ارشيف من :نقاط على الحروف
ثلاث سنوات ونيف.. وانتصر الصبر على الحصار
ثلاث سنوات ونيف من الحصار المطبق، مرت والصبر كان خبزهم اليومي، والصمود كان سمتهم ووصفهم وعزهم. ثلاث سنوات ونيف وإرادتهم كسرت حصار الطغاة وأذلت أنوف الأعداء، أطفالهم صنعوا العابهم تحت أصوات القذائف وعاشوا طفولتهم في ميدان القتال، شبابهم لم يناموا يكادون يصلون نهارهم بالأسحار، والشهادة فخرهم والجراح كرامتهم، وبعزيمتهم سقط حصار الإرهاب، وأشرقت شمس الحرية.
في نيسان/ أبريل 2015 امتدت يد الإرهاب إلى الأطفال والنساء لتنتقم من أناس ما عرفوا الملل والكلل وما خبروا الذل والهوان. أكثر من 200 شهيد وجريح ومخطوف ولم تكسر صلابتهم بل كسر الإرهاب على اعتبار قريتيهم في كفريا والفوعة.
سنوات من العمر مرت، وهم يسمعون أكاذيب المجتمع الدولي عن حقوق الإنسان، ووعود أممية غاب عنها أن في كفريا والفوعة أطفالا ونساء ورجالا يموتون جوعاً وعطشاً وقتلاً، وإعلامٌ عربيٌ وعالميٌ غاب عنه أن وحش الإرهاب الذي من المفترض أنه على لائحة الأمم المتحدة يقتل شبابهم، وسقط من قاموس مصطلحاتهم أن المحاصرين عزلٌ مدنيون، شيبة وشباباً لا يملكون السلاح ولا تصل إليهم المساعدات وأطفالهم ينامون ويستيقظون جياعا.
نسي المسؤولون الأمميون الاتفاقيات الدولية، لم يقيموا وزناً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكد في مادته الثالثة أن "لكلِّ فرد الحق في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه". لم يتذكروا في حالة حصار كفريا والفوعة أن اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب ( المــادة 3) تحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، وأخذ الرهائن، والاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة. لم يعترفوا بغيرها من الاتفاقيات والمعاهدات والنصوص القانونية التي تمنع حصار المدنيين وتعتبر ذلك في سياق جرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية.
وهذا ليس بغريب عن مجتمع دولي زائف كل ما يقوم به وما يدعيه من حماية لحقوق الإنسان. هذه هي معاييرهم المزدوجة التي تستخدم القانون ضد الأبرياء لمصلحة الأقوياء، فتدخلاتهم تحت مسميات حماية هذه الحقوق ليست إلا قضايا كاذبة من اجل انفاذ مصالح بعيدة كل البعد عن الشعوب، فهم يعتاشون على دماء هؤلاء المستضعفين من أجل تعظيم استكبارهم.
ثلاث سنوات ونيف من صمود أهالي كفريا والفوعة، كفيلة بأن تثبت أن مجتمع أميركا وإعلامها وحلفائها لا يعمل إلا من أجل مصالحه، فيدمر شعبا بأكلمه ويقتل أطفالا ويشرد نساء ويحاصر أبرياء من أجل سياسته ويطمس أخبار المحاصرين. ثلاث سنوات ونيف لم نسمع فيها صوتاً لواشنطن ضد جماعات الإرهاب التي تحاصر كفريا والفوعة وقبلها نبل والزهراء وحالياً اليمن، في شكل يؤكد دعمها لجماعات الإرهاب التي تنفذ مشاريعها في مناطقنا.
صمت العالم أجمع خلال هذا الحصار، ولم نسمع لا صوتاً أوروبياً ولا عربياً لا إعلامياً ولا حقوقياً وغابت جمعيات حقوق إنسان، اما الأمم المتحدة فكانت في عداد الأموات لا ترد على نداء، في حين أنها تسارع للتضامن مع جماعات الإرهاب عند كل عملية عسكرية تنفذها الدولة السورية لتحرير مناطقها من هذا الوحش الإرهابي الذي نشر في الأرض القتل والفساد.
واليوم، ايضاً يصمت العالم وإعلامه وإعلاميوه.... ووسائل تواصله، ويسكت مندهشاً حتى عن تغريدة أمام صبر أهالي كفريا والفوعة، الذين اثبتوا ان الحرية لا تكون إلا بالصبر والتضحيات، وكانت هذه المدة كفيلة لتثبت زيف أولئك الذين وضع القانون الدولي ولم يطبقوه، في مقابل انتصار المستضعفين وخروجهم إلى الحرية.