ارشيف من :مقالات
طرابلس الخاسر الأكبر في الحصة الوزارية.. والحريري السبب
ستون يوماً، مروا على تكليف رئيس الحكومة سعد الحريري، وحتى الساعة لم يتمكن دولته من وضع صيغة وزارية أولية للحكومة الجديدة، في ظل ما يشاع عن عُقد يفرضها الأفرقاء السياسيون، ومن أبرزها تلك التي يشكلها الرئيس الحريري نفسه، ومن خلفه تيار المستقبل، عبر رفضهم توزير أي شخصية سنية معارضة لهم، وهم يريدون استكمال مسيرة الاستئثار بتمثيل الطائفة السنية وحدهم دون غيرهم.
إبان الانتخابات النيابية الأخيرة، خسر تيار" المستقبل" 10 من النواب السنة، أي ما يفوق 40% من عدد النواب السنة في مجلس النواب، تلك النتيجة كانت تعبيراً واضحاً لفشل "التيار الأزرق" في المحافظة على زعامة الطائفة التي بقيت تحت عباءته طوال خمسة عشر عاماً، مارس خلالها أبشع أنواع التطرف السياسي، وحاول إقفال العديد من البيوت السياسية السنية، الا انه لم ينجح. ومع إقرار القانون النسبي، نجح كل فريق في إثبات نفسه حسب حجمه الطبيعي، ما استدعى فرض قواعد سياسية جديدة، خصوصاً على مستوى التمثيل الحكومي، وباتت أبرز المطالب: "حق النواب السنة العشرة المطالبة بحصة وزارية مؤلفة من وزيرين، إذا ما اعتمدت قاعدة وزير لكل أربعة نواب".
لا شك ان عقدة التمثيل السني باتت تفرض نفسها كإحدى العقد الأساسية التي تحول دون تشكيل الحكومة، ويأتي حرص النواب العشرة في حجز وزير سني لهم في الحكومة الجديدة، كمحاولة منهم لكسر الحصرية والاستئثار بالطائفة السنية التي مارسها التيار الأزرق منذ عام 2005 الى 2018. وبذلك تكون الانتخابات الأخيرة، قد أعادت جزءاً من النصاب الى مكانه، وتمكن عشرة نواب سنة من اختراق أسوار المستقبل الحكومية، وبعدما نجح كل منهم بالفوز بحيثيته واصواته، خاصة الصوت التفضيلي كونه حدد الاحجام بدقة واضحة، وبالتالي لم يعد التيار الأزرق يمتلك حق ممارسة الحصرية بالسلطة بعد خسارته اكثر من 40 في المئة من اصوات الناخبين السنة.
ما يجمع النواب العشرة اليوم، هو نفسه ما جمعهم سابقاً، "المواجهة مع تيار المستقبل"، الذي لم يوفر فرصة، الا وانقض فيها على معارضيه محاولاً إلغاؤهم، وهو ما تؤكده لقاءات واجتماعات النواب المعارضين له، وهم باتوا يصرون وبقوة، ان يكون لهم صوت ودور في الحياة السياسية في البلد، وأن سعي المستقبل لإلغائهم، هو المبرر الذي دفعهم كي يكونوا موجودين".
طرابلس أكثر المتضررين من تعنت الحريري؟
بالعودة الى الانتخابات النيابية، فقد أثبتت النتائج، أن أبرز الخاسرين هو تيار المستقبل، بعدما خسر قرابة 6 نواب من أصل 11 في دائرة (طرابلس المنية الضنية)، في المقابل نجحت القوى السياسية المعارضة، والمتمثلة (بالرئيس نجيب ميقاتي، والنائب فيصل كرامي) في طرابلس (والنائب جهاد الصمد في الضنية) بإعادة إثبات وجودها السياسي، بعد فترة غياب قسري استمرت أكثر من 15 عاماً.
هذا التغيير السياسي، أعاد الحق لأبناء المدينة المعارضين للمستقبل، ولكن في ظل ما يمارسه الرئيس الحريري، من تعنت، بالامتناع عن إعطاء حصة وزارية لمعارضيه السنة، سيمنع التمثيل الوزاري عن جزء كبير منهم، ولذلك تصف مصادر مطلعة في طرابلس: "أن الرئيس الحريري يكابر في الاعتراف بشركائه في الطائفة، فالرفض شيء والمكابرة شيء آخر، لكن كل ذلك لا يحول دون الاعتراف بمعارضيه كمكون أساسي في مجلس النواب لهم حيثيتهم وحضورهم السياسي والشعبي، وبالتالي اذا ما ارادوا تطبيق معيار حكومة الوحدة الوطنية فيجب أن تشمل الجميع".
بالعودة الى الشارع الطرابلسي، بدأت تتداول معلومات أو ما يشابه التمنيات، عن إمكانية أن تحظى المدينة بثلاثة وزراء في الحكومة الجديدة، (وزير لتيار المستقبل، ووزير للرئيس ميقاتي، واخر عن التكتل الوطني والذي يرجح أن يكون الوزير فيصل كرامي)، ولكن ماذا إذا استمر الرئيس الحريري في تعنته؟ هل سيحرم المدينة من الحصة الوزارية الأكبر؟ ليقتصر تمثيلها على وزير واحد يمثل المستقبل؟
مصادر الوزير فيصل كرامي، تحدثت لموقع "العهد"، حيث أشارت الى أن "اللقاء الأخير الذي جمع ستة نواب سنة، كان يتحدث باسم كل النواب السنة الذين ممن هم خارج عباءة المستقبل، وهو لا يمكن تسميته كتلة نيابية، إنما أتى للرد على كلام انه لا يوجد سنّة في الحكومة غير سنّة المستقبل، وهدفنا كان توضيح المشهد أننا نواب سنة، وأن تيار المستقبل لم يعُد يمثل الطائفة السنية كما كان سابقاً، حيث بات تمثيله اليوم يشكل ثلثي الطائفة السنية، ونحن نمثل ثلث هذه الطائفة".
وعن رفض الرئيس الحريري حضورهم في الحكومة، قالت مصادر كرامي: "مطالبنا الواضحة، التمثل في الحكومة بوزيرين، هو حق لنا لمواجهة الاستئثار والإلغاء بحق السنة واستعادة حقنا في السلطة"، وإذا لم يوافق الرئيس المكلف على حضورنا في الحكومة، سننتقل الى ضفة المعارضة للحكومة ورئيسها.