ارشيف من :مقالات

عودة التكفيريين التونسيين من سوريا.. أزمة جديدة في تونس؟

عودة التكفيريين التونسيين من سوريا.. أزمة جديدة في تونس؟

قيل الكثير عن العملية الإرهابية الأخيرة في تونس التي استهدفت عناصر الحرس الوطني التونسي على الحدود مع الجزائر وهي منطقة عادة ما يستغلها الإرهابيون لنصب الكمائن باعتبار التضاريس الوعرة و كثافة الكساء النباتي و كثرة الأحراش والغابات. وقد ربط البعض بينها وبين إقالة وزير الداخلية لطفي براهم الذي عرف عنه نجاحه في التصدي للإرهاب كوزير للداخلية أو كقائد للحرس الوطني التونسي، خاصة وأن عملية الإزاحة شملت 104 من قيادات هذه المؤسسة الأمنية القوية، وقيل إن الأمر تم بضغط من حركة النهضة على رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

لكن حديثا آخر برز هذه الأيام على السطح مفاده أن ما تسمى "كتيبة عقبة بن نافع" التي تبنت العملية، وهي جماعة إرهابية كان يعتقد أنه تم القضاء عليها نهائيا بعد استهداف جل عناصرها، عادت للنشاط من خلال انضمام تكفيريين جدد إليها من أولئك العائدين من سوريا ممن انخرطوا في الحرب هناك خدمة لأجندات صهيونية أمريكية خليجية. وبالتالي بات يخشى فعليا في تونس من تكرار السيناريو الجزائري في تسعينيات القرن العشرين حيث عاد الجزائريون الذين شاركوا في الحرب الأفغانية ضد القوات السوفياتية إلى بلادهم وحولوا الجزائر إلى ساحة للعنف والدمار وفتحوا الباب على مصراعيه لحمام دم ما زال الجزائريون يعانون الأمرين، وإلى اليوم، للتخلص من مخلفاته.

نظرية "اللحم المتعفن"

لعل ما يزيد من خوف التونسيين وخشيتهم هي التصريحات السابقة لرئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي الذي شجع عودة هؤلاء التكفيريين معتبراً أن "اللحم إذا تعفن أهله أولى به من الغير". وعلى نهج الغنوشي سارت قيادات وقواعد حركة "النهضة" وجماعة المرزوقي ومن لف لفهم أي القوى التي تورطت في قطع العلاقات مع سوريا حين كانت في الحكم واحتضنت مؤتمر التآمر على دمشق على أرض تونس الطاهرة المقاومة للإستعمار وذلك تحت مسمى "مؤتمر أصدقاء سوريا".

تعارض باقي الأطياف السياسية التونسية عودة التكفيريين التونسيين إلى بلادهم التي غادروها بمحض إرادتهم وتورطوا في استهداف شعب شقيق لم ير التونسيون منه إلا الخير، وهددوا أمن واستقراره وشردوا عائلاته خدمة لأجندات قذرة. يرغب هذا الطيف الواسع من التونسيين في أن يقتص النظام السوري من هؤلاء الإرهابيين ويتبرؤون منهم ومن انتمائهم إلى الخضراء التي كانت على الدوام رغم ضعف إمكانياتها ووزنها السياسي نصيراً لأشقائها ولقضاياهم العادلة.

دمى الأجندات الأجنبية

في هذا الإطار، ترى الناشطة الحقوقية والسياسية التونسية آمنة الهادفي في حديثها لموقع "العهد" الإخباري أن "الإرهابيين التونسيين الذين تورطوا في تدمير سوريا وبلدان أخرى هم بصدد العودة منذ مدة إلى تونس". ورغم تأكيدات قيادات أمنية وبعض السياسيين أنهم تحت السيطرة فإن الأمر يبدو، بحسب محدثتنا، على خلاف ذلك تماما وهناك معلومات بالفعل عن تورط عناصر كانت تقاتل في سوريا في العملية الإرهابية الأخيرة التي طالت عناصر الحرس الوطني على الحدود التونسية مع الجزائر.

تضيف الهادفي "مشكلة من يتحمسون لعودة هؤلاء الإرهابيين أنهم لا يحظون بثقة فئة هامة من الشعب التونسي تدرك حقيقة مشروع الربيع العربي أو الفوضى الخلاقة وتدرك أنهم متورطون في هذا المشروع المهدد لاستقرار المنطقة إلى حد النخاع. هؤلاء مجرد دمى للوبيات الصهيونية الأمريكية والإستخبارات البريطانية وغيرها، قيل لهم أرسلوا التكفيريين لقتال النظام في سوريا وكفروا هذا النظام في المساجد ففعلوا، واليوم قيل لهم أعيدوا هؤلاء إلى بلدكم ففعلوا ما أمروا به ويحاولون في غياب أية مصداقية إقناع التونسيين أن هذه العودة لا تمثل خطرا على أمنهم واستقرارهم، وهذا غير صحيح لأننا ندرك مثلما يدرك المتحمسون للعودة أن هؤلاء الإرهابيين هم الخطر عينه على تونس، والحل يكمن في أن ينالوا الجزاء الذي يستحقونه من الدولة السورية المؤهلة قانونيا وأخلاقيا للقيام بذلك باعتبارهم ارتكبوا جرائمهم على الأرض السورية وليتحمل كل شخص مسؤولية أفعاله".

 

2018-07-13