ارشيف من :أخبار لبنانية
مونديال كرة القدم انتهى.. فمتى ينتهي مونديال تأليف الحكومة اللبنانية؟
انتهى مونديال روسيا الذي كان يشغل اللبنانيين مؤذنا بعودتهم الى الواقع المرير في البلد والذي يتربع على رأسه أزمة تشكيل الحكومة بعد ثمانية أسابيع من التكليف.
وفي وقت يجتمع فيه الرئيس الروسي ونظيره الامريكي في هلسنكي في قمة تاريخية اليوم، استمرت العقد والمشاكل التي تحول دون ولادة الحكومة، بكل ما يعنيه ذلك من استمرار للازمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي تخيم على يوميات المواطن اللبناني.
"الأخبار": عقدة باسيل تتفاقم: جمود مع الحريري يعرقل الحكومة
بعد انقضاء أسابيع على تكليفه، يتقدم الرئيس سعد الحريري على رئيس الجمهورية ميشال عون. حتى الآن، أنجز تفاهمين على خط التشكيل، لكن العقدة انتقلت إلى التيار الوطني الحر... والكرة باتت في ملعب رئيس الجمهورية
بدا في اللحظات الأولى أن الرئيس سعد الحريري يأتي إلى مسؤولية التكليف منسجماً مع خيارات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتلقائياً الوزير جبران باسيل الوزارية، وأنه لن يكون على خلاف معهما. كان طيف الاتفاق بين الحريري وباسيل طاغياً حتى ظهر الحريري وكأنه آخر من يشكل الحكومة هو رئيسها، بعدما حدد الجميع حصصهم وأحجامهم الوزارية تبعاً لنتائج الانتخابات النيابية الأخيرة.
تدريجاً، ظهر الحريري في موقع المخالف للمسار الذي ينتهجه باسيل المفوض من رئيس الجمهورية بالملف الحكومي. وبدأ الرئيس المكلف وبدفع سعودي ــــ أميركي، وبدعم من رؤساء الحكومات السابقين والمؤسسة السنية الدينية لصلاحياته في التشكيل، يضع خريطة طريق مختلفة للتشكيل.
فكيف تبدو هذه الخريطة حتى الأمس؟
منذ بداية التكليف، حدد طرفان حصصهما ولم يضعا أي فيتو على حصة أي طرف مسيحي أو إسلامي، أقله علناً الرئيس نبيه بري وحزب الله. طرحا ما يريدان وانتظرا. حتى أنهما كادا يسميان جميع أسماء وزرائهما المقبلين. في المقابل، برزت العقدة مسيحياً ودرزياً، وتخللها انفجار الخلاف المسيحي الداخلي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وانكشاف ورقة التفاهم بينهما، وصولاً إلى السجالات الحادة ومن ثم إعلان التهدئة الإعلامية والتزام الطرفين بها. من دون أن يعني ذلك أن الطرفين وجدا طريقة لحل مشكلة التوزير المسيحي.
ما خلصت إليه مشاورات الأيام الأخيرة، يختصر بتمكن الحريري منفرداً في التوصل إلى نقاط تفاهم مشتركة مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وتقول مصادر سياسية متابعة لهذه الاتصالات إن الحريري ثابت في تبنيه لموقف جنبلاط المتمسك بثلاثة مقاعد درزية من حصته، وإذا أراد رئيس الجمهورية حل العقدة الدرزية فلا مانع من توزير أربعة وزراء دروز، ثلاثة من حصة جنبلاط ومقعد درزي من حصة رئيس الجمهورية بدلاً من مقعد مسيحي (على غرار ما فعل الرئيس نبيه بري عندما أصر على توزير فيصل كرامي ليرتفع عدد الوزراء السنة في حكومة نجيب ميقاتي إلى ستة زائد رئيس الحكومة مقابل خمسة فقط للشيعة).
أما بالنسبة إلى العقدة القواتية، فقد تبنى الحريري، بالتفاهم الكامل مع جعجع، إعطاء القوات اللبنانية أربع حقائب، واحدة سيادية من حصة المسيحيين بناء على اتفاق معراب وثانية أساسية (من أصل الست الأساسية). وهذا الاتفاق لا رجوع عنه، في مقابل تسهيل القوات عمل الحريري لتشكيل الحكومة.
يعني ذلك أن الحريري، الذي طوى مرحلة الخلاف مع جنبلاط وجعجع، ويستعد لمرحلة تشكيلات وتغييرات في فريقه وتياره، تمكن من تضييق رقعة الخلافات الحكومية، واضعاً كل ذلك في خانته منفرداً. وهنا يسجل تراجع لدور رئيس الجمهورية الذي قاد الأسبوع الماضي حركة اتصالات واسعة مع الحريري وجنبلاط وجعجع، لم تفض عملياً إلى أي تطور في التشكيل، لا بل اعقبها انفجار الخلاف العوني القواتي وإبداء جنبلاط امتعاضه علناً في غضون 48 ساعة بعد اللقاء، علماً أن عون هو من يفترض أن يكون مستعجلاً، لأن هذه الحكومة هي التي يعول عليها وسبق أن وعد بها كحكومة العهد الأولى.
"البناء": الحريري: حكومة بنسختها الحالية
وبحسب معلومات «البناء» فإن آخر العروض التي قدّمها الرئيس الحريري للأطراف هو صيغة حكومية جديدة بنسخة الحكومة الحالية مع بعض التعديلات الطفيفة، كما لو أن الانتخابات لم تجر وبذلك يضع حزب الله والرئيس عون بين خيارين أحلاهما مر: إما حكومة بشروط جعجع وجنبلاط وإما لا حكومة. وفي سياق ذلك، رأى مصدر في 8 آذار بأن مطالب القوات والاشتراكي ليست سوى الواجهة السعودية لتعطيل ولادة الحكومة، إذ إن «السعودية لا تريد الاعتراف بنتائج الانتخابات النيابية الجديدة،
كما أن الرئيس المكلف يسعى الى كسب ود ورضى المملكة وشرطها لذلك تحقيق مطالب جنبلاط وجعجع في الحكومة»، وأشار المصدر لـ «البناء» الى أن «دفش الاشتراكي والقوات من قبل السعودية يأتي استكمالاً لمحاولات السعودية لتعطيل العهد منذ أزمة احتجاز الحريري الذي كان هدفها إسقاط العهد في مهده بالضربة القاضية لولا حكمة الرئيس عون وحزب الله والالتفاف الوطني حول الرئيس الحريري»، واذ تنقل أوساط سياسية عن الحريري امتعاضه وحيرته في الواقع تسأل: هل يتمرد الحريري على المملكة ويشكل حكومة بناءً على نتائج الانتخابات؟ وماذا لو لم يستطع الحريري تحدي السعودية؟ ما هو مستقبل الحكومة ولبنان؟
وتشير مصادر في فريق المقاومة الى «أن الرئيس عون وحزب الله والبلد لن ينتظروا الحريري لأربع سنوات، فحزب الله بحسب المصادر «لا يريد حرق المراحل ويعطي الوقت الكامل ولا يتدخل في عملية التأليف ويترك الأمر ليأخذ مساره القانوني والدستوري ويترك لعون ادارة المرحلة، وسهل قدر الإمكان، والعقدة ليست عنده»، أما الرئيس عون بحسب مصادر «البناء» فإنه «كلف لجنة من خبراء دستوريين وقانونيين لإعداد دراسة حول أزمة التأليف ووضع رؤيتهم لذلك للبناء على الشيء مقتضاه».
في غضون ذلك، يصل الى لبنان خلال ساعات مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، حسين جابري أنصاري، في زيارة يُفترض أن يلتقي خلالها المسؤولين اللبنانيين، ويعرض معهم المستجدات المتسارعة إقليمياً ودولياً.
ورأى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الى أن «الحكومة اللبنانية المقبلة لها دور مركزي في الاقتصاد والشؤون الاجتماعية وكل تأخير في تشكيلها يفاقم من الخطر ويساعد على المزيد من الاحتضار»، مضيفاً «علينا أن نشكل الحكومة مستفيدين من نتائج الانتخابات النيابية كمعيار عادل، وأن نسهل التأليف بالمرونة المناسبة لأن الحكومة ليس قطعة جبنة يتقاسمها البعض على حساب الوطن». وشدد نائب الأمين العام لحزب الله على أنه يجب أن تبقى البوصلة موجهة ضد «إسرائيل» كي لا تتمكن من رسم حدودها، ولكي نزرع الخطوات المناسبة لإنهاء هذا الاحتلال وإعادة الارض إلى أصحابها، وفي كل الأحوال ليكن معلوماً أن صفقة القرن لن تمر ولو اجتمع العالم بأسره حولها، لأن هناك مقاوما فلسطينيا ومقاوما عربيا ومقاوما إسلاميا، وفي النهاية النصر للحق وللأرض وللإنسان الشريف، وقد أثبتت التجربة بأننا انتصرنا عندما وقفنا وسنظل واقفين لننتصر دائماً.
"الجمهورية": أزمة التأليف تأكل أسبوعاً ثامناً... وبكركي تُحذِّر وترفض الإقصاء
يبدأ اليوم أسبوع جديد من تكليف الرئيس سعد الحريري، من دون مؤشرات حلحلة لأزمة التأليف، على رغم ضَخ البعض أجواء تفاؤلية تتحدث عن ولادة حكومية وشيكة.
أشاعت الإيجابيات الذي عكستها الهيئات الاقتصادية، بعد لقائها رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلّف، أجواء ملتبسة في شأن تشكيل الحكومة. خصوصاً أنها أوحَت وكأنّ التأليف قد دخل مدار الحلحلة، ليتبيّن على الأرض انّ الامور تراوح مكانها، ما دفع الى التساؤل عن خلفية التفاؤل، التي تبدو مرتبطة بقرار متّفق عليه بين القيادات والسياسيين، لبَث مناخ مُطمئن يَنسف التيئيس التي أحدثه الكلام عن احتمالات الانهيار الاقتصادي.
وتأتي هذه التطمينات في ظل ظروف اقتصادية ومالية دقيقة، تعبّر عنها بوضوح اتجاهات اسعار الفائدة، والتي تتجه صعوداً، بما قد يؤثّر سلباً على الدورة الاقتصادية، إضافة الى ارتفاع كلفة خدمة الدين العام بسبب الزيادة في اسعار الفوائد. إذ من المعروف انه مقابل زيادة 100 نقطة اساس في اسعار الفوائد، تزيد خدمة الدين العام اللبناني حوالى 800 مليون دولار سنوياً. (تفاصيل ص 11)
وقالت مصادر مطبخ التأليف لـ«الجمهورية» انها «لم تلمس اي أفكار ومعطيات جدّية تُبشّر بولادة حكومية قريبة، خصوصاً انّ الاطراف ما زالت متمترسة خلف شروطها ومطالبها ورغباتها التي لا يمكن الاستجابة لها».
وفي وقت ينتظر رئيس الجمهورية ميشال عون ما سيحمله إليه الحريري، أكدت أوساط الاخير لـ«الجمهورية» مضيّه في ما هو بصدده بوتيرة سريعة، ولن يكلّ في السعي لبلوغ صيغة حكومية في وقت قريب، تحظى بالقدر الأوسع من التوافق حولها».
بدوره، قال مرجع سياسي لـ«الجمهورية» انه يتفهّم موقف الحريري، لكنّ هذا التفهم لا يلغي انّ الواجب الاول والاخير عليه هو تدوير الزوايا ومعرفة كيف تُدَوّر بما يراعي كل الاطراف، لا ان ترجّح كفّة زاوية على زاوية بما يشعر طرف بأنه مغبون وطرف بأنه محظوظ. وفي أي حال، ليست المسؤولية فقط على الحريري بل على القوى السياسية التي عليها فتح كل النوافذ أمام التأليف، لا وَضع العقبات. فالبلد أمام فرصة للنهوض بحكومة تُنقذ ما يمكن إنقاذه، وكلما تأخّرنا تصبح الامكانية أصعب والعقد اكثر تعقيداً».
جمود في «بيت الوسط»
واللافت انّ نهاية الأسبوع شهدت جموداً ملحوظاً، وغاب النشاط عن «بيت الوسط» ما خَلا حديث عن اتصالات بين «المستقبل» و«التيار» برز فيها حراك للوزير غطاس الخوري.
ولم تخل احتفالات القديس شربل، التي توزّعت بين بقاعكفرا وعنايا، من التطرّق الى أزمات البلاد. حيث عرض البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الملف الحكومي مع رئيس حزب «القوّات» سمير جعجع، في خلوة جانبيّة على هامش مشاركة الأخير في قداس بقاعكفرا.
واعتبر الراعي خلال عظته في قداس عنايا «انّ التشبّث بالحصص وحَصرها بكتل، مع إقصاء افرقاء آخرين، واشخاص ذوي كفاءة من المجتمع المدني غير الحزبي والسياسي، لا يبرران التأخير على حساب الخير العام، بل ويتناقضان مع المعايير الدستورية العامة، ومع روحية الدستور اللبناني ونَصه، ويُهملان اهتمام المجتمع الدولي والمساعدات المالية المقررة في مؤتمر باريس في 6 نيسان الماضي، من أجل الإنماء الاقتصادي وإصلاح البنى التحتية ولا سيما الماء والكهرباء». وقال: «الجميع من الداخل والخارج ينتظرون قرار تأليف الحكومة، لأنّ في كل يوم تأخير تداعيات كبيرة وخسائر جسيمة في الاقتصاد بكل قطاعاته، وفي عمل المؤسسات والإدارات، وفي ثقة الشعب بالمسؤولين».