ارشيف من :أخبار عالمية
تظاهرات العراق: انفراج تدريجي واستجابات حكومية
لاحت مؤشرات عديدة على حدوث انفراج في الشارع العراقي، بعد ايام من التظاهرات الجماهيرية الاحتجاجية التي شهدتها عدة مدن في الوسط والجنوب والفرات الاوسط، وتخللتها اعمال عنف واضطرابات واعتداءات على مؤسسات الدولة والممتلكات العامة ومقرات بعض الاحزاب.
وفي الوقت الذي أعلنت السلطات الحكومية في محافظة النجف الاشرف استئناف العمل وحركة الملاحة الجوية في مطار النجف الدولي بعد توقف دام حوالي يومين، أكد القيادي في تحالف الفتح، وعضو مجلس النواب العراقي السابق عامر الفايز، انتهاء التظاهرات الشعبية في المحافظة، وتعهد الحكومة بإنهاء الأزمة خلال الأيام القليلة المقبلة، هذا في الوقت الذي أعلنت الحكومة الاتحادية عن توفير عشرة آلاف فرصة عمل لابناء محافظة البصرة وتخصيص أكثر من ثلاثة مليار دولار لتحسين الواقع الخدمي فيها، لاسيما ما يتعلق بتحسين الطاقة الكهربائية وتوفير المياه الصالحة للشرب، والتعيينات.
الأمر نفسه تكرر في محافظات المثنى وذي قار وميسان وكربلاء، التي عاد اليها الهدوء النسبي، وسط دعوات ومطالب من قبل فاعليات سياسية واجتماعية مختلفة بضرورة الحفاظ على سلمية التظاهرات، وتجنب الانسياق وراء الأجندات والمخططات التخريبية.
وكان المجلس الوزاري للأمن الوطني قد عقد اجتماعا طارئا في وقت سابق برئاسة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي لمناقشة الاوضاع الامنية في البلاد، وأصدر بياناً أكد فيه انه "في الوقت الذي يقف المجلس الوزاري للأمن الوطني مع حق التظاهر السلمي والمطالب المشروعة للمتظاهرين، تعمل الحكومة من خلال بذل اقصى الجهود لتوفير الخدمات للمواطنين".
واكد "ان الاجهزة الأمنية والاستخبارية رصدت مجاميع مندسة صغيرة ومنظمة تحاول الاستفادة من التظاهر السلمي للمواطنين للتخريب ومهاجمة مؤسسات الدولة والممتلكات الخاصة، وان القوات الامنية ستتخذ كافة الإجراءات الرادعة بحق هؤلاء المندسين وملاحقتهم وفق القانون، وإن الإساءة للقوات الأمنية تعد إساءة بحق البلد وسيادته".
الى ذلك أكد المتحدث الرسمي باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي، سعد الحديثي، ان الحكومة تعمل بمسارين اساسين، الاول يتمثل بالسعي والاستجابة الجدية والسريعة والآنية لجزء من مطالب المتظاهرين، وأيضا العمل من خلال مسارات أخرى على المدى المنظور المتوس، مشيرا الى وجود مطالب أخرى تحتاج الى وقت وتخصيصات مالية كبيرة، في ذات الوقت الذي اكد فيه سعي الحكومة الجاد الى إيجاد بيئة آمنة وسلمية للتظاهر، بأعتباره حقا مكفول دستوريا وفق معايير التظاهر السلمي ومتطلباته، التي تضمن عدم الاضرار بالمصلحة العامة، وعدم الاصطدام بالقوات الأمنية، وعدم القيام بأعمال تخريب واقتحام المنشآت الحكومية، وعدم وقف العمل في المؤسسات الحكومية.
وكشف الحديثي عن معلومات استخباراتية موثقة تم تداولها في اجتماع مجلس الامن الوطني، حول وجود أفراد ومجموعات يحاولون استغلال أجواء التظاهر السلمي للاندساس بين المتظاهرين للايقاع مع افراد المؤسسات الأمنية، وكذلك للقيام بأعمال تخريب وعنف، واقتحام مؤسسات ومنشآت الدولة، والاضرار بمصلحة المواطن العراقي.
الى ذلك، قررت الحكومة العراقية تشكيل "خلية الازمة الخدمية والامنية الحكومية"، لمعالجة المشاكل والازمات المختلفة في المحافظات اولا بأول، وتلبية مطالب المواطنين سريعا، وقد عقدت الخلية اجتماعها الاول يوم أمس الاربعاء برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي وحضور الوزراء والمسؤولين المعنيين، وتم اتخاذ عدد من القرارات فيما يخص الكهرباء والماء، وتوفير فرص العمل، والصحة والمدارس وبقية القطاعات، ووفق مصادر في مكتب العبادي، قررت الخلية، العمل الفوري على اعادة العمل بالمشاريع الخدمية غير المكتملة في ضوء الكشوف المشتركة بين الجهات ذات العلاقة، فضلاً عن الحصول على الاستثناءات اللازمة من التعليمات النافذة، لترفع الى خلية الازمة لاتخاذ القرار المناسب، والمباشرة الفورية ببرنامج التدريب والتأهيل في المراكز التابعة لوزارة العمل واعطاء المتدربين مخصصات مناسبة".
في سياق متصل، عقد قادة الكتل السياسية العراقية ليلة أمس الاربعاء، اجتماعا برعاية رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، بحثوا فيه اهم واخر المستجدات في الساحة العراقية.
وأكد المجتمعون، أن التظاهرات السلمية المطالبة بالحقوق وتوفير الخدمات، حق كفله الدستور للمواطنين المطالبين بالحقوق المشروعة من توفير الخدمات وفرص العمل وتحسين الحالة المعيشية والخدمية، كما أكدوا، دعمهم للحكومة باتخاذها الإجراءات والقرارات التي تضمن تحقيق مطالب المتظاهرين، وفي نفس الوقت، تم التأكيد على احترام القانون وحفظ الأمن ومنع أعمال الشغب والتخريب والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، ودعم إجراءات القوات الأمنية للتصدي للمعتدين والمندسين الساعين لاستغلال التظاهرات.
المجتمعون شددوا كذلك على ضرورة الالتزام التام والثابت بالدستور، واحترام التوقيتات الدستورية المتعلقة بموعد إنعقاد الجلسة البرلمانية الأولى المقبلة لضمان إنتخاب رئاسة مجلس النواب، ثم انتخاب رئيس الجمهورية تمهيداً لقيامه بتكليف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة خلال الفترة التي ينص عليها الدستور، والخضوع لقرارات المحكمة الإتحادية، والاقرار بقبول النتائج النهائية لإنتخابات مجلس النواب لدورته الرابعة التي جرت في الثاني عشر من شهر ايار-مايو الماضي، حال المصادقة عليها رسميا من قبل المحكمة الاتحادية مع الدعوة الى الاسراع في انهاء عمليات العد والفرز اليدوي الجارية حاليا تحت اشراف قضاة منتدبين من مجلس القضاء الاعلى.