ارشيف من :أخبار لبنانية
أول ملوثات الليطاني .. ’كتروا الطباخين احترقت الطبخة’
حسين محمد كوراني
نهر الليطاني .. شريان حياة اللبنانيين ومصدر رزقهم. اليوم يبتلع السموم من كافة الانواع العضوية: الكيميائية والصناعية وحتى الرملية! النهر الذي يروي ما يقارب 40% من المساحة المرويّة في لبنان ويزوّد ثلث سكان البلد بمياه الشفة لا يلتفت اليه أحد أو يحاول انقاذه .. فكيف نحمي النهر؟
يعتبر الصرف الصحي ونفايات المصانع التحويلية والثقيلة والمستشفيات ومزارع تربية الدواجن والأبقار والاستعمال المفرط العشوائي للمبيدات الزراعية ابرز عوامل تلوث النهر.
وفي هذا السياق، يعتبر المدير العام لمصلحة الليطاني ناصر نصرالله أنه "في سنة 2013 انعقد مؤتمر في مجلس النواب أصدر قانونا شكلت على أساسه لجنة من الوزراء المختصين، كلفت بمسألة تنظيف حوض نهر الليطاني بكلفة تحتاج إلى مليار و100 مليون ليرة، ويوفر حلولاً جذرية لحماية حوض النهر من خلال انشاء محطات تكرير متطورة تقوم على تقنية متقدمة من الدرجة الثانية، ومحطات تكرير وشبكات صرف صحي لكل القرى التي تحيط بالنهر، وقد باشر مجلس الانماء والاعمار في تنفيذ بعض مراحله التي توافر تمويل لها، لكنه بحاجة الى اقرار من المجلس النيابي لتنفيذه على المستويات الأخرى".
في حديث لموقع العهد الإخباري، يرى نصرالله أنّ المشكلة الرئيسية تكمن في تعدد مؤسّسات وإدارات الدّولة المعنية في الإشراف على تلوث النهر ، وخاصة أن هناك معامل تابعة لوزارة الصناعة والزراعة والصحة والبيئة والطاقة، وكلها ترمي بأوساخها وموادها في النهر، فمثلاً الإشراف على الأسمدة الزراعية السامة ضمن نطاق عمل وزارة الزراعة ولا رقيب، مشيراً الى وجود إشكالية أخرى تكمن في عدم التنسيق بين هذه الوزارات في موضوع المتابعة والمعالجة والمحاسبة، والأهم من ذلك أنه كل الوزارات المعنية تتجاهل دور مؤسسة مصلحة الليطاني الجهة المباشرة عن سلامة مياه النهر، وتمنع إعطاءها ضابطة عدلية تلاحق المضرين بالنهر.
ما هي الحلول؟
يشير نصرالله الى أن توحيد سلطة القرار والحد من التشابك في الصلاحيات بين الإدارات المعنية بالقطاع، وتمكين هذه المؤسسات مادياً وبشرياً من إدارة واستثمار المياه بشكل فاعل وسليم انطلاقاً من المصادر ومن شبكات التوزيع. ومنع كل أنواع التعديات والاستغلال العشوائي للمياه بفرعيها السطحي والجوفي، وخاصة موجة التلوث الحالية التي تستهدف المصادر ومنشآت التوزيع. وتنفيذ مشاريع السدود الواردة في الخطة العشرية لتأمين حاجات السكان والزراعة المروية بشكل عادل ومقبول ومنع العدو من السطو عليها باعتبارها مهدورة في عرض البحر أو غير مستغلة، هي من أهم الخطوات التي تعيد نهر الليطاني الى كما كان قبل التسعينيات.
ويختم مدير عام مصلحة مياه الليطاني أنه "لا بد من إصدار قانون بمادة توضع بموجبه ضريبة خاصة على الملوّثين تطبقها إدارة المياه بتنظيم ضبط مخالفة، بالتعدي على المياه وذلك تحت إشراف المدعي العام البيئي. وتعديل القانون الحالي المتعلق باستخراج المياه وخاصة المواد المتعلقة بحفر الآبار (عمق البئر، معدل تصريفه) مع ضرورة خضوعها للترخيص. ووضع عدادات ومقننات على كل مآخذ المياه على مداخل المنازل أو مآخذ مياه الري لتقدير كمية المياه المستهلكة وتطبيق تعرفة بيع المياه كلها".
إذن، الليطاني الذي كلف المقاومة الشهداء والجرحى لعدم تنديسة والسطو عليه من قبل العدو الصهيوني في حرب تموز 2006 وقبلها، أصبح في حكم الموت السريري نتيجة عدم تدارك الدولة في إنقاذه. هل أنتم تنتظرونه فعلًا إنقاذه؟ وهل نبقى ساكتين على استمرار أسباب التلوث ومصادره، والتعديات على النهر، حتى تكتمل فصول صفقة تنظيف النهر على يد مافيات الفساد؟