ارشيف من :مقالات

ذات تموز 2006.. الشام احتضت اللبنانيين

ذات تموز 2006.. الشام احتضت اللبنانيين

ذات عدوان همجي صهيوني على لبنان في تموز من العام 2006 لم تجد عشرات آلاف العائلات اللبنانية ملاذا لها من آلة القتل الصهيونية غير الجارة سوريا.

العلاقات المتأزمة مع حكومة السنيورة في ذلك الوقت لم تمنع السوريين حكومة وشعباً من المسارعة لإستقبال إخوتهم في لبنان وفتح القلوب لهم قبل فتح البيوت والمدارس والجوامع والأديرة، في احتضان لم تتخلله منّة أو أذى تجاه من مثلوا في ذلك الوقت خط الدفاع  الأول عن الأمة ومن قدموا صورة رائعة عن الضيف الذي يبقي محافظا على احترامه ولياقته في أشد لحظات النزوح قهراً وألماً.

أنتم أهلنا

رئيس "الجمعية السورية للعلاقات العامة" ومدير عام الأكاديمية السورية الدولية للتدريب والتأهيل الدكتور نزار ميهوب يروي في حديث لموقع "العهد" الإخباري كيف كان يترأس جمعية أهلية عملت منذ اللحظات الأولى وقبل انتظار الإجراءات الحكومية السورية في هذا السياق، والتي لم تتأخر بطبيعة الأحوال، ويسهل استقبال النازحين اللبنانيين منذ لحظة وصولهم إلى المعابر الحدودية. الجمعية الأهلية المكونة من حوالي خمسين شخصا برئاسة الدكتور نزار فوجئت بالكم الهائل من الطلبات التي تقدم بها سوريون لإستضافة إخوانهم اللبنانيين ومن كل المحافظات السورية "لدرجة أننا كنا نملك إمكانية تخيير الإخوة النازحين اللبنانيين حول المحافظة السورية التي يرغبون في الإقامة فيها وإن كانوا يرغبون في أن يسكنوا بيتا عربيا أو شقة في عمارة".

لم تجد عشرات آلاف العائلات اللبنانية ملاذا لها من آلة القتل الصهيونية غير الجارة سوريا

ميهوب يلفت لموقع "العهد" الإخباري أن "طلبات الإستضافة هذه جاءت من امتداد الجغرافيا السورية بأكملها ولم تخص بيئة أو طائفة بعينها فالجميع كانوا يبادرون ويتبارون في تقديم خدماتهم للنازحين اللبنانيين وكانت الأجواء إيجابية للغاية مع الإنتصارات الرائعة التي كان يحققها رجال المقاومة اللبنانية في أرض المعركة".

ذات تموز 2006.. الشام احتضت اللبنانيين
الدمار في الوحدات السكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت

نحن تباركنا بقدومكم

يقول ميهوب إن جمعيته الصغيرة نسبياً استضافت وعلى مدى أيام العدوان الصهيوني على لبنان حوالي خمسة عشر ألف لبناني تم تأمين كل الخدمات المتعلقة بهم منذ لحظة وصولهم إلى المنافذ الحدودية وحتى تاريخ مغادرتهم لسوريا سواء إلى لبنان أو إلى بقية الدول الأوروبية، ويتابع "كما هو معلوم القادمون إلى سوريا لم يكونوا فقط من بيئة المقاومة بل كانوا لبنانيين من بيئات آخرى تواجدوا في لبنان للسياحة أو العمل وعندما ضاقت بهم السبل بعد إغلاق مطار بيروت الدولي لم يجدوا أمامهم غير سوريا التي قضوا فيها أسابيع قبل سفرهم مجددا إلى أوروبا والخليج العربي".

طلبات الإستضافة هذه جاءت من امتداد الجغرافيا السورية بأكملها ولم تخص بيئة أو طائفة

ميهوب أكد أن "عدداً من السوريين وفر لقسم كبير من هؤلاء كل الإمتيازات وأسلوب الحياة المرفهة التي كانوا يعيشونها في لبنان ومناطق اغترابهم، وهذا أمر رأيناه بأم العين" مشددا على أن "السوريين كانوا يتعاطون مع هذه المسائل بالكثير من المسؤولية والإحترام وخصوصا بالنسبة لبيئة المقاومة التي مثلت بالنسبة للسوريين خط الدفاع الأول عنهم وعن الأمة ولهذا لم يكن هناك من يجرؤ على أن يمارس المنة والأذى في استقباله لأصحاب الفضل علينا جميعا، في المقابل كان النازحون اللبنانيون يتصرفون بالكثير من الأدب والحياء واحترام الذات والشكر، كانوا غاية في اللياقة ولم يكونوا متطلبين أبدا فنحن من كان يلح عليهم في الطلب عما يحتاجونه وكانوا يقابلون ذلك بالكثير من العفة والشكر".

الدولة السورية ذللت كل العقبات

في تموز من العام 2006 كانت هناك منافسة جلية في سوريا بين الموقفين الرسمي والشعبي لأجل احتضان النازحين اللبنانيين. فالحكومة السورية استنفرت بالكامل من أجل تذليل كل العقبات. المدارس التي كانت مقفلة آنذاك في الصيف فتحت أبوابها لإستقبال العائلات، ومراكز التدريب الخاصة بالدولة كذلك الأمر.

وزارة الصحة السورية عممت على كافة المشافي العامة والخاصة بضرورة استقبال الأخوة اللبنانيين ومداواتهم في المشافي السورية مجانا

استقبال النازحين لم يرتبط بأصحاب دين أو مذهب دون غيره، ففضلاً عن ما قدمه المتبرعون المسلمون ومن كل المذاهب، فتحت الأديرة والكنائس أبوابها لإستقبال "الأخوة اللبنانيين" كحال أديرة صيدنايا ومعلولا وغيرها، وانخرط الجميع في سهرات جماعية ترفه عن أطفال النازحين وتراقب مجريات المعارك والإنتصارات عبر شاشات ضخمة خصصت للغرض في مراكز التدريب الأنيقة ومراكز الإيواء المستحدثة. فيما صدر قرار من وزارة الصحة السورية عمم على كافة المشافي العامة والخاصة بضرورة استقبال الأخوة اللبنانيين ومداواتهم في المشافي السورية مجانا.

2018-07-16