ارشيف من :مقالات

’جواد’ رفيق روضة الشهداء.. شهيداً

 ’جواد’ رفيق روضة الشهداء.. شهيداً

"آخر عناق، كان مختلفاً.. كانت رائحة حسين مختلفة، حتى عيناه.. كان بريقهما مختلفاً!"

كان ذلك اللقاء الأخير بينهما، يروي رفيق الشهيد هذه اللحظة: "عانقني كما كل مرة يذهب فيها الى ساحات الجهاد"، لكنه سرعان ما يستدرك: "هذه المرة كان العناق غير، كان أعمق، وكان أكثر من مجرد عناق، إنه الوداع الأخير".

 ’جواد’ رفيق روضة الشهداء.. شهيداً

رحلة الجهاد هذه المرة الى الجرود اللبنانية، حيث الإرهاب يتربص ويتحصن في تلال ووديان يونين وعرسال، ويتدبر قتلا وتهديدا، و"حسين" الذي لم يتأخر مرة عن المواجهة، من حلب الى الشام والسلسلة، حيث يجب أن يكون كان.

عمر الورد كان عمره.. بالورد تشبّه أم الشهيد عمر "الولد المدلل عندها"

ثلاثة أيام من النزال، و"جواد" يجود بأجمل فصول القتال، ويكتب اسمه على صخور الجبال، مقاوماً، مجاهداً، ومعانداً لمن عاداه. لكن "الله اختار له أفضل أيام الأعمال في سبيله - يوم الجمعة - ليكرمه بشهادة تمناها وأرادها بلا تردد ولا خوف" تقول أخته "حسين زهير سليم - جواد" شهيداً، مع الشهداء.

عاشق الروضة.. عاد إليها

عمر الورد كان عمره.. بالورد تشبّه أم الشهيد عمر "الولد المدلل عندها"، والذي لم تتجاوز سني عمره الثماني عشرة. تتعثر في الكلام عنه: "ماذا أقول عنه؟". تعدد صفاته الشخصية الراقية. هادئ، مبتسم، لطيف، مرن، حنون، ثم تعدّل في نبرة صوتها لتعلن لنا كم كان "جميلاً". تغيب في شرود وهي تستعيد أيام شهيدها. ربما تذهب اليه اشتياقاً.

 ’جواد’ رفيق روضة الشهداء.. شهيداً

ثم تنقل عنه ما أخبرها به رفاقه قبل استشهاده، عندما ذهب الى روضة الشهيدين: "ما الغريب، حسين دائماً يذهب الى الروضة؟" تسأل الأم الرفاق، فيرد أحدهم: "لكنه في تلك المرة حضن ضريح رفيقه الشهيد علي ترحيني وبكى، وقطع له وعداً علنياً بأنه ذاهب اليه قريباً".  تنهي أحداث هذه القصة بابتسامة، وكأنها تتلمس رضى ابنها عن نفسه، بنيل مراده. ثم تحمد الله على عظيم إرادته.

كان يلهج لسانه بالشهادة

تكمل أخت الشهيد "جواد" من حيث انتهت الأم: "ليس لأنه استشهد، لكن فعلاً كان مثالاً للشباب" تقول، ثم تحاول أن تنقل لنا وقع شخصه عند أمه: "تهتز أمي وجوارحها عند ذكر اسمه".

تروي الأخت تفصيل آخر مرة زارها قبل الاستشهاد: "جلسنا لأكثر من 4 ساعات، لم يفعل ذلك من قبل. استعدنا أيام الطفولة، ضحكنا كثيراً، شربنا القهوة سوياً. لا أنسى كم كان فرحاً، وأنا كذلك".

 ’جواد’ رفيق روضة الشهداء.. شهيداً

فرحة الأخت، تتبدل عندما تتحسر لأنها لم تره قبيل الشهادة، تقول "كان مرحاً ومحترماً ومحباً لنا ولرفاقه".. وينتهي الكلام.

.. والغبيري تشهد له

يجيد "علي" - أخ الشهيد - استحضار بعض تفاصيل شخصيته وسلوكه: "كان يبادر الى الاعتذار من رفاقه اذا أخطأ بحق أحدهم، وكان لا ينام إلا ليصلح أمرهم عند وقوع خلاف أو اختلاف".

يخصص بعض الكلام عن قلب أخيه "جواد" الطيب، وأخلاقه العالية ونفسه المتسامحة، يستتبع ذلك بعبارة تأكيد وهي: "الغبيري كلها تشهد لـ"جواد" بهذه الصفات". ثم ينقل عنه، رؤية - منام، أنبأته قبل استشهاده بـ "رزقة"، فكان أن رزقه الله.. شهادة.

يجمع الأهل والرفاق أن دليل "جواد" كان قلبه، بأنه شهيد وأن ألم الفراق لا يبدده إلا رفيع المقام الذي ناله، بأن زرع دمه في أرض انبتت نصراً زهرياً، وانهزاماً للإرهاب.

2018-07-23