ارشيف من :تدوينات سياسية
إنتصار يوليو 2006 : زلزال الشرق الأوسط
كمواطن عربي مهتم بالشأن العربي ومتابع ومنحاز للمقاومة ورافض للحلول الاستسلامية الإنهزامية جاء إنتصار المقاومة اللبنانية في العام 2000 على العدو الصهيوني وتحرير جنوب لبنان جاء كطوق نجاة لي ولغيري ممن يؤمنون بالمقاومة وبحت أصواتهم في تحذير الناس من النهج الإستسلامي وجاء ليثبت وجهة نظرنا أن المقاومة جدوي مستمرة.
انتصرت حركة المقاومة في الوقت الذي تداعي فيه النظام الإقليمي العربي وهتف قادة أنظمة عربية مهمة في الناس أن الإستسلام للعدو الصهيوني هو القضاء والقدر وأن قطار التسوية قد بدأ يتحرك ولا بد من اللحاق بركابه.
كنت أعرف وأنا أتابع تداعيات النصر العظيم والذي تحقق بزنود المقاومين أن العدو لن يترك المقاومة اللبنانية تفلت بهذا النصر ولابد من "معاقبتها" هي وسوريا.
كلنا يعرف أن لبنان قد فرضت عليه معاهدة 17 أيار/ مايو 1983 والتي قال عنها حافظ الأسد أنها لن تمر وأسقطها محور المقاومة بعدها في آذار/ مارس 1984
كانت وقتها مراكز النهب الإستعماري تخطط لصياغة الشرق الأوسط الجديد بقيادة صهيونية وبمشاركة نظم الخليج والدول التي وقعت إتفاق سلام مع الصهيوني وكانت النية تتجه للتخلص من العراق وسوريا بعد تحييد مصر منذ العام 1979.
قبل إستشهاده بشهور قليلة كان الجنرال الذهبي للعسكرية المصرية في محاضرة لكلية القادة وأركان الحرب يشرح لطلابه إستراتيجية الأمريكي في الألفية الجديدة وقال بالحرف ( إن الإمريكي يطمع في وضع يده علي منابع البترول بإحتلال العراق بحلول العام 2000).
وبالفعل بعد حصار دام ثلاثة عشر عامآ علي العراق وتنفيذ خطة مناطق حظر الطيران كان الإحتلال الأمريكي للعراق في آذار/ مارس 2003.
قدمت كل دول المنطقة الدعم اللوجسيتي والعسكري لإمريكا في غزو العراق ماعدا إيران وسوريا.
سوريا بالتحديد وبعد سنوات ثلاث من إستلامه السلطة جاء كولين باول وزير خارجية الولايات المتحدة ليحذر الرئيس بشار الاسد من معارضة إحتلال العراق.
بطبيعة الحال رفض الأسد هذه التهديدات ومضي قدما في رفض الغزو بل ودعم المقاومة العراقية في تصديها للقوات المعتدية.
لم يتأخر الرد الأمريكي إذ أنه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2003 صدر قانون (محاسبة سوريا) من الكونجرس وصدًق عليه جورج بوش الإبن بفرض عقوبات على سوريا.
كانت المقاومة اللبنانية في تلك السنوات تعرف أن العدو بعد أن ينتهي من العراق سيحاول القضاء عليها بعد أن أصبحت رقما صعبا في معادلة الصراع العربي الصهيوني وبعد أن ضربت المثل أن تحرير الإرض بالكفاح المسلح ممكنآ دون الإعتراف بالعدو ودون توقيع إتفاق سلام مذل ومهين ودون إستلام آراضيه منوعة السلاح ومنتهكة السيادة.
في 12 تموز/ يوليو من العام 2006 وقعت عملية الوعد الصادق إذ قام المقاتلون بأسر إثنين من جنود العدو وأعلن السيد حسن نصر الله أنه هو من أصدر تعليمات أسر الجنود وأنه لا قوة في الكون قادرة على تحريرهما الا بعد مفاوضات غير مباشرة يفرج الصهاينة على إثرها عن أسرى المقاومة ويعيدون رفات الشهداء.
وبطبيعة الحال قامت الأنظمة العربية التي لم تتعلم من درس إنتصار أيار/ مايو 2000 بالحديث عن جماعة من اللبنانين يستفزون العدو وأنهم يقومون بمغامرات غير محسوبة وهناك من صرًح أنه لا يستطيع أن يضع يديه في فم الأسد (هكذا).
وشنً العدو عدوانه الذي إستمر ثلاثة وثلاثين يوما تسًمر العرب أمام شاشات الإخبار وكلهم رجاء أن ينتصر حزب الله.
أذكر مع بدء العدوان خرجت علينا كوندليزا رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة تبشر سكان المنطقة العربية بأن مخاضا سيولد على إثره نظام إقليمي جديد هو الشرق الأوسط الكبير وكأنها متأكدة أن النصر حليف الصهاينة.
ورأينا بكل فخر المعارك مباشرة على شاشات المنار والجزيرة وقتها وأذكر كيف تملكني الرعب وأنا أرى دبابات الميركافا تحتشد على الحدود اللبنانية تستعد لإجتياح لبنان ثم رأيت هذه الدبابات في وادي الحجير وهي تدمر وتحترق وينتصر مرة أخرى رجال الله في لبنان.
كيف ننسى الخطبة الشهيرة للسيد حسن نصر الله وهو يخاطب شعب لبنان وشعوب الأمة العربية والإسلامية أن العدو سينهزم وأن المدمرة (ساعر) التي تقصف بيروت في عرض البحر ترونها الآن تحترق بصواريخ المقاومة.
ياإلهي أي شعور بالعزة والكرامة والمجد والفخار ثم تتوالي إنتصارات المقاومة بضرب المغتصبات في فلسطين المحتلة ويدرك العدو أن عدوانه فاشل
هل ننسي ذلك الخطاب العاطفي المؤثر الذي أبكانا والسيد حسن نصر الله موجهآ خطابه للمقاتلين يقول ( أشرف الناس وأطهر الناس) أقبًل رؤوسكم التي أعلت كل رأس وأقبًل أياديكم القابضة علي الزناد أنتم الوعد الصادق وأنتم النصر الإلهي.
كيف ننسي خروج الجماهير العربية في كل مكان تحمل صور السيد حسن نصر الله تتغني بإنتصار المقاومة وهزيمة العدو.
إثني عشر عاماً مرت على إنتصار المقاومة تلك التي أقامت الحجة على دعاة الإستسلام والإنبطاح حاولوا تشويها وتقزيم قدراتها مرات عدة.
كانت الخسارة الكبيرة في شباط/ فبراير 2008 إذ إستشهد القائد عماد مغنية وأذكر كيف كان حزننا عليه كبير..
إثني عشر عاما مرت وقدرات المقاومة تتزايد وخبراتها القتالية تنمو خاصة بعد الإشتراك في حلف المقاومة ضد أدوات الصهاينة والامريكان في سوريا.
صار حزب الله والمقاومة رمزاً من رموز حركات التحرر الإنساني كله بما قدمه من تضحيات ونموذجا يحتذي لكل المتطلعين للحرية.
تحية للمقاومة في عيدها وعيدنا.
شريف عبد البديع عبد الله