بينه وبين عون أو باسيل. وقد ذهب بعضهم أبعد من ذلك للإشارة إلى تعويل الحريري على جنبلاط وجعجع في حال تغيّر المُعطى الإقليمي، أو تراجع الفريق الآخر عن التسوية، أو مثلاً في مواجهة طرح من نوع إعادة التواصل رسمياً مع الدولة السورية!
أما الشقّ الآخر، فيتصل بالجانب السعودي تحديداً. وعلى خلاف ما يُحكى عن عدم تدخّل السعوديين في ملف الحكومة، فإن إشاراتهم واضحة لجهة «رفض أي استهداف للقوات». السؤال هو الآتي: من يضمن أن لا يدفع الخلاف مع القوات رئيس الجمهورية إلى زيادة الضغط على الحريري لتشكيل الحكومة، سواء بتمثيل القوات (بما يرضي باسيل ولا يرضي جعجع) أو من دونها؟ وهل يستطيع الحريري الذي أكد أمام باسيل أكثر من مرة أنه لا يريد الاشتباك مع عون، مهما كانت الأسباب، أن يتفادى «الاشتباك»؟ وماذا إذا قرر المواجهة أو المهادنة، وأيّ كلفة سيدفعها في الحالتين؟
"الجمهورية": بكركي تسعى لإحتواء إشتباك «التيار» و«القوات»
لوحِظ في الساعات الاربع والعشرين الماضية تحوّل في خطاب «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» في اتجاه التخفيف من الحِدّة التي شابَته في الايام الاخيرة، وعُلم في هذا المجال انّ الجهود نجحت في إعادة بناء خط «التواصل الجدي» بين «القوات» ـ «التيار» الذي سبق واتفقا عليه قبل سفر باسيل في إجازته، وبَث مقابلته التلفزيونية المسجّلة واندلاع المواجهة نتيجة مواقف باسيل خلال المقابلة. وبحسب مشاركين في هذه الجهود، فإنه لا يمكن الكلام منذ هذه اللحظة عن أيّ مُعطى حسّي. ولكن كل ما يمكن قوله انّ البلاد دخلت اعتباراً من هذا الاسبوع في تحرّك جديد، والايام المقبلة ستكون كفيلة بتظهير ما اذا كان هناك إمكانية لأن يحقّق الاختراق المطلوب ام انّ الامور ستبقى في مجال المراوحة.
وعلمت «الجمهورية» أنّ «البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يتولّى شخصياً مسألة معالجة التوتّر الحاصل بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ»، ويجري اتصالات رفيعة المستوى بقيادات الطرفين من أجل تبريد الأجواء والعودة الى لغة التفاهم».
وأشارت المعلومات الى أنه من غير المُستبعد أن يُقدم الراعي على جَمع الدكتور سمير جعجع والوزير جبران باسيل تحت سقف بكركي في وقت قريب، من أجل إعادة الأمور الى نصابها الصحيح وعدم تأجيج الصراع، لأنّ البطريرك الماروني لا يرضى أن تعود الساحة المسيحية الى مرحلة الصدامات.بكركي تسعى لإحتواء إشتباك «التيار» و«القوات»
وفي السياق، أكد النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح لـ«الجمهورية» أنّ بكركي تضع كل ثقلها لضبط الخلاف على الساحة المسيحية، ومعالجة ذيول الإشكال الأخير بين «القوات» و»التيار الوطني الحرّ». وشَدّد صيّاح على أنّ بكركي ترفض العودة الى مرحلة حرب الإلغاء بين الطرفين، والدخول في حروب سياسية تضرب المجتمع المسيحي والوطني، بل إنها تعمل على ترميم التفاهم وعدم الذهاب الى حرب الإخوة.
«التيار» لـ«الجمهورية»
وقالت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية»: «المصالحة نهائية ولا عودة الى الوراء، هذه مسألة ثابتة عندنا ولا جدل فيها، وهذه القناعة من رأس الهرم الى آخر ناشط في «التيار»، فلا يلعبنّ أحد بهذه الفكرة ولا يدخلنّ أحد «ويُخَيّط» فيها. المصالحة محمية من الشعب، محمية من المسيحيين، وأكدوا عليها منذ اللحظة الاولى لإعلان النيّات».
اضافت: «بعد إجراء الانتخابات تبيّن انه بالرغم من انّ «التيار» كان في جهة و«القوات» في جهة اخرى، كانت النتيجة واضحة بأنّ الاكثرية الكبرى من المسيحيين كانت معهما».
وتابعت: «هذا الاتفاق السياسي الذي اعتراه خَلل، يجب ان يخضع لتقييم. فالخلل نَتج احياناً عن سوء فهم لبعض بنوده، وفي مكان آخر اتخذت خيارات متناقضة برأينا كانت بعيدة برأي «التيار» عمّا تفاهمنا عليه. هذا كله يحتاج الى تقييم. كذلك يحتاج الى هدوء وحوار من اجل إعادة الامور الى نصابها. فإمّا ان نصل الى تطويره وإمّا الى تفسيره وإمّا الوصول الى «أمر جديد».
وقالت: «من هذا المنطلق، المطلوب حالياً وقف صَب الزيت على النار، الذي تقوم به شبكات التواصل الاجتماعي. وكذلك وقف الحملات الاعلامية، وعبور هذه المرحلة لأن تكون حافزاً لتثبيت المصالحة اكثر فأكثر، فربّ ضارّة نافعة، لأنه اذا لم نَمرّ بـ«خَضّات» بكل التفاهمات التي يعقدها اي طرف سياسي لا تُثبّت هذه الاتفاقات في النهاية او تُعَمّد».
واضافت: «اليوم، هذا امتحان كبير للمسيحيين ولـ«التيار» و«القوات»، يجب اجتيازه بكثير من الهدوء، حتى اذا كان هناك من خلاف فإعلان النيّات يقول أن نُدير خلافاتنا من دون ان نُلغي بعضنا، نستطيع ان نَحتكِم الى الديموقراطية والاصول والقواعد في ظل عدم وصولنا الى قواسم مشتركة، والاتفاق حول الحكومة في حال استمر هذا الوضع. واذا تمكنّا من الوصول الى قواسم مشتركة فإنّ ذلك يكون أفضل وأفضل.
في النهاية موضوع الحكومة يعود الى الرئيس المكلّف، الذي يتشاور مع رئيس الجمهورية ليؤلّفا الحكومة. رأينا ورأي «القوات» هو رأي في النهاية وليس قراراً. امّا القرار فيعود للرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية، وبالتالي علينا ان نعود لبناء الثقة بيننا وبمعزل عن هذا الخلاف».