ارشيف من :تحقيقات

العم علي سليمان.... يجري دمه في أجساد مئات الجرحى في سوريا

العم علي سليمان.... يجري دمه في أجساد مئات الجرحى في سوريا

إصابته البليغة في بداية الأزمة وعمره الموشك على الولوج في العقد السابع منعاه من حمل السلاح مجدداً لمواجهة التكفيريين. كل ذلك لم يقعد العم علي سليمان عن خدمة وطنه الغالي بعدما حطم الرقم القياسي في عدد مرات التبرع بالدم لجرحى الجيش العربي السوري لتتوزع دماؤه على مختلف الجبهات، ويصبح شريك عدد كبير من المقاتلين في النصر والصمود. كيف لا ودماؤه الوفية تجري في عروق المدافعين عن الأرض والعرض.

بدأت مسألة التبرع بالدم كهواية عند علي سليمان الذي كان في التاسعة عشرة من عمره

هكذا بدأت الفكرة

بدأت مسألة التبرع بالدم كهواية عند علي سليمان الذي كان في التاسعة عشرة من عمره حين وهب جزءا من دمائه لشاب راح ينزف بكثرة بعد تعرضه لحادث سير أليم. اندفع علي حينها بفطرته الطيبة يعرض التبرع بدمه وتقديم المساعدة التي أبقت الشاب على قيد الحياة فيما بقيت معاني الشكر على وجه والدته أكبر مكافأة معنوية لعلي الذي شعر حينها برغبة جامحة في العطاء بلا حدود والتنعم بذلك الشعور الروحي الذي يعقب العطاء لوجه الله وحده.

العم علي سليمان.... يجري دمه في أجساد مئات الجرحى في سوريا

سار العمر رغيداً بعلي الذي أصبح كهلاً ولم ينقطع عن ممارسة فضيلة التبرع المجاني بدمه. وحين اندلعت الأزمة في سوريا اندفع  بكبرياء المقاتل على أرض المعركة فكان أن نالت منه رصاصة غادرة في إحدى المعارك مع التكفيريين في ريف محافظته حمص فأقعدته عن حمل السلاح لكن عقله وضميره بقيا يتوثبان داخله بحثا عن وسيلة تسكن ثائرته ورغبته الجامحة في عمل شيىء ما. فأسرع إلى مشافي حمص يعرض التبرع بدمه بشكل دوري وحصري لرجال الجيش العربي السوري الأشاوس، ليستمر العم علي على هذه الحالة متبرعا بدمه حوالي 288 مرة حتى تاريخ هذا اليوم وليحطم الأرقام القياسية من دون سعي منه لذلك بعدما أصبح المتبرع الأول على مستوى سوريا والرابع على مستوى الوطن العربي ومن العشرين الأوائل على مستوى العالم.

سار العمر رغيداً بعلي الذي أصبح كهلاً ولم ينقطع عن ممارسة فضيلة التبرع المجاني بدمه

رغم ملامسته موسوعةغينس: لا بحث عن مجد شخصي

يقول العم علي سليمان لموقع "العهد" الإخباري بأن رغبته في دخول موسوعة غينيس كأكثر المتبرعين بالدم تندرج في إطار تخليد ذكرى جرحى الجيش العربي السوري الذي يحارب الإرهاب ولا تتعلق البتة بالشهرة: "عملي سخيف جدا تجاه التضحيات التي يقدمها رجال الجيش ولا يجب ان يشكرني احد على واجبي".

العم علي سليمان.... يجري دمه في أجساد مئات الجرحى في سوريا

شغف العم علي بتقديم كل أنواع المساعدة لحماة الوطن جعله يكسر كل قواعد الطب في عملية التبرع هذه التي وصلت إلى 288 مرة أغلبها خلال هذه الأزمة.

الدكتور مهند خضور رئيس فرع بنك الدم في حمص أوضح لموقع "العهد" الإخباري أن المتبرع علي سليمان لا يزال يتمتع بصحة جيدة وخضابه ضمن الحدود الطبيعية ويقوم كل مدة بالتبرع بدمه من زمرة ( A+) بحسب الأسس المرعية والقوانين المنظمة لعملية التبرع بعد إجراء الفحوصات الدورية والتأكد من حالته الصحية.
 
العم علي الذي يتمتع بصحة جيدة يعتمد في غذائه على وجبة رئيسية واحدة هي وجبة الغذاء بالإضافة إلى فطور وعشاء خفيفين ولا تخلو وجباته من زيت الزيتون الذي يمنحه شعورا كبيرا بالقوة.

شعبية جارفة

رغم ان الأرقام تتحدث عنه إلا أن العم علي بدا شديد التواضع تجاه ما يقوم به. وبالرغم من هالة الشهرة التي صنعها لنفسه وخصوصا في أوساط أهالي الجرحى الذين تبرع لهم بدمائه، ورغم وقوفه على مسافة قريبة جداً من تحطيم الأرقام العربية والعالمية وملامسته لموسوعة غينيس للأرقام القياسية، فقد بقي العم علي محكوما بنزعة الإيثار الداخلية الموجودة في شخصه وبالمنحى الوطني الناظم لسلوكه المترفع عن شهرة هرب منها فلصقت به. بدا ذلك جليا من خلال موجة الحياء التي كانت تغلبه حين يلتقي بأحد الجنود الذين وهبهم دمه يوما.

العم علي سليمان.... يجري دمه في أجساد مئات الجرحى في سوريا

كان الثناء حملاً ثقيلاً عليه وهو الممتن وبصدق لهؤلاء الجنود الذين قبلوا أن يجري دمه في عروقهم فيغدو بذلك الحاضر الغائب في أغلب المعارك يشهر سلاح دمه لينال بذلك المجد الذي بدأ شخصيا وانتهى على مستوى وطن لم يبخل عليه يوما بالدم.
 
 

2018-07-18