ارشيف من :مقالات
ليبيا .. هل ينهي الاستحقاق الانتخابي القادم الأزمة؟
يعرف مسار التسوية السياسية في ليبيا حالة من الركود والجمود سيما مع تصميم المعرقلين للحل على اختلاق الخلافات. وقد تأكد الانعكاس السلبي لعملية الهجوم على الموانئ النفطية الأخيرة وما لحقها بعد ذلك من قرارات أججت الخلاف بين الليبيين.
ومن مظاهر العرقلة استمرار الفجوة بين مجلس النواب ومجلس الدولة ورفضهما اللقاء للوصول للاتفاق والتوافق بخصوص الحل. وهناك صورة ثالثة للعرقلة تمثلت في رفض محافظ المصرف المركزي في طرابلس تسليم مهامه للمحافظ المعين من مجلس النواب..وكذلك معضلة نازحي تاورغاء وعودتهم لديارهم.
ان كل ما سبق ذكره يدفع لطرح السؤال التالي: هل بالإمكان الحديث عن نجاح الاستحقاق الانتخابي في ليبيا والمقرر نهاية العام الجاري.. في ظل هذا المشهد السياسي المرتبك؟
استمرار "اللاحل"
في هذا السياق يرى المحلل السياسي التونسي الخبير في الشأن الليبي مصطفى الجريء لـ "العهد" أنه من الواضح أن أغلب الأطراف الرئيسية في الأزمة السياسية الراهنة، لها مصالحها المرتبطة باستمرار اللاحل وتأجيل الانتخابات. وطالما أن المجتمع الدولي حسم أمر الانتخابات، فإن اجراءها في موعدها شيء مؤكد ومفروغ منه. ويتابع "إن المعرقلين للحل سوف يعملون على افساد الانتخابات، فهم يرفضون التوقيع على ميثاق شرف فيه التزام بقبول نتائجها مثلما تطالب بعثة الامم المتحدة للدعم في ليبيا". ولم يستبعد محدثنا ان يعمد بعض المعرقلين الى الايعاز للمجموعات المسلحة بالقيام ببعض الخروقات لترهيب الناخبين يوم الاقتراع.
أما السؤال الأهم، من هي الأطراف التي تعرقل الحل والى أي مدى تؤثر مواقفهم على الراهن الليبي؟
يجيب الباحث المختص في الشأن الليبي بالقول إن "عرقلة التسوية يتزعمها عدد كبير من النواب داخل البرلمان وكذلك أعضاء في مجلس الدولة، اضافة الى ذلك فإن بعض ممارسات قيادات من الغرب والشرق الليبي ايضا لا تخدم السعي للحل. خطوة الجظران للسيطرة على الموانئ غير صائبة وكذلك القرار بتسليم الموانئ للحكومة المؤقتة من قبل حفتر زاد من تأجيج البعض واثار حفيظة حكومة السراج".
ويشير محدثنا الى ـن نسق التحضيرات للانتخابات بطيء والأطراف المعنية سواء السياسية أو العسكرية الى حد اللحظة لم يصدر عنها ما يدل على رغبة في لعب دور مساعد وداعم للحل.
وحدة وطنية
إن اطالة أمد الأزمة يزيد من المعاناة اليومية لليبيين وكذلك المخاطر التي تهدد سيادة الدولة وحتى كيانها، ما يفترض وجود وعي لدى الطبقة السياسية بحجم المخاطر التي تهدد الجميع. ولئن كان أمر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية محسوما فإن هناك مخاوف من أن تؤدي ايضا الى بعث حكومة جديدة الى جانب الحكومات الموجودة وتعمق الانقسام بدلا من انهائه.
ويبقى بعث حكومة وحدة وطنية تكون نتاج مصالحة وطنية بعيدا عن أي أدوار خارجية معرقلة واصغاء الليبيين لصوت وطنهم هو العامل الأهم الذي يمكن من خلاله انقاذ البلاد والعباد. اذ لا يخفى ان المؤثرين واللاعبين الدوليين ما يهمهم بالدرجة الاولى هي مصالحهم المرتبطة بالهلال النفطي ومن يسيطر عليه لذلك يرى المتابعون بان هؤلاء لا يتحركون إلا عندما يقع اشكال أو حدث يمس منطقة الهلال النفطي. عدا ذلك فإن تراكم الأزمات اليومية لليبيين مثل انقطاع الخدمات الصحية وتفشي الأمراض والانفلات الأمني والتهريب وملف الهجرة غير الشرعية، كل ذلك لا يثير حفيظة الخارج ما دامت هذه الأمور لا تمس بالخطوط الحمراء لمصالحه الاقتصادية والامنية والسياسية.