ارشيف من :مقالات

التحرير الثاني: البقاع.. سنوات عجاف أثمرت نصراً

التحرير الثاني: البقاع.. سنوات عجاف أثمرت نصراً

"كنا دائماً نلتزم بيوتنا ونخشى التنقل كثيراً لغير العمل أو قضاء حاجات المنزل لكي لا نتفاجأ بصاروخ أو تفجير يقضي علينا، فتحولت قرانا الجميلة والواسعة إلى سجن فرضته علينا التنظيمات الإرهابية التي دائماً ما هددت أرواح البقاعيين عبر تواجدها في الجرود فتصور بعد أن تعيش بأمن ونعيم تتحول حياتك إلى خوف من الموت ومن ثم يأتي من يبعد شبحهم عنك مقدماً روحه فداء لأولادك".. هكذا يختصر جهاد قصة معاناة سابقة مع الإرهاب في البقاع خاصة منطقة بعلبك الهرمل.

أمل ابنة المناطق التي كانت قريبة من تواجد تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" تشير إلى الصعوبات التي كانت تواجههم عندما يريدون الذهاب إلى قريتهم، فتقول "نحن دائماً كنا نطالب بإنماء مناطقنا التي تعيش الفقر والقلة ولكن تخيل أنك تعيش خوفاً على حياتك أو أبنك أو أخيك، دائماً كنا نتردد عن الذهاب إلى القرية لأننا نخاف أن يهاجم علينا التنظيم الإرهابي أو يلقي الصواريخ على قريتنا القريبة من تواجدهم أو يضع تفجيرات لم أكن أخاف على نفسي إنما أخاف على أبني وأخي".

عانى أهالي منطقة البقاع بشكل عام، وبعلبك الهرمل بشكل خاص من تواجد الجماعات الإرهابية في السلسلة الشرقية من النبي شيت مروراً بعرسال وصولاً إلى رأس بعلبك والقاع وقبل ذلك إمتداداً نحو مناطق الهرمل والمناطق المحاذية لها.

لم تستثنِ جماعات الإرهاب منطقة في بعلبك الهرمل إلا واستهدفتها، تارة بالصواريخ وأخرى بالتفجيرات ناهيك عن الخطف والقتل. لم يجف دم شهدائنا بعد، لم ننسَ من قتل من عسكريين بتفجيرات الإرهاب، وما زلنا نستذكر الشهيد القاضي الذي قدم نفسه فداء في منطقة العين البقاعية لكشف إحدى السيارات المفخخة، ولم ننسَ دماء الجرحى الذين سقطوا بصواريخ الإرهاب ولا أهات الأمهات ولا دموع الأطفال.

التحرير الثاني: البقاع.. سنوات عجاف أثمرت نصراً


لم تنس منطقة عرسال بعد كيف صادر قرارها الإرهابيين وكيف نهبت خيراتها من قبل عناصر "جبهة النصرة" و"داعش"، لم ينس أهل قرية رأس بعلبك كيف دخل الإرهابين عليهم وفجر الإنتحاريون أنفسهم داخل القرية وسقط خمسة شهداء و18 جريحاً.

الجيش اللبناني كان له الحصة الأكبر من الاستهدافات ايضاً، فكنا لم ننته من الحديث عن تفجير استهداف حاجز للجيش اللبناني ـ ومن هذه التفجيرات الكبيرة الذي كان عند حاجز الهرمل ـ حتى نسمع بعد أيام قليلة حصول تفجير أخر يستهدف حاجز للجيش اللبناني.

لقد ضرب الارهاب التكفيري كل لبنان، وبطبيعة الحال كان يوزع ارهابه بين المناطق اللبنانية. لكن دائماً ما كان يعمل على توتير منطقة البقاع الشمالي والتي لطالما كانت عرضة لاستهدافاته.

عانى منطقة البقاع الأمرين من  جماعات الإرهاب، التي ضربت بتفجيراتها في غير منطقة منه، وكان منها على سبيل المثال ايضاً التفجير الذي وقع في16 كانون الثاني/ يناير 2014 وأدى إلى استشهاد أربعة وجرح نحو أربعين أمام مبنى حكومي بمدينة الهرمل.

ومن ثم تفجير سيارة مفخخة استهدف حاجزا عسكريا في بلدة الهرمل في البقاع الشمالي 22 شباط/ فبراير 2014 وأدى إلى استشهاد ثلاثة ـ بينهم ضابط وجندي بالجيش اللبناني ـ وإصابة نحو عشرين في تفجير.

في29 مارس/آذار 2014 استشهد ثلاثة عناصر وجرح آخرين في تفجير سيارة مفخخة استهدف حاجزا للجيش اللبناني في بلدة عرسال الحدودية.

سطر رجال المقاومة ملاحم البطولة وأخذوا على عاتقهم طرد الإرهابيين من جرود عرسال
هكذا كانت البلدات اللبنانية المحاذية للحدود السورية عرضة شبه يومية للتفجيرات والقصف بالصواريخ من قبل الجماعات اﻻرهابية من النبي شيت الى اللبوة وصولاً حتى الهرمل، وهكذا استمر الوضع إلى أن تمكنت المقاومة بالتعاون مع الجيش اللبناني من تحرير الجرود من الإرهابيين، فكانت المعركة الأولى ضد "جبهة النصرة" وحلفائها في جرود عرسال، حيث سطر رجال المقاومة ملاحم البطولة وأخذوا على عاتقهم طرد الإرهابيين من جرود عرسال في معركة "تحرير الجرود من الإرهابيين" وقبلها تحرير جرود النبي الشيت وجوارها، حيث تنفس بعدها أهالي منطقة بعلبك الهرمل الصعداء ليرتاحوا من هاجس الإرهاب، وصولاً إلى معركة "فجرد الجرود" "والفجر وليالي عشر" ضد تنظيم "داعش" الإرهابي التي قاتل فيها أبطال المقاومة إلى جانب أبطال الجيش اللبناني لتحرير كامل الجرود من الإرهابيين لا سيما ما تبقى من جرود رأس بعلبك والقاع والتي كانت تشكل بؤرة أمنية كبيرة يتم عبرها استهداف تلك المناطق.

وبعد سنوات من احتلالها جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع تقهقرت الجماعات الارهابية تحت نيران المقاومة والجيش اللبناني في معركة #وإن_عدتم_عدنا و#فجر_الجرود.

وحل الانتصار الكبير ضد الإرهابيين والذي أطلق عليه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله التحرير الثاني لما له من أهمية استراتجية كبرى بإراحة تلك المناطق واعادة الامن الى مساحات كبيرة كانت معسكرات للارهاب وكونه يشكل عملية استكمالية للانتصار على العدو الإسرائيلي في 2006 سيما أن المشروع التكفيري لا ينفك عن المشروع الصهيوني في منطقتنا. وهكذا عاد البقاع الشامخ إلى أهله مرتاحاً من الأرهاب، ودخل في العملية السياسية عبر المشاركة في الانتخابات لتأتي اليوم عملية الإنماء والتنمية من أجل إستكمال الانتصار والتحرير.

2018-07-20