ارشيف من :أخبار لبنانية

وزير الاقتصاد لـ’العهد’: اقتصادنا غير سليم..لتحييده عن المناكفات السياسية 

وزير الاقتصاد لـ’العهد’: اقتصادنا غير سليم..لتحييده عن المناكفات السياسية 

لا تكل ولا تمل القوى السياسية ومعها الغالبية العظمى من الشعب اللبناني من التذمر من الواقع الاقتصادي في لبنان. الجميع يشكو الحالة المزرية التي وصل اليها البلد. المشهد الاقتصادي على "كف عفريت"، كما يقولون. والأوضاع على شفير الهاوية، وستزداد سوءاً اذا ما تم تداركها، قبل فوات الأوان. ولعلّ "مشكلة المشكلات" تكمن في العقلية التي تُدار فيها العملية الاقتصادية. في الاقتصاد الريعي الذي لا يزال مسيطراً على دورة الاقتصاد منذ عقود، عاجزاً عن التحول الى اقتصاد منتج. وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال يتحدّث عن واقع الاقتصاد اللبناني، فيشير الى أنّه غير سليم، وسط تعدد الأسباب التي أوصلته الى الحالة المزرية التي نشهدها.

وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري، يعرض خوري رؤيته للحل، داعياً الجميع الى إبعاد الاقتصاد عن المناكفات السياسية، رأفةً بالحالة المعيشية، ووفاء للبنانيتنا. 

وهنا نص المقابلة: 

*كيف تقيّم الوضع الاقتصادي اليوم، وسط ارتفاع الأصوات المحذّرة من خطورة الحالة التي وصل اليها لبنان؟

جميعنا يعلم أنّ الوضع الاقتصادي غير سليم. الأسباب كثيرة، والمؤشرات كذلك. حركة الأسواق ضعيفة. النمو الاقتصادي لا يتعدى الـ2 بالمئة. وبطبيعة الحال، فإنّ هناك عوامل داخلية وخارجية ساهمت في تفاقم الأوضاع. خدمة الدين العام تبرز على رأس العوامل الداخلية. أما في العوامل الخارجية فتبرز قضية الحرب في سوريا، وأسعار النفط العالمية، وغيرها. نحن قادون اليوم على التغيير في شقين مهمين: 

أولاً: تنفيذ الإصلاحات التي تمكننا من الاستفادة من 11 مليار دولار، قيمة القروض المدعومة التي أقرت في مؤتمر "سيدر1"، عبر القيام بمشاريع لاصلاح البنى التحتية وإنعاش الاقتصاد. 

ثانياً: تنفيذ الخطة الاقتصادية التي أقرتها الحكومة الأولى في عهد الرئيس ميشال عون من بعبدا، والتي يتحوّل بموجبها الاقتصاد من ريعي الى منتج، بحيث تركز على القطاعات المنتجة التي تخلق نمواً مستداماً وفرص عمل طوال الوقت، وذلك يتطلّب اجراءات جذرية لنجاحها. الأمر يتعلق بنا فإما أن نساعد الاقتصاد وننعشه، وإما أن نزيده فوق عجزه عجزاً.

*ما الذي يضمن تطبيق هذه الخطة بعد عشرات الخطط التي أنجزت سابقاً وبقيت سجينة الأدراج؟

بداية، نستطيع القول أن الكثير من الخطط أنجزت، ولكنها المرة الأولى التي تُنجز فيها خطة اقتصادية بإمضاء الحكومة مجتمعةً. إنه انجاز نوعي. وفيما يتعلّق بالمقومات التي تتميز بها الخطة والتي تسهم في نجاحها، فنستطيع القول:

- الضمانة التي يشكلها رئيس الجمهورية ميشال عون في هذا الموضوع، وسط إصراره على ضرورة النهوض بالبلد اقتصادياً

-نوعية الخطة المحكمة، والتي شهدت جهوداً جبارة في البحث والدراسة

-إشراك كافة الأحزاب والكتل السياسية في الدراسات التي أجريت لأجل الخطة، ما يجعل من الصعب استخدام أي "فيتو" ضدها لاحقاً، وبشكل نستطيع معه القول أنها خطة كل لبنان

-الخطة ليست نظرية فقط، بل تحتوي على طرق واقعية لتطبيقها تتناسب مع امكانيات لبنان، وتراعي خصوصيته لناحية تنوع الأحزاب، وأساليب اتخاذ القرار وغيرها.

هذه أبرز المقومات التي تجعلنا نستبشر خيراً بالخطة العتيدة، اللهم الا اذا غابت الارادة السياسية لذلك.

*لا شك أن أزمة النازحين السوريين، أثرت بشكل كبير على الاقتصاد اللبناني. كيف تعلّق على هذا الموضوع؟

يجب أن يكون لدينا ضمير حي للبنانيتنا، واقتصادنا. مليون ونصف مليون نازح سوري في لبنان تركوا تداعيات اقتصادية كبيرة بعضها مباشر، والبعض الآخر غير مباشر. في المباشر، يبرز الضغط الكبير على شبكة الكهرباء. استهلاك البنى التحتية، والطرقات. المنافسة الكبيرة على اليد العاملة اللبنانية، والشركات التي يديرها سوريون لا يدفعون الضرائب، ما يؤدي الى خسارة الشركات اللبنانية التي لا تقدر على المنافسة. ناهيك عن القضاء والملفات الكبيرة العالقة لديه، إضافة الى اضطرار الدولة لزيادة عديد قوى الأمن والجيش لحماية البلد وحماية الأعداد الطارئة على أرضه. كلفة الوجود السوري حتى اليوم فاقت الـ15 مليار دولار. 

وفي التداعيات غير المباشرة، نستطيع الإشارة الى أعداد المستثمرين الذين لا يجرؤن على المغامرة بأموالهم في لبنان، جراء ازدياد سكانه، وسط المخاوف من مشاكل أمنية واجتماعية. صدقاً، لا نستطيع إحصاء عدد الاستثمارات التي خسرناها، والتي توازي قيمتها الأكلاف المباشرة. ما يتقاضاه النازحون من المساعدات الأممية لا يشكل 5 بالمئة من الأثمان التي يدفعها لبنان. 

*رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط استهزأ بالنظرية التي تشير الى أن الاقتصاد اللبناني قد ينهار نتيجة وجود السوريين. ما رأيكم؟

لم نفهم عليه أبداً. الأجدر بنا أن نبعد الاقتصاد عن المناكفات السياسية لأنها لا تفيد. 

*برأيك، الى أي مدى أثرت أزمة القروض السكنية على النمو الاقتصادي؟

طبعاً، المصرف المركزي كان يعطي قروضاً مدعومة، تبلغ قيمتها حوالى مليار ونصف المليار دولار كل عام. هذا المبلغ كان يساهم في زيادة النمو الاقتصادي حوالى 1 بالمئة سنوياً، ومن الطبيعي لدى خفض قيمة القروض المدعومة أن ينخفض النمو. فالقروض تخلق دورة اقتصادية كبيرة في البلد. ومن المفيد التذكير هنا، أن مهمة إعطاء القروض ليست من واجبات المصرف، بل من واجبات الحكومة. فالمصرف المركزي لا يستطيع تحمل  هذا العبء. من واجب الحكومة أن يكون لديها خطة متكاملة تشمل إدارة السياسات الاقتصادية، ومن ضمنها الاسكانية. في غياب الدولة، قام المصرف المركزي مشكوراً بهذه المهمة، اما الآن وفي ظل وجود الدولة عليها أن تتحمل مسؤولياتها. 

*كلمة أخيرة

نأمل خيراً. وعلينا إبعاد الاقتصاد عن المناكفات السياسية، لأن البلد لا يحتمل انهياراً وعجزاً أكثر، وإذا نجح الاقتصاد، فجميعنا سينجح.
 

2018-07-12